كتب المدرب الإسباني لويس إنريكي اسمه بأحرف من ذهب في تاريخ باريس سان جيرمان، بعد أن قاد الفريق الباريسي إلى تحقيق إنجازات لافتة على المستويين المحلي والقاري، متحدياً كل التوقعات التي أثيرت عقب رحيل النجم كيليان مبابي إلى ريال مدريد الصيف الماضي.

ورغم الصدمة التي مثّلها انتقال مبابي في صفقة مجانية، فإنّ إنريكي كان يملك خطة واضحة لتغيير فلسفة الفريق، والابتعاد عن النمط القائم على النجوم اللامعين، من أجل بناء منظومة جماعية متماسكة وقادرة على الصمود في وجه التحديات.

في موسمه الأول (2023-2024)، قاد إنريكي باريس سان جيرمان إلى ثلاثية محلية تمثّلت في حصد لقب الدوري الفرنسي، وكأس فرنسا، وكأس السوبر، لكن الخروج من نصف نهائي دوري أبطال أوروبا على يد بوروسيا دورتموند حال دون اكتمال الحلم الأوروبي.

تفوّق مستمر وأرقام قياسية
ومع انطلاق الموسم الجديد، أثبت الفريق بقيادة "لوتشو" أنّ مشروعه لم يكن مجرّد رهان موقت، بل رؤية متكاملة بدأت تؤتي ثمارها؛ فقد احتفظ باريس سان جيرمان بلقب الدوري للموسم الثاني توالياً، وتُوّج مجدداً بكأس السوبر على حساب موناكو في مواجهة أقيمت في قطر، كما تأهل إلى نهائي كأس فرنسا، ووصل إلى نصف نهائي دوري أبطال أوروبا، إذ يواجه أرسنال بقيادة ميكيل أرتيتا.

لكن ما يجعل هذا الموسم استثنائياً هو دخول لويس إنريكي نادي صناع التاريخ بأرقام غير مسبوقة، أبرزها تحقيق رقم قياسي في الدوري الفرنسي كأكثر فريق يحقق سلسلة لا هزيمة خارج ملعبه، بوصوله إلى 39 مباراة متتالية من دون خسارة، متجاوزاً الرقم الذي حققه ميلان في الدوري الإيطالي (38 مباراة).

ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، إذ يقترب باريس سان جيرمان من تحطيم رقم قياسي آخر في عدد المباريات المتتالية من دون هزيمة في موسم واحد بالدوري الفرنسي، إذ لم يُهزم الفريق في 30 مباراة حتى الآن، ويحتاج إلى مباراتين فقط لمعادلة رقم نانت التاريخي في موسم 1994-1995 (32 مباراة).

بصمة واضحة ورؤية مستقبلية
منح لويس إنريكي الفرصة لعدة لاعبين لإثبات أنفسهم، مثل ديمبيلي، دوناروما وفيتينيا، في حين لمع نجم أسماء جديدة مثل جواو نيفيس، كفاراتسخيليا، ووارن زائير- إيمري. هذا التنوّع في الأداء الجماعي أظهر بصمة المدرب الإسباني، الذي أعاد بناء الفريق على أساس صلب من العمل والتضحية، لا على بريق الأسماء فقط.

وفي حال مواصلة هذا المسار، فإنّ باريس سان جيرمان بقيادة إنريكي لا يطمح فقط إلى السيادة المحلية، بل يضع عينه بقوّة على المجد الأوروبي، وهو الهدف الذي طال انتظاره في العاصمة الفرنسية.