يالطا جديدة… (2) - تكنو بلس

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
يالطا جديدة… (2) - تكنو بلس, اليوم الثلاثاء 22 أبريل 2025 06:31 مساءً

إبرهيم الضاهر
وزير سابق

قبل ثلاث سنوات، نشرتُ في جريدة "النهار" مقالًا بعنوان "نحو يالطا المرتقبة مع غياب الرؤية الموحدة"، توقّعتُ فيه أن حل الوضع الصراعي في المنطقة يبدو متجها نحو ترتيب جديد على غرار يالطا. 
اتفاقات يالطا، وتحديدًا تلك التي تم التمهيد لها في موسكو، لم تكن تهدف، بخلاف اتفاقية سايكس بيكو، إلى تقسيم مناطق النفوذ الحصرية (باستثناء ألمانيا)، بل إلى تنظيم مناطق نفوذ مشتركة بنسب متفاوتة بين القوى الغربية والسوفياتية في كل دولة.
إن تشابك المصالح وتعقيد الرهانات بالنسبة إلى كل الأطراف المعنية يجعل من هذا التوجّه أمرا مرجّحا أكثر فأكثر في مناطقنا.

عند سؤاله عن رؤيته للمنطقة للعشرين سنة المقبلة، أجاب أحد أبرز العارفين بالسياسة الأميركية والغربية عام 2001 بأنه لا يرى سوى ثلاث قوى إقليمية مؤثرة: تركيا، إيران، وإسرائيل، في حين تبقى الولايات المتحدة القوة العالمية المهيمنة.

عاد هذا الجواب ليطرق ذهني بقوة عندما شاهدت على إحدى القنوات خريطة عرضها بعض القادة الإسرائيليين تُظهر مناطق النفوذ التي يرونها في سوريا بين إسرائيل وتركيا، وتحت المظلة الأميركية. لم يُذكر أي نفوذ عربي، سوى جيب صغير مخصص للتيار الإسلامي، بعيدا من تمثيل العالم العربي. وبهذا، تمزّقت سوريا "قلب العروبة النابض"، عاصمة الأمويين، وتم إخراجها من التاريخ.

لا يزال وزن إيران غير محسوم حتى الآن، ويتوقف على تطور الاتصالات المعقدة التي تجريها قيادتها مع الإدارة الأميركية، التي نجحت من جهتها، بسبب حرب أوكرانيا، في احتواء روسيا خليفة الاتحاد السوفياتي.

وفي ظل هذا الواقع، يتميز المشهد اللبناني والعربي بثابتة واحدة هي الانقسام.

في حين يبقى الشرط الأساسي لتفادي أن تُعقد الاتفاقات على حسابهم – وحسابنا – هو وحدة الرؤية والتضامن الوطني والداخلي، ها نحن نعرض بما يدعو للعجب، أسوأ المشاهد عن انقساماتنا العمودية والأفقية، على الصعيدين الوطني والعربي.

مشهد مؤلم، إذ يسعى كل طرف إلى تحقيق انتصار على خصومه، سواء داخليا أو إقليميا، عبر الاستعانة بالقوى الكبرى المتنافسة على الهيمنة، غير مدرك أن هذه المواقف تكرّس نهاية دوره.

ومهما كان الرأي في سوريا ونظامها السابق أو المقبل، فإن زوالها يشكل خسارة كبيرة للقضية العربية، ولتاريخ المسيحيين الأوائل، ولتاريخ الإمبراطورية الإسلامية ككل. والابتهاج بزوالها بدافع الانتقام من النظام السابق هو قصر نظر، ولا يؤدي إلا إلى تعزيز خروج العالم العربي من التاريخ الآتي. وكذلك الأمر بالنسبة إلى الانقسام اللبناني الداخلي، رغم العداوات القائمة بين الفصائل، وجراح الحرب التي لم تندمل بعد، سواء من الحرب الاهلية أو من الحقبة السورية أو من المواجهات الأخيرة مع إسرائيل.

ألا يجدر بنا أن نتذكّركيف تعالت كل من فرنسا وألمانيا عن رواسب ٨٠ عاما من الحروب الدموية، لبناء المحور الفرنسي-الألماني الذي شكل قلب الدورالاوروبي واليقظة الاتحادية بعد نهاية الحرب العالمية الثانية؟

صحيح أنه كان زمن العمالقة أمثال ديغول وأديناور اللذين تمكنا من النظر إلى ما بعد الجراح الدامية وبناء مستقبلٍ خلاصي.

لكن، وإن كنا نفتقر إلى العمالقة اليوم، فإننا لا نفتقر إلى رجال أصحاب شخصية ورؤية.

في الخلاصة، وبالنسبة إلى لبنان، فإن باب الخلاص الضيق يمرّ من خلال الوحدة والالتفاف حول رئيس الجمهورية.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق