نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
استراتيجية مزدوجة للمعارضة التركية: انتخابات مبكرة وتغيير نظام الحكم - تكنو بلس, اليوم الجمعة 2 مايو 2025 08:42 صباحاً
دفع اعتقال رئيس بلدية إسطنبول الكبرى أكرم إمام أوغلو بـ"حزب الشعب الجمهوري"، المعارض الرئيسي في تركيا، إلى اتباع سياسة أكثر نشاطاً وتركيزاً على ملفين متوازيين: الضغط من أجل إطلاق سراح الشخصية السياسية الأبرز في الحزب، وإجبار السلطة على إجراء انتخابات مبكرة.
المعارضة تطالب بانتخابات مبكرة
وفقاً للتقويم الرسمي، من المقرر إجراء الانتخابات في أيار/مايو 2028، لكن "حزب العدالة والتنمية" يسعى إلى تقديم موعد الانتخابات إلى تشرين الثاني/نوفمبر 2027، لفتح الطريق أمام ترشّح الرئيس رجب طيب أردوغان، إذ ينص الدستور على ولايتين رئاسيتين فقط، إلا في حال عدم إتمام الرئيس لولايته الثانية والتوجّه نحو انتخابات مبكّرة قبل 6 أشهر من انتهاء الفترة الرئاسية.
بالمقابل، يشترط "حزب الشعب الجمهوري" إجراء الانتخابات قبل نهاية عام 2026، للموافقة على تمرير قرار الانتخابات المبكرة الذي يحتاج إلى أصوات نوّابه أيضاً داخل البرلمان. وأطلق الحزب "حملة توقيعات للانتخابات المبكرة" لهذا الغرض، جامعاً 13 مليون توقيع، من أصل 28 مليوناً، حسب الهدف المعلن، وهو عدد الأصوات التي حصل عليها أردوغان في الانتخابات الأخيرة.
وضمن الخطة المذكورة، يواصل "حزب الشعب الجمهوري" التظاهرات الليلية بمعدل واحدة كل يوم أربعاء في أحد أحياء إسطنبول، وأخرى نهارية كل يوم سبت في إحدى الولايات، للتعبير عن مطالبه، مع منح الأولوية للولايات التي يتمتع فيها "حزب العدالة والتنمية" بشعبية كبيرة، حيث أقيمت تظاهرات في سامسون ويوزغات ومرسين، ويتوجّه الحزب في الثالث من أيار/مايو إلى قونية، التي تعتبر أحد أبرز معاقل "حزب العدالة والتنمية".
رئيس بلدية إسطنبول الكبرى أكرم إمام أوغلو.
الرهان على تغيير نظام الحكم
إلى جانب صعوبة فرض الانتخابات المبكرة على الرئيس التركي، الذي يعي تراجع شعبيته نتيجة للظروف الاقتصادية السيئة والرفض المتزايد لسياسات التضييق وقمع الحريات في البلاد، ثمة عقبتان رئيسيّتان أمام المعارضة التركية في مسألة الرئاسة، تتمثل الأولى بكون إمام أوغلو، مرشّح "حزب الشعب الجمهوري" للانتخابات الرئاسية، معتقلاً، والثانية مسألة إلغاء شهادته الجامعية، والتي تعتبر أحد شروط التقدّم بطلب الترشح.
وعلمت "النهار" من مصادر قيادية داخل الحزب، أن "الشعب الجمهوري" مصمم على ترشّح إمام أوغلو وأنه أعدّ خطة أساسية وأخرى احتياطية لتجاوز "العقبات المصطنعة" من قبل السلطة.
ووفق المصدرين اللذين تحدّثت معهما "النهار"، في حال رفض اللجنة العليا للانتخابات في تركيا ترشّح إمام أوغلو، سيحوّل الحزب الانتخابات البرلمانية إلى استفتاء شعبي على تعديل الدستور من خلال السعي للحصول على نسبة 70% في البرلمان أي 401 نائب، اللازمة لتحويل نظام الحكم في البلاد من رئاسي إلى برلماني، أو 360 نائباً للذهاب إلى استفتاء شعبي.
وعليه، يخوض رئيس بلدية أنقرة منصور يافاش الانتخابات الرئاسية مرشّحاً عن "حزب الشعب الجمهوري"، ليصبح إمام أوغلو بذلك رئيس الوزراء في تركيا البرلمانية، ما بعد التعديل الدستوري، بصلاحيات تنفيذية واسعة.
يقول المصدران: "إذا منع إمام أوغلو من المشاركة في الانتخابات، سيتغير نظام الحكم في البلاد ويتولى السلطة التنفيذية". ويؤكدان أنّه "مع بدء الحملات الانتخابية، يخطط رئيس حزب الشعب الجمهوري أوزغور أوزيل لزيارة جميع أحزاب المعارضة وطلب الدعم لترشيح إمام أوغلو، في صيغة مشابهة للطاولة السداسية، والتوافق مع الأحزاب الأخرى على أرضية عدم تقديم مرشحين في بعض الولايات لإتاحة الفرصة أمام مرشحي المعارضة من الأحزاب الصغيرة للفوز والوصول إلى البرلمان".
وبحسب المصدرين "يهدف أوزيل إلى حشد الدعم الخارجي لترشّح إمام أوغلو، إذ إنّه من المنتظر أن يقوم خلال الفترة المقبلة بزيارة مؤسسات الاتحاد الأوروبي وبعض دوله، خصوصاً ألمانيا وفرنسا، ونقل مظلومية إمام أوغلو إلى اجتماعات الاشتراكية الدولية".
تشكيك بنزاهة القضاء
تشير استطلاعات الرأي التي أعقبت اعتقال إمام أوغلو إلى تزايد شعبية "حزب الشعب الجمهوري" بشكل كبير، وتزايد شعبية "حزب العدالة والتنمية" بشكل طفيف، مقابل تراجع كبير في شعبية الأحزاب الأخرى.
وفرزت انتخابات 31 آذار /مارس 2024 المحلّية الأحزاب عبر 3 مستويات: الأول يتنافس فيه حزبا "العدالة والتنمية" و"الشعب الجمهوري" على الصدارة ويحظيان بشعبية تقارب 25%، والثاني يتنافس فيه حزبا "الحركة القومية" اليميني و"ديم" الموالي للأكراد، بشعبية تحت 10%، والمستوى الثالث الذي يشهد منافسة بين أحزاب مثل "النصر" و"الجيد" و"الرفاه الجديد" وشعبيّتهم دون 3%.
لكن اعتقال إمام أوغلو كان له تأثير على الحزبين المتنافسين على الصدارة، لناحية جذب المزيد من أصوات الناخبين المترددين، والتي انخفضت بنسبة 6-8% وفق استطلاعات "بانوراما تي ري"، التي أظهرت استقطاب "حزب الشعب الجمهوري" ضعف أصوات "حزب العدالة والتنمية".
ويتوقّع المراقبون الأتراك أن تؤدي التطوّرات الأخيرة إلى ابتعاد الحزبين الرئيسيين عن باقي الأحزاب بفارق أكبر، كون التوتر السياسي والاستقطاب يدفع بالناخبين للتجمّع حول القطبين الرئيسيين.
كذلك، أظهرت استطلاعات رأي الشركة ارتفاع مؤيدي ترشّح إمام أوغلو للرئاسة بنحو 10 نقاط، مقابل نقطة واحدة لصالح أردوغان، ويعتقد 50% من الأتراك أن قضية رئيس بلدية إسطنبول سياسية ولا علاقة لها بالعدل والقضاء، مقابل 30% من مؤيدي موقف الحكومة.
إسطنبول تدفع الثمن
بالتزامن، تسعى حكومة أردوغان إلى اغتنام فرصة اعتقال إمام أوغلو لإحياء مشروع "قناة إسطنبول" مجدداً، الذي عارضه رئيس بلدية المدينة والمعارضة التركية خلال الأعوام السابقة، كونه "سيسبب أضراراً لا يمكن إصلاحها، من خلال عوامل عدّة مثل الدمار البيئي، وتزايد الكثافة السكانية في المدينة ما سيتسبب بضغوط إضافية على البنية التحتية، وتكاليف تصل إلى مليارات الدولارات".
ووجّه إمام أوغلو، عبر حسابه على موقع "اكس"، نداءً مفتوحاً من داخل سجنه لأردوغان طالبه بطرح المشروع على الاستفتاء الشعبي، قائلاً "أنت مهتم بالقناة، بينما أنا مهتم بمصير إسطنبول".
وقال إمام أوغلو في منشوره "لا يمكن فرض مشروع من شأنه أن يثقل كاهل الشعب بمليارات الدولارات، ويدمر الطبيعة ويجعل المدينة غير صالحة للسكن"، كما اعتبر أوزيل أن "الهدف السياسي لمحاولة الانقلاب في 19 آذار/مارس هو إمام أوغلو، والهدف المادي هو تنفيذ قناة إسطنبول".
0 تعليق