نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
رحلة منى سلمان إلى شغفها الفني في السعودية: لمَ أفكر في صمت؟ - تكنو بلس, اليوم الخميس 1 مايو 2025 08:37 صباحاً
بينما تتجوّل في أروقة "استديو شعشي"، الذي يحتضن أعمالها إلى جانب أعمال فنانين سعوديين وعرب آخرين في حي جاكس بالدرعية التاريخية، تسرد الفنانة البصرية والكاتبة منى سلمان حكاية شغفها بالفن، وعودتها إليه بعد سنوات من العمل الصحافي. فقد أعادت توظيف مهاراتها في الكتابة، التي كانت يوماً بديلاً موقتاً عن الفن، لتصبح أسلوباً بصرياً تحوّل من خلاله الكلمات إلى لوحات فنية، ثم إلى مجسّمات.
في ظل التطورات المتسارعة التي تميّز المشهد الفني السعودي، استثمرت سلمان شغفها العميق ومهاراتها الفنية لتنتقل من اللوحة التقليدية إلى تقنيات الطباعة والنحت، مستلهمةً أعمالها من تجاربها الشخصية، بالإضافة إلى استلهامها من التاريخ العربي القديم وشخصياته المؤثرة. من خلال هذه الأعمال، تفتح سلمان حواراً بين الماضي والحاضر، وتثير تساؤلات حول هويتنا وما تحمله ذاكرتنا الجمعية من قصص لم تُروَ بعد.
في حديث خاص لـ "النهار"، وصفت سلمان، التي تتولى حالياً إدارة معارض لفنانين سعوديين وعرب في جاكس بالعاصمة السعودية الرياض، المشهد الفني في المملكة العربية السعودية، قائلة: "القطاع الفني في السعودية اليوم في ذروته، وفي أوج نجوميته. لقد ارتقى الفن والفنانون السعوديون إلى مستوى عالٍ جداً، حتى أصبحوا جزءاً من الساحة العالمية".
تتابع: "أعمال الفنانين السعوديين تُعرض اليوم في متاحف وصالات عرض فنية عالمية؛ وهم يشاركون في البيناليات والمعارض الدولية. وهذا ليس نتاج سنة أو سنتين، بل هو نتيجة لبنية تحتية ثقافية كانت موجودة منذ وقت طويل".
رحلة استكشاف... والمشروع الأقرب إلى قلبها
كشفت سلمان عن تفاصيل ملهمة حول رحلتها في العودة إلى الفن، قائلة: "المشهد الفني والفكريّ تغيّر كثيراً بالنسبة لي، وكان صعباً عليّ أن أحدّد ما أقدّم. لمدة خمس سنوات، من 2019 تقريباً، لم أتمكّن من إقامة أيّ معرض أو تقديم أعمال فنية، كنت فقط أراقب ما يحدث".
ثم تحدّثت الفنانة البصرية عن رحلة الاستكشاف التي لا تزال تخوضها في سعيها نحو شغفها الحقيقي؛ رحلة قادتها إلى الانغماس في لغة الجسد، والتركيز على العلاقة العميقة بين الإنسان والكون والكائنات المحيطة به. وهذا التوجّه دفعها إلى التعمق في علم التشريح، مما أثمر مشروعاً وصفته بأنه الأقرب إلى قلبها، لكونه يجسّد أفكارها ورسائلها من خلال رسومات تنقل الإيماءات الجسدية، أو عبر شخصيات تُعبّر بصرياً عن النص والمضمون.
وأثناء وقوفها أمام حائط يضمّ عملين من توقيعها، تشرح سلمان لوحتين استوحت فكرتيهما من التاريخ العربي، تتضمّنان اقتباسات من الكاتب والشاعر جبران خليل جبران، وتقول: "التقيت بالكثير من الأشخاص الذين تحدّثوا عن ماضينا، عن أجدادنا وتاريخنا، مما دفعني إلى التعمّق في هذا الجانب، في صناعة الحرير، والرحلات، والمهن التي كانت سائدة في الجزيرة العربية، وفي ما كان الناس يمارسونه آنذاك، ثم أدركت أن بإمكاني التعبير عن كل ذلك من خلال أعمال فنية، بدلاً من الاكتفاء بالحديث عنه".
وتقول: "كل قطعة تمثّل شخصية مؤثرة من التاريخ العربي القديم، مثل الراعي الذي كان له دور سياسي واجتماعي وديني؛ ونعلم أن بعض الأنبياء كانوا رعاة غنم. ثم تناولت شخصية الصياد أو البحّار، مثل ابن ماجد، القائد البحّار من جلفار، المعروفة اليوم برأس الخيمة في الإمارات، والذي يُقال إنه أرشد كولومبوس إلى طريق الهند".
"لمَ أفكر بصمت؟"
واليوم، وبعد ثلاث عشرة سنة من التجربة، تريد منى سلمان أن تخرج من الإطار التقليدي، من الكلمات، إلى اللوحات ثم إلى مجسّم، متجهة إلى فضاء فنيّ لا يزال في طور الاكتشاف. وتقول: "ما زلت في مرحلة بحث، وكل ما أقدمه نابع من داخلي؛ لا أتناول موضوعات خارجية، بل أحوّل أفكاري إلى أعمال مرئية. فلمَ أفكر بصمت؟".
وتابعت: "هذه المرحلة من البحث تعني لي الكثير، حتى أنني، أثناء العمل على أحد الرسومات المبدئية، وجدت نفسي فجأة أُجرب الطين. لو عدت عشر سنوات إلى الوراء، لما تخيّلت يوماً أنني سألمس الطين".
"عندما يشعّ الضوء"
كشفت سلمان لـ "النهار" عن كواليس كتابتها لسيناريو الفيلم الوثائقي السعودي "عندما يشعّ الضوء"، بالتعاون مع مؤسسة "ليان" الثقافية التابعة للأمير فيصل بن عبد الله، الذي يهدف إلى استكشاف العقول الإبداعية في المملكة العربية السعودية، وتقديم التراث الوطني من خلال الفن.
وقد عُرض الفيلم في عدة دول ومهرجانات، منها مهرجان البحر الأحمر السينمائي في جدة 2024، ويُنتظر عرضه في نيويورك خلال أيار/مايو. يروي الفيلم قصة فنانين ساهموا في حفظ التراث وتعزيز الثقافة منذ الستينيات، عبر مقابلات ومواد أرشيفية.
وقالت كاتبة السيناريو إن الفيلم لم يعكس سوى جزءاً بسيطاً من القصص التي سمعتها، مؤكدة أن "ما نشاهده الآن في المشهد الفني السعودي هو نتاج لأمور كانت تُنجز في الماضي ولم يكن أحد يعلم عنها".
0 تعليق