نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
رحلة إلى قرى التلال بجورجيا: حيث البساطة تحاكي الجمال - تكنو بلس, اليوم الاثنين 21 أبريل 2025 10:08 صباحاً
في قلب جبال القوقاز الرائعة، تمتد قرى التلال في جورجيا كأنها لوحات مرسومة بأنامل الطبيعة، حيث تتعانق البساطة مع الجمال في مشهد يأسر كل من تطأ قدماه تلك الأرض. لا تزال هذه القرى محتفظة بنمط الحياة التقليدي، بعيدًا عن ضجيج المدن وتسارع العصر الحديث، لتمنح الزائر تجربة أصيلة تمزج بين كرم الضيافة القوقازي والمناظر الطبيعية البكر.
تمتاز قرى التلال بتنوعها الثقافي والمعماري، وتاريخها العريق الذي يُروى من خلال الأحجار القديمة، والأسوار الحجرية، والمنازل الخشبية المطلة على الوديان والأنهار المتدفقة. الرحلة إلى تلك القرى ليست مجرد نزهة، بل هي غوص في عمق روح البلاد، ولقاء مع الزمن الذي لا يزال ينبض في كل تفصيلة من تفاصيل الحياة اليومية.
سغناغي ومارتفيلي وأوشغولي: جواهر في حضن الجبال
من أشهر قرى التلال التي ينصح بزيارتها في جورجيا، بلدة سغناغي في منطقة كاخيتي، المعروفة باسم "مدينة الحب"، لما تتمتع به من إطلالات بانورامية على وادي ألازاني وسلاسل القوقاز المغطاة بالثلوج. تتميز سغناغي بأسوارها القديمة ومنازلها ذات الشرفات الخشبية المزخرفة، ومناخها الرومانسي الذي جعل منها وجهة مثالية للباحثين عن الهدوء والجمال في آن واحد.
أما قرية مارتفيلي، الواقعة غرب جورجيا، فتعانقها الوديان الخضراء والشلالات، وتُعرف بكانيو مارتفيلي الرائع، وهو ممر طبيعي تتدفق فيه المياه الصافية بين الجبال، ويُعدّ من أجمل المناطق للتجديف والتقاط الصور الطبيعية الخلابة.
ولا يمكن الحديث عن قرى التلال دون ذكر أوشغولي، أعلى قرية مأهولة في أوروبا، والتي تقع في منطقة سفانيتي التاريخية. ترتفع أوشغولي لأكثر من 2200 متر فوق سطح البحر، وتحتضن برج الحراسة الشهير الذي يعود للقرون الوسطى، وتُعدّ جوهرة منسية بين الجبال، حيث يمكن مشاهدة قمم جبل شخارا المغطاة بالثلوج، في لوحة طبيعية لا تُنسى.
تنوع ثقافي وطعام تقليدي يعكس عمق الجذور
لا تقتصر جاذبية قرى التلال في جورجيا على المناظر الطبيعية وحدها، بل تمتد إلى غناها الثقافي وتقاليدها اليومية التي لا تزال حية رغم مرور الزمن. فاللغة السفانية في بعض القرى ما زالت تُتداول، إلى جانب العادات التي توارثها السكان عبر الأجيال، ومنها تقاليد الغناء الجماعي والطهي الجماعي خلال المناسبات.
المطبخ حاضر بقوة في كل قرية، حيث تقدم العائلات المحلية أطباقًا منزلية تقليدية مثل الخينكالي (زلابية محشوة باللحم أو الجبن)، والخبز التنوري، والجبن المصنوع يدويًا، ونبيذ كاخيتي المخمّر تقليديًا في الجرار الفخارية. تناول الطعام في هذه القرى ليس مجرد تجربة تذوق، بل هو فعل اجتماعي يعكس دفء العلاقات وبساطة الروح.
تجربة تلامس الروح وتعيد تعريف الهدوء
الرحلة إلى قرى التلال في جورجيا تختلف تمامًا عن أي وجهة سياحية تقليدية، فهي تجربة تلامس القلب وتُعيد تعريف مفهوم الجمال. هنا لا توجد فنادق فاخرة أو مجمعات تجارية، بل بيوت ضيافة ريفية، وسكان يرحبون بالغرباء كأنهم أبناء البلد، ومشي بين المزارع والغابات حيث كل زهرة وكل جدول ماء يحمل حكاية.
إنها الأماكن التي تجعل الزائر يعيد التفكير في معنى الحياة، ويقدّر التفاصيل الصغيرة التي كانت تغيب عنه. فالهدوء هنا ليس صمتًا، بل لغة تنطق بها الطبيعة، والبطء ليس تأخرًا، بل تناغم مع الإيقاع الحقيقي للحياة.
قرى التلال ليست مجرد محطات في رحلة، بل هي محطات في الذاكرة، حيث يلتقي الإنسان مع الأرض والتاريخ والبساطة، ليكتشف أن الجمال الحقيقي قد يوجد في الأماكن التي لم تفسدها الحداثة، بل احتفظت بصدقها وأصالتها.
0 تعليق