في ظل التحديات التي تواجه حفظ التراث السينمائي المصري، سلط مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير الضوء على أهمية الرقمنة والأرشفة خلال ندوة خاصة حملت عنوان “رقمنة التراث وأرشفة التاريخ السينمائي”. الندوة شهدت مشاركة فاعلة من رموز فنية وثقافية بارزة، وعلى رأسهم الفنان محمود حميدة والفنانة بشرى، في مسعى جماعي لتعزيز الوعي الثقافي بقيمة الأرشيف السينمائي.

لماذا تعتبر الأرشفة مسؤولية وطنية؟

أوضح الفنان محمود حميدة خلال مداخلته أن الأرشفة المنظمة ضرورية لفهم ودراسة التاريخ السينمائي بشكل أكاديمي وموضوعي، معتبرًا أن إهمال الأرشيف أو بيعه، كما حدث سابقًا في حالات بيع نيجاتيف أفلام مصرية، يُعد بمثابة “بيع للآثار”.

الرقمنة أداة للحفاظ على الهوية الثقافية

من جانبها، شددت بشرى على أن رقمنة التراث الفني ليست ترفًا، بل ضرورة لمواكبة التطورات التكنولوجية، مشيرة إلى أن الحفاظ على هذا الإرث يصب في مصلحة الأجيال القادمة. وأكدت أن حفظ الأعمال الفنية والسينمائية يسهم في ترسيخ الهوية الثقافية ويخلق مرجعية للأعمال المستقبلية.

مبادرات فاعلة لحفظ التراث

استعرض خالد حميدة، الرئيس التنفيذي لشركة ديجيتايزد، تفاصيل مشروعه الرقمي الذي انطلق قبل عام، ويهدف إلى توثيق التراث الفني المصري باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي. وأشار إلى أن المشروع يشمل أرشفة الأفلام، والصور النادرة، وحتى الأزياء التقليدية، بالتعاون مع مؤسسات أهلية وثقافية.

أما حازم عطار، مؤسس مبادرة “تراثنا وأجيالنا”، فأوضح أن المبادرة تستهدف فئة الأطفال والشباب حتى 18 عامًا، بالتعاون مع وزارة الثقافة. وتشمل الأنشطة عروض أفلام توعوية وورش تعليمية عن تاريخ مصر وتراثها الفني والثقافي.

الذكاء الاصطناعي يدخل على خط الحفظ الفني

في خطوة مبتكرة، انضم عدد من النجوم البارزين إلى المبادرات الجديدة، من بينهم إلهام شاهين، شيري عادل، سيد رجب، وأشرف عبد الباقي، لتوثيق أرشيفهم الفني باستخدام الذكاء الاصطناعي. وتشمل عمليات الأرشفة توثيق صور وذكريات تعرض للمرة الأولى، مما يثري المحتوى الثقافي المصري ويوفر قاعدة بيانات رقمية للباحثين والمهتمين.

دعم مؤسسي وشراكات استراتيجية

الندوة جاءت ضمن فعاليات مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير، الذي يستمر حتى الثاني من مايو. وتُقام الفعاليات برعاية وزارة الثقافة وهيئة تنشيط السياحة، وبدعم من شركاء مثل جمعية دائرة الفن، ديجيتايزد، ريد ستار، بيست ميديا، أوسكار، لاجوني، نيو سينشري، وشركة باشون للإنتاج الفني.

نحو مستقبل تراث المصري

إن رقمنة الأرشيف السينمائي ليست مجرد وسيلة للحفظ، بل خطوة ضرورية نحو بناء ذاكرة بصرية وثقافية تُمكن الأجيال القادمة من فهم مسارات تطور الفن المصري. هذه المبادرات تؤكد على أهمية العمل المؤسسي والتعاون بين الجهات الفنية والتقنية من أجل حفظ التراث من التآكل أو الضياع.