100 يوم من الترامبية... هل هذه أميركا حقًا؟ - تكنو بلس

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
100 يوم من الترامبية... هل هذه أميركا حقًا؟ - تكنو بلس, اليوم الجمعة 2 مايو 2025 06:26 صباحاً

قبل أيام، وردًا على سؤال عمّن يتمنى، كرئيس لأميركا، أن يكون الحبر الأعظم الجديد خلفًا للبابا الراحل فرنسيس، قال دونالد ترامب: "خياري الأول سيكون أنا!"

ترامب كان يمزح، بالطبع. لكن بعد مئة يوم من عودته المشهودة إلى الحكم، لم يغب لحظة عن الإعلام؛ سواء بتوقيعه قرارات تنفيذية بالجملة، أو بتصريحاته الإعلامية، أو بمهاجمته للرئيس الأوكراني فلوديمير زيلينسكي، أو بإعلانه حرب التحرير الاقتصادية، أو بابتسامته الماكرة التي لا تُفصح عمّا إذا كان يمزح أو يتحدث بجد، حتى عندما سُئل عمّا إذا كان ينوي الترشح لولاية ثالثة محظورة دستوريًا.

مهارته القديمة في التلاعب بالإعلام بلغت ذروتها. لم يعد ترامب ذلك الذي ينفجر غضبًا بعد أول سؤال من مراسل "سي إن إن"، بل بات يلجأ إلى التهكّم على المراسلين الذين يشعر أنهم ضده، ثم يتجاهلهم. وهو، في الأساس، قد غربل وسائل الإعلام التي يُسمح لها بالوصول إلى دائرته الضيقة، وأدخل إليها إعلامًا "حديثًا" قوامه مؤثّرون مؤدلجون، تقوم سيرهم الذاتية على الولاء التام لحركة "ماغا" ورئيسها.

وكما في الإعلام، كذلك في سائر الملفات الداخلية، يعمل ترامب بمبدأ: المكافأة للأوفياء، والعقاب للمعترضين. فجاء بإدارة من رأسها إلى أخمص قدميها من المخلصين المتحمسين لأجندته، وأطلق أيديهم، كلّ في مجاله، لتنفيذ رؤيته لشعار "أميركا أولًا". إيلون ماسك ألغى عشرات آلاف الوظائف الفيدرالية، وسحب بيانات الملايين ومعلوماتهم لتُخزن في البيت الأبيض. أما وزير الدفاع، بيت هيغسيث، فقد "طهّر" البنتاغون من كبار الجنرالات المؤيدين لسياسات الدمج والمساواة في القوات المسلحة، ولا يزال يخوض حربًا داخلية داخل الوزارة، بحثًا عن المسرّبين إلى الإعلام بشأن الفوضى العارمة التي تلت كشف مشاركته تفاصيل هجوم على اليمن عبر تطبيق "سيغنال" مع مجموعتين. وعلى الرغم من أن "خطيئته" هذه أثارت المطالبات بإقالته، فإن ترامب أبقى على دعمه للنجم التلفزيوني الشاب الذي يذكّره، على الأرجح، بالمتسابقين الطموحين في برنامجه "المتدرّب"، والذين كانوا يتنافسون لأسابيع على وظيفة في إحدى شركاته.

الدعم غير المحدود مُنح للوزارات المعنية بطرد المهاجرين غير الشرعيين، وملاحقة المعارضين السياسيين وترحيلهم، من دون تمييز بين حملة الغرين كارد أو الحاصلين على تأشيرات قانونية. وقد بثّت حملات الـ ICE، بالتعاون مع قوى إنفاذ القانون المحلية، الرعب في أنحاء الولايات المتحدة، رغم أن أرقام المُرحّلين بعد مئة يوم لا تزال أقل من المأمول "ترامبيًا"، وتُحمّل الإدارة مسؤولية ذلك لقضاة ليبراليين ومسؤولين ديمقراطيين في الولايات يعرقلون عملها.

لكن ما هو أخطر من حملات الاعتقال، هو حالة الشيطنة التي أُحيط بها المهاجرون، الذين وُصِموا جماعيًا بأنهم مجرمون، مغتصبون، لصوص، ومدمنو مخدرات. وإن لم يكن هذا كافيًا، فالوضع الكارثي في مراكز الاعتقال، واكتظاظها، تضاعف مع افتتاح سجن في دولة أخرى هي السلفادور، لا يُعرف شيء عمّا يحدث فيه للمرحّلين. وبينما استقبل ترامب الرئيس نجيب بوكيلة شكرًا له على تعاونه في استقبالهم، زارت وزيرة الأمن القومي، كريستي نويم، السجن، وتحدثت أمام الكاميرا وخلفها سجناء عراة الصدور، محلوقو الرؤوس، في مشهد تهديدي صريح للمهاجرين بمصير مماثل إذا لم يذعنوا للإدارة.

صورة الدولة البوليسية التي تحولت إليها أميركا في غضون أشهر، تتجلى بوضوح في الحملة ضد طلاب الجامعات، حيث وجد بعضهم، مثل محمود خليل، أن الإقامة الدائمة والزواج من مواطنة أميركية لا تكفي لحمايته في التعبير عن موقفه السياسي بحرية. وقد أعلن وزير الخارجية، ماركو روبيو، أن "لا التأشيرة حق، ولا الإقامة حق، ويمكن إلغاؤهما ببساطة عبر تفعيل قانون قديم".

وكما خليل، الذي لا يزال محتجزًا، ثمة عدد غير معلوم من الطلاب أُلغيت تأشيراتهم، وألقي القبض عليهم في الشارع كمشتبه بهم، وتم ترحيلهم أو هم في طريقهم إلى ذلك. وأصبح من المعتاد أن يُؤخذ الوافدون إلى مطارات أميركا إلى غرف تحقيق خاصة، يُفتشون فيها، ويُستجوبون، وتُفحص هواتفهم وحساباتهم الاجتماعية بحثًا عمّا قد يُدينهم سياسيًا، في مروحة تُراوح بين مشاركة الدكتورة اللبنانية رشا علوية في تشييع حسن نصر الله، الأمين العام الراحل لـ"حزب الله"، إلى تفسيرات المحققين لما يُعتبر عداءً للسامية أو لإسرائيل، بكل تعميمه.

والطلاب الذين وجدوا أميركا تلاحقهم، ازداد خوفهم حين أذعنت الجامعات لمطالب الإدارة، خشية التشهير وقطع التمويل الفيدرالي، فباشرت بدورها طرد العشرات. وأضحى المعتاد أن ينسحب الطلاب من أي نشاط سياسي اعتراضي علني، سواء تعلّق بالقضية الفلسطينية أو بأي قضية حقوقية أخرى، في بلد جاؤوه من أنحاء العالم، وفي ذهنهم أنهم سيعيشون تجربة حرية الرأي المطلقة. فإذا بصورهم الشخصية تُعرض على ضباط المطارات، لتخضع لتحليلاتهم عمّا "تعنيه"، في مشاهد لا تُذكّر، بعد مئة يوم من الترامبية، سوى بدولة أوتوقراطية من تلك التي نقرأ عنها في الروايات، حيث يخاف الجميع من الجميع. 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق