قراءة في زيارة شي جينبينغ بنك التنمية الجديد: تأكيد ريادة الجنوب العالمي وإصلاح الحوكمة الدولية - تكنو بلس

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
قراءة في زيارة شي جينبينغ بنك التنمية الجديد: تأكيد ريادة الجنوب العالمي وإصلاح الحوكمة الدولية - تكنو بلس, اليوم الخميس 1 مايو 2025 02:04 صباحاً

وارف قميحة*

 

 

في خطوة تحمل أبعاداً رمزية واستراتيجية، زار الرئيس الصيني شي جينبينغ مقر بنك التنمية الجديد في شنغهاي، مجدداً بذلك التزام الصين بدعم المؤسسات التي تعزز تضامن الجنوب العالمي وتساهم في إعادة تشكيل النظام المالي الدولي من منظور أكثر عدالة وتعددية.

زيارة شي ولقاؤه مع الرئيسة ديلما روسيف تأتي في سياق دولي متغير، حيث يزداد الإدراك بين الدول النامية لأهمية بناء مؤسسات مالية بديلة للمؤسسات التقليدية التي تهيمن عليها القوى الغربية. بنك التنمية الجديد، الذي أُسس بمبادرة من دول "بريكس"، يمثل واحدة من أبرز أدوات "الاستقلال المالي" النسبي للدول الناشئة، ووسيلة لتوجيه التمويل نحو مشروعات تنموية حقيقية في البنية التحتية، التكنولوجيا، والتحول الأخضر.

رسالة شي كانت واضحة: نحن الآن في "العقد الذهبي الثاني" للبنك، ويجب أن يتحول من مجرد بنك إنمائي إلى رافعة استراتيجية للتنمية منخفضة الكربون، وسد الفجوة الرقمية، وتحقيق التحول الأخضر. وهذا الطرح يتقاطع مع الرؤية الصينية الأشمل لمبادرة الحزام والطريق، التي لا تقتصر فقط على الربط الجغرافي، بل تمتد إلى شراكات مالية وتكنولوجية طويلة الأمد.

تأكيد شي تعزيز صوت الجنوب العالمي في إصلاح النظام المالي العالمي يضع بنك التنمية الجديد في قلب المواجهة الناعمة مع المؤسسات الغربية مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، التي لطالما وُصفت سياساتها بأنها تقليدية وغير ملائمة لاحتياجات الدول النامية.

أما الدعم الصيني للبنك، فهو ليس مجرد دعم سياسي، بل استثمار في بنية عالمية جديدة متعددة الأقطاب، يكون فيها للجنوب العالمي، بما في ذلك الدول العربية والأفريقية وأميركا اللاتينية، دور فاعل في صياغة أولوياته وتحديد مساراته.

ومن هذا المنظور، فإن الدول العربية مدعوة إلى التفاعل بذكاء مع التحولات الجارية، والاستفادة من الآليات التي يوفرها بنك التنمية الجديد، سواء عبر الانضمام كشركاء أو عبر بناء مشاريع تنموية قابلة للتمويل تستجيب لأولويات الاستدامة والتحول التكنولوجي. فالكثير من البلدان العربية تعاني من فجوات في البنية التحتية، وتواجه تحديات في مجالات الطاقة المتجددة والتحول الرقمي، وهي مجالات تتصدر أولويات البنك الجديد.

وقد يشكل تعاون عربي صيني في إطار هذا البنك فرصة لإعادة التوازن إلى العلاقات المالية الدولية، وتعزيز شراكات قائمة على الندية والمصلحة المشتركة، بعيداً عن شروط التقشف والإصلاح القسري التي ميزت تجارب العديد من الدول العربية مع المؤسسات المالية التقليدية. كما يمكن للبنك أن يسهم في تمويل مشاريع إقليمية عابرة للحدود، مثل الربط الكهربائي، وتطوير شبكات النقل، وتوسيع البنى التحتية الرقمية.

 زيارة شي لبنك التنمية الجديد ليست مجرد زيارة بروتوكولية، بل رسالة استراتيجية في توقيت دقيق: الصين تريد أن تُظهر نفسها شريكاً تنموياً بديلاً وموثوقاً، وتفتح أبواب شراكة مستقبلية قائمة على المصالح المشتركة، والتنمية المستدامة، والاستقلال المالي النسبي عن مراكز القرار التقليدية.

*رئيس معهد طريق الحرير للدراسات والأبحاث رئيس الرابطة العربية الصينية للحوار والتواصل

 

-المقاربة الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة رأي مجموعة "النهار" الإعلامية.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق