نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
تفاوض أميركي - إيراني تحت التهديد الإسرائيلي - تكنو بلس, اليوم الاثنين 21 أبريل 2025 05:34 صباحاً
يريد دونالد ترامب إيران "عظيمة ومزدهرة ورائعة"، لكن من دون سلاح نووي، كذلك يريدها المرشد علي خامنئي، لكن من دون عقوبات. توحي طهران بأنها استطاعت أن تُقصر المفاوضات - حتى الآن - على الشأن النووي، لكنها لا تزال في بداياتها. إذا صحّ ذلك ومع افتراض قبول واشنطن بالتفاوض في هذا الملف حصراً، فإنها في هذه الحال قد تصرّ على طلبها المعلن، أي على "تفكيك" البرنامج النووي، وهو ما صنّفته طهران "خطاً أحمر" بما في ذلك مواصلة تخصيب اليورانيوم، بالإضافة إلى "خطوط حمر" عدة تتعلق بالصواريخ والنفوذ الإقليمي لإيران.
وإذا صحّ أيضاً هذا الشرط الإيراني، فإنه لن يلبي الأهداف الحقيقية لترامب وصقور إدارته من كلّ العملية التفاوضية. فهو لم ينسحب من اتفاق 2015 بسبب بنود فنيّة - تقنية فحسب، بل لأنه رضخ لاشتراط تفاوضٍ نوويٍ بحتٍ ولم يتضمّن أي قيود تشمل البرنامج الصاروخي والسياسات الإقليمية، بل الأهم لأن ترامب رأى تدفق التعاقدات الإيرانية مع الدول الخمس الموقّعة على الاتفاق ولم يجد فيه أي "مصالح" أميركية، إذ كان المرشد أقصى احتمال فتح اقتصاد بلاده أمام الشركات الأميركية. وعلى رغم أن الرئيس الإيراني ومستشارين للمرشد لمّحوا أخيراً إلى ترحيب محتمل بالاستثمارات الأميركية التي تحتاج إليها إيران بشدّة، إلا أنهم ظلّوا في مربع الحذر لعلمهم بأن هذه الاستثمارات لا تأتي إلا بشروط محدّدة ينبغي أن يتأهل لها البلد المتلقّي.
في أي حال، سيبقى حلّ اشكالات الجانب النووي من الاتفاق المفترض خطوة أساسية بالنسبة إلى إيران كي تطالب بتقليص أوليّ للعقوبات، خصوصاً تلك التي تقيّد صادرات النفط، وهو ما أقدمت عليه إدارة جو بايدن بمنح استثناءات لم يعلن عنها. بعض ملامح سيناريوات التفاوض تذكّر بما سبق أن طُرح ونوقش في مراحل سابقة، وبما أن إيران أعادت تنشيط برنامجها النووي منذ أواخر 2018، متحرّرة من اتفاق 2015 بقانون أقرّه البرلمان، فإن جانباً مهماً من التفاوض سيدور حول نسب التخصيب التي كانت محددة بـ3.67 % لكنها رُفعت الى 60%، بالإضافة الى أجهزة الطرد المركزي التي جرى تحديثها خلافاً للمواصفات الواردة في الاتفاق السابق، وكذلك ما يتعلق بالمدة الزمنية للاتفاق (10-15عاماً أو أكثر)، كما يُتوقّع أن يطول النقاش حول تشديد الرقابة الدائمة التي تحتاج طهران إلى التزامها بدقة في نشاطاتها إذا كانت حريصة على حسم الجدل حول الطبيعة "المدنية/ السلمية" لبرنامجها النووي.
لم تُكشف أي صيغة لمسودة اتفاق ذُكر أن إدارة بايدن وإيران أنجزتاه عام 2022- 2023 وتوصلتا فيه إلى حلّ أكثر من 90 في المئة من الخلافات، ولم يبقَ سوى "الضمانات" التي أصرّت عليها طهران ولم تتمكّن واشنطن من توفيرها. ومن ذلك مثلاً المطالبة بالتزام موثّق يمنع أي إدارة أميركية مقبلة من الانسحاب من الاتفاق، والمطالبة أيضاً برفع العقوبات المفروضة على الحرس الثوري الإيراني وبشطب اسمه من قائمة المنظمات الإرهابية (أبدت الإدارة استعداداً لتلبية ذلك لكن مع استثناء "فيلق القدس" بسبب نشاطه خارج إيران، كما رفضت شطب "حزب الله" من القائمة إسوة بما فعلته آنذاك حيال الحوثيين).
لم تقل إدارة ترامب إنها تستند في المفاوضات إلى مسوّدة إدارة بايدن، التي صيغت بهدف "منع إيران من امتلاك سلاح نووي"، لكن الحديث عن فترة شهرين للتفاوض يعني إمكان اعتماد تلك المسوّدة والبناء عليها مع تعديلات. ومع أن طهران تدرك أن إدارة ترامب لن تمنحها أي نوع من الضمانات، إلا أنها ستصرّ عليها، ما يمكن أن يعقّد التفاوض أو يطيله، وبالتالي يخاطر باحتمال فشله.
الفارق شاسع بين ظروف التفاوض قبل عشرة أو ثلاثة أعوام وبين ظروف التفاوض الآن، فإيران 2015 أو 2022 لم تعد قادرة على فرض شروطها وإذا حاولت ستخسر أكثر، وفي المقابل لم تعد الإدارة الأميركية متحفّظة في تلويحها بالخيار العسكري، بل إن ترامب يهدّد به بوتيرة شبه يومية، إلى أن قال أخيراً إنه ليس "في عجلة من أمره" للذهاب إلى ذلك الخيار. كان يعلّق بهذه الصيغة على ما كُشف من انقسامات داخل إدارته بين مؤيدين ومعارضين لضربة إسرائيلية لإيران أولاً، أو للتفاوض أولاً وفي حال فشله يمكن أن تأتي الضربة. في إسرائيل اشتباهٌ بأن بنيامين نتنياهو هو من سرّب خبر الانقسامات إلى "نيويورك تايمز" كي يبقي التهديد مسلطاً فوق المفاوضات، وقد يتجاهلها وينفّذه، ثم إنه لن يقبل أي اتفاق يبقي على البرنامج النووي مهما شُدّدت القيود عليه. لكن المؤكّد أن ترامب لا يسعى إلى اتفاق بصيغة أوباما أو بايدن، وإذا حصل على المكاسب التي يتطلّع إليها فإنه قادر على لجم نتنياهو أو يرضيه في غزّة والضفة الغربية.
0 تعليق