في تطور مقلق يسلّط الضوء على هشاشة الترابط العالمي في سلاسل الإمداد، أطلقت شركات تصنيع الأجهزة الطبية تحذيرات شديدة من أزمة تلوح في الأفق، بفعل التصعيد المتواصل في الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، والتي باتت تهدد بارتفاع تكاليف الرعاية الصحية وتعطيل وصول المعدات الطبية الحيوية إلى المستشفيات حول العالم.

ووفق تقرير نشرته صحيفة فاينانشيال تايمز البريطانية، يعتمد تصنيع جهاز طبي واحد على سلسلة إمداد تمتد إلى أكثر من 20 دولة، ما يجعل هذا القطاع بالغ الحساسية تجاه أي اضطرابات تجارية أو جمركية.

وحذرت كبرى جماعات الضغط الأمريكية في مجال تكنولوجيا الصحة، التي تمثل شركات عالمية مثل ميدترونيك وأبوت لابوراتوريز وجونسون آند جونسون، من تداعيات هذه الإجراءات على النظام الصحي، داعية إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب - في رسائل مباشرة - إلى منح إعفاءات جمركية عاجلة للقطاع، كما كان الحال خلال ولايته الأولى.

قيود تنظيمية وتهديدات جمركية

وتفاقم المشكلة بسبب تعقيد الموافقات التنظيمية للمكونات المستخدمة في الأجهزة الطبية، ما يحد من قدرة الشركات على تعديل سلاسل التوريد بسهولة. من جهة أخرى، تواجه هذه الشركات خطراً مباشراً من الرسوم الجمركية الأمريكية البالغة 145% على الواردات الصينية، والتي تشمل مواداً أساسية مثل البوليمرات الطبية، والمعادن، ولوحات الدوائر الإلكترونية.

وأشار هايكو شوارتز، المستشار في شركة "سفيرا" العالمية المتخصصة بإدارة مخاطر سلاسل الإمداد، إلى أن "الصين تُعد ثاني أكبر مُصدّر لقطع غيار أجهزة التصوير بالرنين المغناطيسي في العالم، وهذه التقنيات أساسية في الطب الحديث، ما يجعل الشركات الأمريكية في مرمى الخطر المباشر".

تهديدات ممتدة ومخاوف متصاعدة

ولا تقتصر التهديدات على الصين وحدها، إذ تُواجه الصناعة الطبية أيضاً خطر رسوم "متبادلة" أمريكية محتملة على واردات مكونات أساسية من الاتحاد الأوروبي ودول جنوب شرق آسيا، وهي إجراءات تم تأجيلها مؤقتاً لمدة 90 يوماً بانتظار نتائج المفاوضات الجارية مع إدارة ترامب.

وتُعد دول مثل الصين والهند وسنغافورة من أكبر مزودي المواد الخام الطبية، بما فيها البوليمرات عالية الجودة والمعادن المستخدمة في صناعة الأدوات الجراحية وعمليات الزرع. وقد تؤدي أي زيادة في التعرفة الجمركية إلى ارتفاع حاد في التكاليف التشغيلية للمستشفيات ومراكز الرعاية، ما قد ينعكس سلباً على المرضى.

وحذر شوارتز من أن استمرار هذه السياسات قد يُبطئ تدفق الإمدادات أو يزيد من أسعارها بشكل كبير، في وقت يشهد فيه العالم ضغوطاً متزايدة على الأنظمة الصحية نتيجة التحديات الاقتصادية والوبائية.

أزمة عالمية محتملة

في ظل هذا المشهد، تتصاعد المخاوف من أن يتحول الصراع التجاري إلى أزمة صحية عالمية صامتة، تمس جودة الرعاية الطبية وتحد من الوصول إلى تقنيات التشخيص والعلاج المتقدمة. ومع استمرار غموض المشهد التجاري، يبقى السؤال المطروح: هل تتحرك الحكومات سريعاً لحماية هذا القطاع الحيوي قبل أن تدفع المستشفيات والمرضى الثمن؟

للمزيد تابع

خليجيون نيوز على: فيسبوك | إكس | يوتيوب | إنستغرام | تيك توك