نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
بين الدستور والحدود المُلتهبة... ما سر قانون التعبئة العامة في الجزائر؟ - تكنو بلس, اليوم السبت 26 أبريل 2025 08:37 صباحاً
في الوهلة الأولى، ظن الجزائريون أن الأمر يتعلق باستعدادات لحرب قد تكون وشيكة، خاصةً أن حدود البلاد تكاد تكون ملغّمة إجمالاً. فقد أثار حديث بيان اجتماع مجلس الوزراء في الجزائر عن مشروع قانون التعبئة العامة حالةً من التساؤل والترقّب، خصوصاً لدى عامة الناس، نظراً لارتباط مصطلح "التعبئة العامة" في الأذهان بالتجهيز العسكري واستدعاء الاحتياط من الجنود لمواجهة خطر داهم.
ولئن لم يكن المقصود تعبئة عامة لمواجهة عسكرية كما تَخيّل كثير من الجزائريين، غير أنّ التوترات الديبلوماسية التي تشهدها علاقات الجزائر مع بعض العواصم، سواء على تخوم حدودها أو خارجها، ساهمت في انتشار استفهامات عدّة وتحليلات متباينة بشأن ماهية هذا القانون، وأبعاده، وتوقيته.
استعراض عسكري في الجزائر، 1 تشرين الأول/نوفمبر 2024. (ا ب)
ويقول أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية في جامعة الجزائر رابح لعروسي، لـ"النهار"، إن مشروع قانون التعبئة العامة جاء ليتكيّف مع المادة 99 من دستور 2020، مشيراً إلى ضرورة مواءمة المنظومة القانونية مع ما تضمنه الدستور الجديد من أحكام ومواد.
وتنص المادة 99 من الدستور الجزائري الحالي على ما يلي: "لرئيس الجمهورية أن يقرر التعبئة العامة في مجلس الوزراء بعد الاستماع إلى المجلس الأعلى للأمن واستشارة رئيس مجلس الأمة ورئيس المجلس الشعبي الوطني".
ويؤكد لعروسي أن القانون جاء لتنظيم وتوضيح الإجراءات المتعلقة بالتعبئة العامة، بما يتماشى مع المادة الدستورية المشار إليها، مشيراً إلى أن مشروع القانون كان موجوداً على مستوى البرلمان الجزائري منذ عام 2022، إلا أنه لم يُناقش حتى الآن.
ويوضح أن الأمر "يتعلق بعمل دستوري بحت، ولا يحمل أي خلفية أمنية"، مشدداً على أن مثل هذه القوانين والإجراءات موجودة في مختلف دول العالم التي تتضمن دساتيرها هيئات وآليات لتنظيم التعبئة العامة.
وعلى الصعيد الاجتماعي، يضيف أستاذ العلوم السياسية أن "قانون التعبئة العامة يوضح الصلاحيات والجوانب القانونية المتعلقة، على سبيل المثال، بمكافحة المخدرات والتهريب، وما يتصل كذلك بالجانب الأمني في حال وجود خطر وشيك".
ويلفت لعروسي إلى أن التوقيت الذي طُرح فيه هذا القانون في مجلس الوزراء يتزامن مع التغيّرات الإقليمية والدولية الجيوسياسية، خاصةً في ما يتعلّق بالجانب الأمني مثل انتشار ظاهرة الإرهاب، والتهديدات في منطقة الساحل، والهجرة غير الشرعية، والإتجار بالسلاح والبشر، وتجارة المخدرات. ويوضح: "كلها ملفات كبيرة ومن الطبيعي أن يتم تناول هذا الموضوع في هذا الظرف بالذات".
من جانبه، يؤكد أستاذ القانون الدستوري في جامعة العفرون (غرب الجزائر) عبد النور سالمي، لـ"النهار"، أن "مصادقة مجلس الوزراء على قانون التعبئة العامة هو إجراء دستوري يُتخذ في حالات استثنائية، كالحروب والكوارث الطبيعية أو التهديدات الكبرى للأمن القومي، كما أنه يهدف إلى تحديد مسؤوليات كل مؤسسة داخل الدولة".
ويشير إلى أن "في الحالة الجزائرية، هناك قصد حكومي واضح من طرح مشروع قانون للتعبئة العامة، يتمثل في إعادة تنظيم الإطار القانوني الحالي"، معتبراً أن هذه الخطوة "تمكّن الحكومة من تجهيز مؤسساتها، وتحضيرها، ورصد إمكاناتها البشرية والاقتصادية وغيرها، خدمةً لاستراتيجياتها ومخططاتها في مختلف المجالات".
0 تعليق