أية طارق تكتب: المواطن لا يشتري الوهم.. حدود التسويق في السياسة - تكنو بلس

اخبار جوجل 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
أية طارق تكتب: المواطن لا يشتري الوهم.. حدود التسويق في السياسة - تكنو بلس, اليوم الأربعاء 30 أبريل 2025 01:13 صباحاً

في عصر يتقدّم فيه الناخب بخطى أسرع من بعض المرشحين، لم يعد منطق "أنا الأجدر..فاختاروني"، اللعبة تغيرت، والساحة السياسية لم تعد تُدار فقط من على المنصات، بل من خلف الشاشات، وداخل خوارزميات الحملات الرقمية، وخطابات صيغت بعناية لتكسب "اللايك" قبل أن تكسب الصوت الانتخابي.

التسويق السياسي لم يعد رفاهية ، بل ضرورة  في المعركة الانتخابية في الزمن الذي صار فيه الناخب "مستهلكًا سياسيًا"، يحتاج المرشح إلى أن يتحول إلى "علامة تجارية سياسية"، لها شعار ولون، ونغمة خطاب وهوية واضحة وكما يقول عالم السياسة الأمريكي فيليب كوتلر: "الحملات السياسية الناجحة تشبه حملات التسويق الناجحة... من لا يستطيع أن يبيع نفسه، لا يمكنه أن يحكم."

لقد أصبح السؤال اليوم: كيف يصوّت الناس؟ لا، بل: لماذا يصوّت الناس؟ وما الذي يدفع ناخبًا أن يختار مرشحًا لا يعرفه شخصيًا، لكنه يشعر أنه قريب منه؟.

الجواب غالبًا ما يكمن في أدوات التسويق السياسي: الصورة الذهنية، الخطاب المستهدف، القدرة على إدارة الظهور الإعلامي، والبقاء على اتصال دائم مع الناخب لا فقط وقت الانتخابات.

ولنتحدث بلغة الأرقام: أظهرت دراسة لمؤسسة Edelman عام 2023 أن 76% من الناخبين حول العالم يتأثرون بصور المرشح ومحتواه على وسائل التواصل الاجتماعي أكثر من البرامج الانتخابية المطبوعة، هل هذا خطر؟ ربما.. لكنه واقع يجب التفاعل معه بذكاء لا بإنكار.

ولعل أبرز ما كشفته الحملات الانتخابية الأخيرة في دول مثل فرنسا والبرازيل ومصر، أن من يُجيد مخاطبة الناس بلغتهم، ويتحدث عن قضاياهم الحقيقية، ويدير حضوره بذكاء، يصبح أقرب إلى الناخب من أي برنامج انتخابي مكوّن من 50 صفحة.

لكن في المقابل، يجب ألا يتحول التسويق السياسي إلى تزييف للواقع لا يكفي أن نضع "فلترًا سياسيًا" على صورة المرشح ليبدو أكثر كفاءة مما هو عليه .. الناس أصبحت أكثر وعيًا، وأكثر قدرة على التفرقة بين من يتقن الأداء، ومن يؤمن فعلًا بما يقول الفقاعة الرقمية تنفجر سريعًا إن لم تسندها قاعدة من الثقة والمصداقية.

التسويق السياسي الحقيقي ليس فن خداع، بل فن تواصل هو القدرة على جعل المعقد بسيطًا، وجعل البرنامج السياسي مفهوماً للناس بلغتهم، لا بلغة النخبة وحدها،  هو أن تفهم مشاكل  الشارع، وتقدم نفسك كجزء من الحل، لا جزءًا من العزلة السياسية التي يعيشها كثير من المرشحين.

ختامًا، إن الموهبة السياسية اليوم لا تكمن فقط في "ماذا تقول"، بل في "كيف تقوله، ولمن، ومتى". ولعل الناخب الذكي لم يعد يبحث عن المرشح الكامل، بل عن المرشح الصادق، القادر على إقناعه بأنه يرى، يسمع، ويتصرف ومن يستطيع تسويق هذه المعادلة… يفوز.

في النهاية تاركه لكم تساؤل: أنت تنتخب من تثق به أم من تراه أكثر؟.

أية طارق 

باحثة ماچيستر اتصال سياسي وإعلام

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق