"مشاكل" فاراج... بلا حلول! - تكنو بلس

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
"مشاكل" فاراج... بلا حلول! - تكنو بلس, اليوم الاثنين 5 مايو 2025 02:04 صباحاً

نبّهت روز جونز، عمدة مدينة دونكاستر في شمال إنكلترا، كير ستارمر زعيم حزبها ورئيس الوزراء، إلى أن عليه أن "يبدأ بالإصغاء" إلى مواطنيه. ولو تجرأت بالقدر الذي أراده كثير من رفاقها لقالت له إن مستقبلاً كالحاً ينتظره إن لم يطلق ورشة التغيير الحقيقي في البلاد. التردّد والتسويف لن يساعداه على النجاة.

نايجل فارّاج، قائد حزب الإصلاح، نجح في ترجمة شعبيته المتنامية إلى انتصارات لافتة على الأرض، على الرغم من أن حزبه أقل خبرة من أن يُعالج الأزمات المتراكمة في البلاد. فالأرجح أن الكثيرين صوّتوا له فقط للتعبير عن استيائهم.

قد يفُسّر ذلك نجاحه في الامتحان الانتخابي الحقيقي الذي خاضه مع زعيمي العمال والمحافظين في الأول من أيار/ مايو. وهو انتزع مقعد رانكون أند هيلسبي في شمال غرب إنكلترا الذي يُعدّ من "قلاع" حزب العمال الحاكم الحصينة، وصار لحزبه مندوبان اثنان بين العُمَد الستة الذين انتُخبوا، كما خرج ظافراً بـ648 من المقاعد البلدية الـ1600 التي كانت موضع تنافس.


أما كيمي بادينوك فأخفقت في قيادة حملة حزبها الآخذ بالاضمحلال ومُنيت بأكبر الخسائر (635 مقعداً)، إذ مهّد اليمين الضعيف الذي قادته طريق النصر لفاراج. ستارمر، من جهة أخرى، يستطيع التهرّب من هزيمته على جبهة المجالس البلدية باعتبار أن المعركة في الأساس كانت معركة المحافظين. لكن ضياع مقعد رانكون سيبقى شاهداً على فشل حزبه في استهداف زعيم الإصلاح بطريقة مجدية. والغريب أن العمال لم يركزوا على "كارثة" البريكست التي كان السياسي الشعبوي من أهم مهندسيها وأدّت إلى تراجع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 5 في المئة، وعلى دفاعه عن فلاديمير بوتين، وعلاقته بدونالد ترامب.

على العكس، يسعى الحزب الحاكم إلى السير على خطى فاراج في ما يتعلق بالهجرة، بدلاً من الابتعاد عنه وتفنيد مزاعمه. وفي المحصّلة، انتهى به هذا التوجّه إلى خسارة مزدوجة. لم يستطع إقناع الناخبين المتطرفين بصدق نيّاته الجديدة، فيما نفّر بتنازلاته ناخبيه اليساريين الذين احتجوا عليها بالتصويت للخضر أو الديموقراطيين الأحرار.

يبدو أن النائب الشعبوي أخذ يدفع حزب العمال إلى اليمين. وهو أدّى دور المحرّض على التغيير حينما أجبرت شعاراته الرائجة بخصوص خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ديفيد كاميرون على التعهّد بإجراء استفتاء البريكست. والواقع أنه استثمر بذكاء مهاراته الشعبوية في الحزبين السابقين اللذين قادهما، "حزب استقلال المملكة المتحدة" و"البريكست"، وحقق انتصارات كبرى في الانتخابات الأوروبية في العقد الثاني من هذا القرن عبر هذين الحزبين المعنيين بقضيّة البريكست وحدها. أما الآن، فهو قد وسّع نطاق أحلامه وأصبح راغباً في الوصول إلى 10 داونينغ ستريت، كما تدل مطالباته المتكررة باعتباره حزب المعارضة الرئيسي بدلاً من المحافظين.

فهل يوحي صعوده السريع أنه كسر نظام الحزبين المهيمن في بريطانيا منذ أواسط القرن الماضي لأن حصة المحافظين والعمال معاً من الأصوات أقل من 50 في المئة في الانتخابات الأخيرة، مع أنها تجاوزت ذلك بكثير دوماً؟

يجب أن يكون الجواب المنطقي بالنفي. فارّاج يتقن الحديث عن المشاكل، لكنه لا يجيد العثور على حلول لها! هشاشة البناء الفكري لحزبه وضحالة طروحاته، تدفعان المراقب إلى عدم التفاؤل بأنه يستطيع الإصلاح وأن يقدّم لبريطانيا البديل الذي تحتاج إليه لحزبيها الرئيسيين.

قد يقول قائل، أليس من السابق لأوانه الحكم عليه منذ الآن؟ ربما. لكن "الرسالة تُقرأ من عنوانها" الذي يدفع العديد إلى توقع نتائج سلبية لإدارته الشؤون المحلية في 10 مجالس بلدية والتحكم بموازنات كبيرة، ذلك أن انتقاد الأخطاء من منبر المعارضة أسهل من معالجتها على يد الحكومة. والواضح أن المهاجرين وطلاب اللجوء سيكونون "مكسر عصا" لممثليه المنتخبين حديثاً أينما كانوا.

في هذا السياق، يُذكر أن شعبية ستارمر وحزبه العالية وهو خارج السلطة، راحت تتقهقر بدءاً من تموز/ يوليو 2024. والسنوات الـ14 التي قضاها المحافظون في الحكم بما فيها من أخطاء وفضائح، ألحقت أضراراً بالحزب قد يصعب شفاؤها في المدى المنظور. فهل يثبت فارّاج على أرض الواقع أنه جدير بتسلم السلطة في البلاد بعد أربع سنوات، أم يرسب في الامتحان؟

 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق