على الرغم من التشابه الظاهري الذي يجمعه بالكلاب والثعالب والقيوط والذئاب، إلا أن ابن آوى يمثل سلالة فريدة ومستقلة بذاتها، تنتشر في قارات أفريقيا وأوروبا وآسيا. وقد أظهرت الدراسات العلمية الحديثة أن بعض الحيوانات التي يطلق عليها اسم "ابن آوى" في قارات أخرى ليست مرتبطة به ارتباطا وثيقا كما كان يعتقد في السابق.

على سبيل المثال، ينظر إلى حيوان الدينغو الأسترالي غالبا على أنه من فصيلة ابن آوى، إلا أنه وعلى الرغم من وجود أسلاف مشتركة بعيدة، يصنف الدينغو كنوع منفصل ومتميز. كذلك الأمر بالنسبة للثعالب والذئاب، إذ يعتقد البعض أنها نفسها ابن آوى، وهذا غير حقيقي بالمرة.

من هذا المنطلق، يأتي اليوم العالمي لابن آوى ليمنحنا فرصة رائعة للتعمق في عالم هذا الحيوان الغامض الذي قد يبدو مألوفا للبعض، ولكنه غالبا ما يساء فهم طبيعته وسلوكه. وفي التقرير التالي، نستعرض كل ما تريد معرفته عن ابن آوى، سلوكياته وخصائصه والفرق بينه وبين الثعلب والذئب.

يتساءل كثيرون: لماذا سمي ابن آوى بهذا الاسم؟ وفي الواقع، يحمل اسم ابن آوى في طياته دلالات لغوية وثقافية عميقة. في السطور التالية، نستكشفها معا:

الدلالة اللغوية

ينقسم الاسم إلى جزأين: "ابن" و"آوى". وفي اللغة العربية تأتي كلمة "ابن" بمعنى "ولد" أو "صغير". أما كلمة "آوى" فهي فعل ماضٍ يعني "لجأ" أو "انضم" أو "سكن". وبناء على هذا التحليل اللغوي، يمكن فهم اسم "ابن آوى" على أنه "ابن المأوى" أو الملجأ.

ويشير هذا التفسير إلى طبيعة هذا الحيوان الذي غالبا ما يبحث عن مأوى أو مسكن له ولصغاره في الجحور أو بين الصخور.

الارتباط بالصوت والعواء

هناك تفسير آخر محتمل يربط بين لقب "آوى" وصوت عواء هذا الحيوان المميز. يحمل فعل "آوى" في اللغة العربية أيضا دلالة صوتية، حيث يمكن أن يرتبط بصوت الأنين أو العويل. وابن آوى معروف بعوائه الحاد والمميز الذي يستخدمه للتواصل مع أفراد قطيعه أو لتحديد منطقته.

بالتالي، يمكن أن يكون اسم ابن آوى منح إليه نتيجة هذا الصوت المميز الذي يصدره. كما لو كان العرب أطلقوا عليه هذا الاسم عندما سمعوا صوته، كدلالة عليه.

على الرغم من أن هذه التفسيرات تقدم بعض الرؤى المحتملة التي تحاول تفسير أصل تسمية "ابن آوى"، إلا أنه من الصعب الجزم بالتفسير الأصلي أو الوحيد لهذا الاسم أو اللقب، رغم مرور قرون طويلة على استخدامه.

يبدو أن هناك تشابها ظاهريا يمكن أن يلاحظه البعض بين الثعلب وابن آوى، لكن هذا لا يعني إطلاقا أنهما نفس الحيوان. ما يجمع بينهما فقط هو أن ابن آوى والثعلب ينتمي كل منهما إلى عائلة الكلبيات  (Canidae)، وهي نفس العائلة التي تضم أيضا الذئاب والكلاب المنزلية.

يعني هذا أن ابن آوى والثعلب يشتركان في سلف مشترك بعيد، لكنهما ينتميان إلى أجناس مختلفة ضمن هذه العائلة. ينتمي ابن آوى إلى جنس Canis، وهو نفس الجنس الذي ينتمي إليه الذئب والكلب. بينما الثعلب ينتمي إلى أجناس أخرى مختلفة.

يوجد العديد من الاختلافات الواضحة بين الذئب وحيوان ابن آوى، سواء في الحجم أو السلوك أو حتى الصوت. وبشكل عام، يظهر الذئب بحجم أكبر، كما إنه كائن اجتماعي أكثر، يعيش في قطعان، ويصطاد فرائس كبيرة. أما ابن آوى فهو أصغر حجما، وغالبا ما يعيش في أزواج أو مجموعات صغيرة، ويعتمد في غذائه على فرائس أصغر.

لإحياء اليوم العالمي لابن آوى بطريقة لائقة، قد يكون من المفيد أن نثري معلوماتنا، ونتعرف على بعض الحقائق الشيقة حول هذه الحيوانات الفريدة. وبعد ذلك، للمساهمة في نشر الوعي بأهمية هذا اليوم. وفي السطور التالية، نستعرض معكم حقائق عن ابن آوى.

. كثيرا ما يقع الناس في الخلط بين بنات آوى والكلاب، وذلك التشابه الكبير في المظهر الذي يجمع بين ملامح كل منهما.

. يعتبر ابن آوى حيوانا مفترسا بارعا، فهو يمتلك أسنانا حادة وحواسا قوية للغاية تمكنه من اصطياد فرائسه بكفاءة عالية.

. يعتمد في غذائه على الحيوانات الصغيرة مثل الطيور، والزواحف، والحشرات، وحتى الثدييات الصغيرة.

. يتميز ابن آوى بطبيعته الاجتماعية، حيث يعيش في تجمعات منظمة تتكون من أزواج متكاثرة وصغارها. هذه الروابط الأسرية القوية تلعب دورا هاما في حياته وسلوكه.

. يلعب ابن آوى دورا حيويا في الحفاظ على التوازن البيئي، حيث يساهم بشكل فعال في تنظيف البيئة من الحيوانات النافقة. هذه العملية تمنع انتشار الأمراض، وتحافظ على سلامة النظام البيئي.

. تعود فكرة تخصيص يوم عالمي لابن آوى إلى عام 2022، عندما تضافرت جهود مجموعة من محبي الحيوانات، وخاصة المهتمين بابن آوى، لإطلاق هذه المبادرة.

. شهد عام 2023 الاحتفال الأول بهذا اليوم، الذي يرتبط بمنظمة نمساوية تحمل اسم "غولدشال"، والتي تعني "ابن آوى الذهبي" باللغة الألمانية. ويعد ابن آوى الذهبي السلالة التي تستوطن مناطق في أوروبا وأجزاء من قارة آسيا.

. تم اختيار تاريخ الاحتفال باليوم العالمي لابن آوى ليواكب بداية موسم التكاثر والولادة لدى ابن آوى الذهبي. وفي العام الأول للاحتفال، تم إصدار طابع بريدي خاص تكريمًا لهذه المناسبة.

. على الرغم من أن التركيز الأساسي لليوم العالمي لابن آوى ينصب على ابن آوى الذهبي، إلا أن هناك ثلاثة أنواع أخرى تنتمي إلى هذه الفصيلة، وهي ابن آوى الشائع، وابن آوى أسود الظهر، وابن آوى مخطط الجانب، وتنتشر جميعها في مناطق مختلفة من القارة الأفريقية.

في النهاية، يمكننا التأكيد على إن اليوم العالمي لابن آوى، يهدف إلى توفير فرص لسكان العالم للتعرف عن كثب على الصفات الفريدة والحياة الشيقة لهذا الحيوان، وتعزيز تقديرهم له في هذا اليوم المخصص. ولذلك، علينا التعرف على معلومات عن حيوان ابن آوى لاكتساب مزيد من المعرفة عنه.