بينما يتدفق السياح إلى أهرامات الجيزة، ومعبد الكرنك، وأسواق خان الخليلي في القاهرة، تظل هناك أماكن ساحرة في مصر لا يعرفها الكثيرون، لكنها تمتلك ما يكفي من السحر والجمال لتنافس أشهر الوجهات العالمية. هذه المدن والقرى الهادئة تمنح الزائر تجربة مختلفة، أكثر عمقًا وهدوءًا، وأقل صخبًا. بعيدًا عن الزحام والسيارات والضوضاء، يمكنك أن تكتشف وجهًا آخر لمصر: وجهٌ يعكس الأصالة والبساطة والطبيعة الخلابة. في هذا المقال، نسلط الضوء على مجموعة من الوجهات الأقل ازدحامًا في مصر والتي تستحق أن تكون على قائمة زياراتك القادمة.

واحة سيوة: سحر الصحراء وعين التاريخ

تقع واحة سيوة في أقصى غرب مصر، على مقربة من الحدود الليبية، وتعد واحدة من أكثر الأماكن عزلة في البلاد، لكنها في الوقت نفسه واحدة من أكثرها جمالًا وروحانية. تتميز سيوة بتقاليدها الفريدة، وثقافتها البربرية المميزة، ولغتها المحلية التي لا تُستخدم في أي مكان آخر بمصر. تحيط بها الكثبان الرملية من كل جانب، وتضم بحيرات مالحة وعيون مياه عذبة مثل "عين كليوباترا" و"عين فطناس"، مما يمنحها طابعًا استثنائيًا يجمع بين الصحراء والماء.

قلعة شالي القديمة، المبنية من الطين والملح، تقف شاهدة على تاريخ الواحة العريق. أما عشاق الطبيعة والتأمل، فسيجدون في سيوة مكانًا مثاليًا للابتعاد عن الضجيج، والاقتراب من الذات وسط أجواء من السكون الخالص.

نجع حمادي وقوص: عمق الصعيد وثقافته الأصيلة

بعيدًا عن الأضواء الإعلامية، تقع مدن مثل نجع حمادي وقوص في محافظة قنا، وسط صعيد مصر، حيث يحتفظ الناس بعاداتهم وتقاليدهم التي تمتد لقرون. رغم عدم شهرتها كوجهات سياحية، إلا أن هذه المدن مليئة بالكنوز الثقافية، مثل الأديرة القديمة والآثار الإسلامية والمنازل المبنية بالطوب النيء على طراز مصري فريد.

ما يميز هذه المدن هو دفء سكانها وكرمهم، إضافة إلى الأسواق الشعبية التي لا تزال تعمل بأسلوب تقليدي دون تدخل الحداثة. وهي مناسبة جدًا لمن يرغب في تجربة الحياة المصرية الحقيقية بعيدًا عن طابع الاستعراض السياحي.

الفيوم: بين البحيرات والشلالات والآثار

تبعد الفيوم نحو ساعتين فقط عن القاهرة، لكنها عالم مختلف تمامًا. إنها وجهة مفضلة لعشاق الطبيعة والتاريخ، ومع ذلك فهي أقل ازدحامًا بكثير من المدن الكبرى. تتميز الفيوم ببحيرة قارون، وهي واحدة من أقدم البحيرات الطبيعية في العالم، وكذلك بشلالات وادي الريان، التي تُعد مكانًا مثاليًا لمحبي المغامرة والتصوير.

كذلك، تحتوي منطقة "وادي الحيتان" على هياكل عظمية لحيتان تعود لملايين السنين، مما يجعلها أحد مواقع التراث العالمي لليونسكو. يمكن للزائر أن يستمتع بالتخييم في الصحراء، أو زيارة قرى الفخار مثل قرية تونس، حيث يمتزج الفن بالطبيعة بشكل مدهش.

تقدم مصر وجهات غير تقليدية تتجاوز المفهوم الكلاسيكي للسياحة. فهي ليست فقط الأهرامات والنيل، بل أيضًا واحات خفية وقرى أصيلة ومدن تنبض بالحياة الهادئة. من سيوة الصحراوية إلى صعيد قنا والفيوم الخضراء، يمكن للزائر أن يختبر جوانب متنوعة من الهوية المصرية، دون زحام أو ضجيج. الرحلة إلى هذه الأماكن ليست فقط تغييرًا للمكان، بل أيضًا للروح.