كتبت.. آلاء محمدي

عاد فيلم آلام المسيح للمخرج المثير للجدل ميل جيبسون ليطل برأسه مجدداً على جمهور واسع عبر منصة "نتفليكس" العالمية، وهذه العودة الرقمية أشعلت فتيل النقاشات القديمة حول العمل السينمائي الذي يغوص بعمق في الساعات الأخيرة من حياة يسوع المسيح، بدءاً من لحظات الخيانة المروعة على يد أحد أقرب تلاميذه، مروراً بمحاكمته الصورية، وصولًا إلى مشهد الصلب المؤلم في أرض فلسطين المقدسة.

عرض فيلم آلام المسيح على نتفليكس

يعرض فيلم آلام المسيح على منصة نتفليكس ومنع عرضه في الشرق الأوسط، وهو الذي  تولى ميل جيبسون مهمة إخراجه وإنتاجه وكتابة السيناريو له، لم يكن مجرد عمل فني عابر، واستطاع أن يحصد ثلاث ترشيحات مرموقة لجوائز الأوسكار، مؤكداً على قيمته السينمائية وقدرته على التأثير.

ويصنف الفيلم كواحد من أبرز الأعمال التي تجرأت على اقتحام منطقة حساسة وملتهبة، وهي تصوير قصة دينية مركزية من منظور درامي واقعي وحاد، لم يتردد في إظهار تفاصيل العنف والمعاناة التي قيل إن المسيح قد تحملها.

سبب منع عرض فيلم آلام المسيح في الشرق الأوسط

استطاع فيلم آلام المسيح على الرغم من الجدل العميق الذي أثاره أن يحقق نجاحاً تجارياً هائلاً، ليتربع على عرش الأفلام ذات الطابع الديني من حيث الإيرادات، وفي أول يومين فقط من عرضه في دور السينما العالمية، تجاوزت إيراداته حاجز الثلاثين مليون دولار، وهو رقم قياسي يعكس الاهتمام الكبير الذي أثاره الفيلم لدى الجمهور.

ولكن هذا النجاح العالمي لم يترجم إلى عرض واسع في منطقة الشرق الأوسط، ومنع عرض الفيلم في معظم الدول العربية والإسلامية، وذلك استناداً إلى التحريم الديني لتجسيد الأنبياء والرسل في الأعمال الفنية المرئية، وهذا المنع يعكس حساسية بالغة تجاه تصوير الشخصيات الدينية المقدسة في الثقافة الإسلامية، وحرصاً على عدم المساس بمكانتهم الروحية أو تقديم صور قد لا تتفق مع التصورات الدينية الراسخة.

قصة فيلم آلام المسيح

تدور أحداث الفيلم في العام الثلاثين للميلاد في فلسطين التي كانت ترزح آنذاك تحت نير الحكم الروماني، وفي هذا السياق التاريخي والسياسي المضطرب، يظهر يسوع الناصري كشخصية محورية، يبشر بتعاليم دينية جديدة تتحدى الأعراف والتقاليد السائدة في كل من الديانة اليهودية والوثنية الرومانية، وكان الشعب اليهودي في تلك الحقبة الزمنية يعيش على وقع ترقب شديد لقدوم "المسيا" المنتظر، الشخصية المخلصة التي كانوا يؤمنون بأنها ستعيد لهم أمجاد مملكتهم الغابرة وتطهر أرضهم من براثن الاحتلال والهزائم المتكررة.

ورأى الكثيرون في يسوع المسيح المنتظر خاصة في مناطق الجليل واليهودية، حيث التف حوله حشود غفيرة من عامة الناس، بالإضافة إلى دائرة ضيقة من تلاميذه المقربين والذين بلغ عددهم اثني عشر، ولكن في المقابل لم يرق هذا الصعود المتزايد لشعبية يسوع لبعض القيادات الدينية النافذة آنذاك.

وتصاعد العداء والتحفظ من قبل بعض الكهنة والفريسيين الذين كانوا أعضاءً في "السنهدرين"، وهو المجلس اليهودي الأعلى الذي يتمتع بنفوذ ديني وسياسي كبير، ورأى هؤلاء القادة في تعاليم يسوع تهديداً مباشراً لسلطتهم الدينية ومكانتهم الاجتماعية، خشية من أن يؤدي اتباعه المتزايد إلى زعزعة النظام القائم وتقويض نفوذهم.