في مشهد تتسارع فيه الأحداث ويحتدم فيه الصراع على مصادر الطاقة عالميًا، تستعد مصر لدخول فصل جديد من قصة الغاز الطبيعي التي تتشابك فيها المصالح الاقتصادية والتحديات الإقليمية والطموحات المستقبلية. 

تحركات واسعة النطاق تقودها الحكومة بالتنسيق مع شركات عالمية 

وطبقا لـ تحيا مصر ، مع اقتراب شهر مايو، تترقب الأوساط الاقتصادية إعلانًا محوريًا قد يشكل نقطة تحول في مسار سوق الغاز المحلي، مدفوعًا بتحركات واسعة النطاق تقودها الحكومة بالتنسيق مع شركات عالمية عملاقة.

استهلاك الغاز خلال صيف 2024

فبعد فترة صعبة شهدت فيها البلاد تراجعًا في معدلات الإنتاج، خاصة في حقل "ظهر" العملاق، وارتفاعًا كبيرًا في استهلاك الغاز خلال صيف 2024، عانت الدولة من فجوة كبيرة بين الاستهلاك والإنتاج. 

وهذا التراجع، الذي جاء في وقت حرج تزامن مع أزمة شح العملة الأجنبية، دفع الحكومة لتوجيه بوصلتها نحو الاستيراد، رغم أن مصر كانت حتى وقت قريب من كبار المصدرين.

فتح المجال أمام طرح مزايدات جديدة للتنقيب في مناطق غنية وواعدة

لكن خلال الأشهر الأخيرة، تغيرت المعادلة بشكل ملحوظ، فقد شرعت الدولة في تنفيذ خطة طارئة لاستعادة توازن سوق الغاز، بدأت بتسوية جزء كبير من مستحقات شركات البترول الأجنبية العاملة في مصر، مما أعاد الحراك إلى الحقول المتوقفة، وفتح المجال أمام طرح مزايدات جديدة للتنقيب في مناطق غنية وواعدة.

وكانت الشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية "إيجاس" قد طرحت في أغسطس الماضي مزايدة دولية شملت 12 منطقة في البحر المتوسط ودلتا النيل، أغلقت أبواب التقديم لها في فبراير، وسط إقبال من عمالقة الطاقة مثل "شيفرون" الأميركية، و"شل" البريطانية، و"إيني" الإيطالية. 

ومن المتوقع أن تُعلَن نتائج التقييم الفني والمالي لتلك العروض خلال مايو المقبل، في خطوة قد ترسم ملامح مستقبل الغاز المصري.

ويؤكد المطلعون على الملف أن الشركات الثلاث قدمت عروضًا للتنقيب في 4 مناطق رئيسية بالبحر المتوسط، مع اهتمام خاص من شركة شيفرون بالحصول على أكثر من امتياز. 

وتجدر الإشارة إلى أن هذه الشركات ليست جديدة على السوق المصري، بل لها باع طويل ومشاريع قائمة، أبرزها "إيني" صاحبة الاكتشاف التاريخي في حقل "ظهر".

الاستهلاك اليومي لمصر من الغاز نحو 6 مليارات قدم مكعب

التوسع في عمليات التنقيب لا يعني فقط عودة نشاط الحقول بل يعكس أيضًا ضخ استثمارات أجنبية كبيرة في الاقتصاد المصري، ووفقًا للتقديرات، يبلغ الاستهلاك اليومي لمصر من الغاز نحو 6 مليارات قدم مكعب، في حين لا يتجاوز الإنتاج 4.3 مليار قدم مكعب. 

وتسعى الدولة لرفع الإنتاج إلى 5 مليارات قدم مكعب يوميًا بنهاية 2025، خاصة مع توقعات بارتفاع الاستهلاك إلى 7 مليارات قدم مكعب يوميًا خلال أشهر الصيف.

لا يتجاوز الإنتاج 4.3 مليار قدم مكعب

وبينما تسير الدولة نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز مجددًا، فإن الخطوة المقبلة قد تكون استعادة مركزها الإقليمي كمصدر رئيسي للطاقة في شرق المتوسط. 

وإذا جاءت نتائج التنقيب كما تشير التوقعات الجيولوجية، فإننا على أعتاب مرحلة جديدة قد تعيد تشكيل خريطة الطاقة في المنطقة لصالح مصر.