جلسة تحت ضوء القمر.. بين نخيل وادي الدواسر وذكريات ستون عاماً - تكنو بلس

اخبار جوجل 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
جلسة تحت ضوء القمر.. بين نخيل وادي الدواسر وذكريات ستون عاماً - تكنو بلس, اليوم الخميس 24 أبريل 2025 12:25 مساءً

كل مساء، وبين صلاتي المغرب والعشاء، أرتحل في طقس شبه يومي جميل لا يُمل، إلى قلب مزارع النخيل شرق محافظة وادي الدواسر، حيث يقطن أحد الأصحاب الغالين هناك، حيث الطبيعة تحتفظ بصفائها، نحتسي القهوة مع مجموعة من أبناء المركز في جلسة خارجية بسيطة، لكنها تفيض دفئاً وصفاء، فالنسيم العليل يتسلل بين سعف النخيل، ونكهة البن تمتزج برائحة الأرض بعد مغيب الشمس، فتصنع لحظةً لا يمكن نسيانها.
لكن ما يجعل هذه الجلسة أكثر من مجرد استراحة مسائية، هو أنها تفتح أبواب الذكريات على مصراعيها، تعود بي الأيام، ستون عاماً إلى الوراء، حين كنا نعيش حياة الريف الخالصة، لم تكن هناك كهرباء، ولا أجهزة حديثة، فقط ضوء القمر دليلاً للخطى وسراجاً للقلوب.
كنا نلتف في المساء حول حكايا الأجداد، وأصوات الضحك تتناغم مع أنين الريح في نخيل الوادي، نعدّ النجوم ونستدل بها على الوقت والاتجاه، ونبحث عن الخيالات بين الغيوم، ونوهم أنفسنا بما نراه.
في تلك الأيام، كانت البساطة عنوان الحياة، يحلبون الغنم في الفجر، ويسقون الزرع قبل طلوع الشمس، ويعد أهلنا القهوة على نار الحطب كل مساء، لا ضجيج، ولا تعقيد، فقط حياة تشبه الأرض التي نمشي عليها، صافية، كريمة، وصبورة.
واليوم، ونحن نعيد تلك الطقوس في جلسة القهوة المسائية بين مزارع النخيل، يتقاطع الحاضر بالماضي، وتولد من عبق الذكريات مشاعر لا تشيخ، وكأننا نكتب فصلاً جديداً في دفتر العمر، نزيّنه ببساطة الأمس، ونرويه بصدق هذا الجمع الأليف.
هي ليست مجرد قهوة ولا لقاء عابر، بل طقس وفاء لذاك الزمن الذي مضى، وحنين لا تذروه الرياح.

مبارك بن عوض الدوسري
@mawdd3

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق