في تحذير أممي صريح، أكد الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، أن حل الدولتين – الركيزة الأساسية للسلام في الشرق الأوسط – أصبح اليوم أقرب إلى الزوال أكثر من أي وقت مضى، داعيًا المجتمع الدولي إلى التحرك قبل فوات الأوان. جاءت تصريحاته خلال اجتماع وزاري لمجلس الأمن الدولي لمناقشة الأوضاع في الشرق الأوسط، حيث رسم صورة قاتمة للوضع الراهن، مشيرًا إلى تآكل فرص السلام وغياب الإرادة السياسية.

تحذير من نقطة اللاعودة في مسار حل الدولتين

أوضح غوتيريش أن العالم يشهد تراجعًا غير مسبوق في الالتزام السياسي بحل الدولتين، مشيرًا إلى أن “الحقوق الوطنية المشروعة للفلسطينيين تتعرض للإنكار، في ظل وجود إسرائيلي غير قانوني بحسب محكمة العدل الدولية”. ولفت إلى أن التوترات الحالية تعيد المنطقة إلى مفترق طرق حاسم، تتطلب فيه استجابة جماعية لتحقيق سلام عادل وشامل، يضمن الأمن والكرامة لجميع شعوب المنطقة.

دعوة أممية لتحرك لا رجعة فيه

وجه غوتيريش نداءً عاجلًا للدول الأعضاء في الأمم المتحدة لاتخاذ خطوات ملموسة لا رجعة فيها نحو إحياء حل الدولتين، محذرًا من أن السماح للمتطرفين على الجانبين بتقويض ما تبقى من عملية السلام يعني التوجه نحو مستقبل أكثر دموية وانعدامًا للاستقرار. وأكد أن المؤتمر المرتقب حول حل الدولتين في يونيو المقبل، بقيادة فرنسا والسعودية، يمثل فرصة نادرة لإعادة تنشيط الدعم الدولي للحل السياسي.

غزة في أزمة إنسانية غير مسبوقة

فيما يخص الوضع في غزة، أشار غوتيريش إلى أن “الإنهيار الكامل للهدنة في 18 مارس أعاد شبح الموت والبؤس”، حيث سقط نحو 2000 فلسطيني، من بينهم نساء وأطفال وصحفيون وعاملون إنسانيون. وأضاف أن إسرائيل منعت دخول المواد الأساسية مثل الغذاء والوقود والأدوية منذ أكثر من شهرين، محذرًا من استخدام المساعدات الإنسانية كورقة ضغط عسكري.

الضفة الغربية وتغيير الحقائق على الأرض

تطرق الأمين العام إلى الوضع في الضفة الغربية، حيث ندد بالتوسع الاستيطاني، والهدم القسري، والقيود على التنقل، معتبرًا أنها تغييرات ديموغرافية خطيرة تهدد آفاق إقامة دولة فلسطينية متواصلة جغرافيًا. كما شدد على أن هذه الممارسات تنتهك القانون الدولي وتقوض الأسس القانونية لحل الدولتين.

محكمة العدل الدولية والتحقيقات الجارية

أكد غوتيريش أن المستشارة القانونية للأمم المتحدة قدمت بيانًا إلى محكمة العدل الدولية يوضح موقف المنظمة إزاء التزامات إسرائيل كقوة احتلال. وقال إن البيان ركز على ضرورة احترام القانون الدولي الإنساني، وضمان وصول المساعدات، واحترام حرمة مقار الأمم المتحدة، وعلى رأسها وكالة الأونروا.

ملفات لبنان وسوريا على طاولة الأمم المتحدة

في ختام كلمته، تناول غوتيريش الوضع في لبنان وسوريا، مشددًا على ضرورة احترام وقف إطلاق النار في لبنان، وضمان وحدة الأراضي. أما بخصوص سوريا، فدعا إلى انتقال سياسي شامل يضمن العدالة والمصالحة الوطنية ويضع الأساس لتعافي الدولة وانخراطها في المجتمع الدولي.

فرصة أخيرة قبل الانهيار الكامل

يشكل هذا التحذير من الأمين العام لحظة محورية للمجتمع الدولي. إذ أن التراخي في دعم حل الدولتين، وعدم التصدي للانتهاكات المستمرة على الأرض، يعزز احتمالات تصعيد دائم وتحول القضية الفلسطينية إلى أزمة مستعصية. إن مؤتمر يونيو القادم يمثل بارقة أمل قد تعيد الزخم لعملية سلام حقيقية، شرط أن يترافق مع التزامات واضحة وآليات تنفيذ فعلية.