نبيلة لها من اسمها نصيب - تكنو بلس

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
نبيلة لها من اسمها نصيب - تكنو بلس, اليوم الثلاثاء 6 مايو 2025 05:08 صباحاً

الأسبوع الماضي، وفي احتفالية ديبلوماسية، أطلق كتاب السفيرة نبيلة عبد الله الملا من خلال تجمع من الديبلوماسيين والمهتمين في المعهد الديبلوماسي الكويتي. والكتاب بالإنكليزية لأول ديبلوماسية خليجية، وعنوانه إن ترجم إلى العربية هو "فتح آفاق جديدة على الساحة العالمية".

 

نبيلة السفيرة التي قضت تقريباً نصف قرن في العمل الديبلوماسي منها مندوبة دائمة للكويت في الأمم المتحدة، وسفيرة لدى النمسا وعدد من العواصم العالمية، ومثلت الكويت في مؤتمرات دولية لحقوق الإنسان ونزع السلاح، لها حضور متميّز، يتصف بديبلوماسية مهنية راقية، فهي رمز من رموز نجاح المرأة الكويتية، ولكنه نجاح كان يحتاج إلى عزيمة وإصرار، فقد خطت المرأة الخليجية عموماً، والكويتية على وجه الخصوص، خطوات يمكن اعتبارها ضخمة في مسيرة التحضر الحديث، من تابعة إلى قائدة، وهي سيرة صعبة بكل المقاييس.

وللمقارنة فقط للقارئ الكريم، يذكر لنا العلامة المرحوم صالح العجيري، الذي امتدت حياته لقرن تقريباً، أنه في ثلاثينيات القرن الماضي، تُوفي لأحد أصدقائه فتاة تبلغ الثامنة من عمرها، وبعد دفنها نفض الأب يده من تراب القبر، وقال لمن حوله "الحمد لله أنها تُوفيت قبل أن تدخل المعارف"! في إشارة إلى المدارس في ذلك الوقت. علينا أن نتصوّر تلك النقلة الحضارية، بين ذاك الموقف الاجتماعي وسيرة السفيرة نبيلة الملا!

بعدها بوقت قصير في أربعينيات القرن الماضي وبداية الخمسينيات دخل جيل نبيلة الملا المدارس، وكانت علامة على تفتح المجتمع، وربما هي بالذات القادمة من أسرة منفتحة، ولكنها لم تكن الوحيدة، درست الثانوية في لبنان، ثم التحقت بالجامعة الأميركية في بيروت في ذلك الوقت الذي كانت فيه بيروت منارة للتعليم والثقافة، وحاضنة للأفكار الجديدة، وتخرّجت في بداية سبعينيات القرن الماضي، ومنذ ذلك الوقت حتى سنوات قليلة مضت عملت في السلك الديبلوماسي الكويتي.

تشرح لنا نبيلة في كتابها "فتح آفاق جديدة" تكوينها الثقافي وخاصة في بيروت، وخطواتها الأولى في الانضمام إلى العمل الديبلوماسي، وفي فصل عنونته "أوقات صعبة" شهدت إرهاصات دخول الكويت لمجلس الأمن 1978-1979 في فترة تاريخية صعبة. وقد اختارها، وهي تخطو خطواتها الأولى، المخضرم عبد الله بشارة لمساعدته في تلك المهام في المندوبية الدائمة في نيويورك، وبقيت هناك لفترة طويلة تشرّبت العمل الديبلوماسي في حضرة خليّة عالمية لا تهدأ. في تلك الفترة كانت الكويت مهتمة في نشاطها الديبلوماسي بحل المشكلات العربية - العربية، وحتى المشكلات الدولية، وكان للمندوبية والعاملين فيها نشاط ديبلوماسي، شهد أول لقاء بين سياسي أميركي هو أندرو يونغ وزهدي الطرزي المندوب الفلسطيني في منزل المندوب الدائم للكويت، وسرعان ما عرفت الصحافة الأميركية بذلك وحدثت ضجّة وقتها أقيل على أثرها المندوب الدائم للولايات المتحدة في الأمم المتحدة. كان ذلك جهداً من جهود البعثة الكويتية لتقديم منظمة التحرير الفلسطينية إلى العالم، وهو مثال لجهد مندوبية الكويت في الأمم المتحدة نحو الدفاع عن القضايا العربية.

تصف السفيرة نبيلة في كتابها أيضاً سنوات الحرب العراقية - الإيرانية، التي نشطت فيها البعثة الكويتية في محاولات توفيق من خلال إصدار عدد من الوثائق والقرارات في الأمم المتحدة، وكذلك الصراع في لبنان، ودائماً بالتعاون مع منظمات الأمم المتحدة.

السفيرة نبيلة واجهت كل تلك الملفات وعملت عليها، إلا أن الأحداث تطورت على نحو غير متوقع باحتلال العراق للكويت، ودخلت الديبلوماسية الكويتية في ذلك الوقت في صراع طويل، تبيّن فيه أن الأصدقاء السابقين، لم يكن كثير منهم عند صدقهم.

تسرد السفيرة نبيلة في كتابها في فصل عن حرب الخليج وما بعدها، فتعرض للقارئ من داخل الأمم المتحدة قيام عدد من الدول العربية بشجب ذلك الاحتلال، وكان على رأسها المملكة العربية السعودية بقيادة الملك فهد رحمه الله، ودولة الإمارات ومصر. المفاجأة التي لم تكن متوقعة هي وقوف بعض الدول العربية مع المعتدي، الذي سبّب شرخاً في علاقات الكويت بتلك الدول، وسُمّيت وقتها "دول الضد". وتشرح السفيرة الملا الجهود التي بُذلت في الأمم المتحدة لحشد الدعم لتحرير الكويت، الذي تم في شباط/ فبراير 1991. كانت مرحلة صعبة في مسرح الأمم المتحدة حيث شهد ذلك المسرح صراعاً عربياً - عربياً. كانت الكويت في العقود السابقة تحاول جاهدة حلّ الخلافات بين العرب، وتذهب إلى التوافق، إلا أن الجهود الديبلوماسية السابقة، لم تعنِ شيئاً لبعض متخذي القرار العرب.

تصف لنا السفيرة نبيلة لقاءها في تلك الفترة الصعبة التي سبقت الاحتلال، حيث التقت بصديق تعرفه في الأمم المتحدة "أخذني جانباً وقال لي لماذا لا تطلبون مساعدة الولايات المتحدة، فأخذت الخطّ الرسمي وقلت له نحن لدينا ثقة كبيرة بالوساطة العربية، ونتحدث معهم عن رغبتنا في عدم إثارة العراق". هكذا كان عمق إيمان الديبلوماسية العربية بالمظلة العربية، ولكنها تستدرك بأن ذلك الشعور بوجود مظلة عربية سرعان ما تبخر، بعد دخول القوات العراقية إلى الكويت في 2 من آب/ أغسطس 1990.

دارت المعركة في ساحة الأمم المتحدة، وفي مجلس الأمن من أجل إصدار مجموعة من القرارات التي تدين الغزو العراقي للكويت. وتذكر السفيرة نبيلة الدول التي وقفت بصلابة مع الحق الكويتي وتصف في مذكراتها تلك الأيام متوقفة أمام محطات مهمة، كما تذكر موقف مندوب اليمن في ذلك الوقت الذي كان ممثلاً للدول العربية في مجلس الأمن، حيث أخذ موقفاً متردّداً من أيّ قرارات تصدر لصالح الكويت.

تذهب المذكرات إلى دور السفيرة نبيلة الملا في علاقتها مع الدول الأفريقية وتصف لقاءها مع نيلسون منديلا الذي كان معارضاً التدخل العسكري من أجل تحرير الكويت، تقول: "ذكّرته بموقف الكويت الداعم لاستخدام جميع السبل لتحرير دول الجنوب الأفريقي من الاستعمار ".

تضمّن كتاب السفيرة نبيلة مجموعة من الوثائق ملحقة بالنص الأصلي، منها ما لفت نظري، وله معنى اليوم، هو خطاب من وزير الخارجية الإماراتي وقتذاك السيد أحمد خليفة السويدي إلى نبيلة الملا بتاريخ الثامن عشر تشرين الثاني/ نوفمبر 1974، في وقت مبكر من استقلال الإمارات. كانت الرسالة دعوة من الخارجية الإماراتية للسفيرة نبيلة في أولى سنوات عملها للحديث مع نخبة عالمية عن مخاطر انتشار السلاح النووي، وهي أطروحتها للماجستير، وهذا دليل مبكر على اهتمام دولة الإمارات بالعنصر النسائي وتأهيله، الذي تم بعد ذلك بنجاح نشهده اليوم.

تؤكد السفيرة نبيلة على خلاصة تجربتها أن البحث الجاد في خلفية القضية المعروضة، والتشاور مع الزملاء ومع أهل الاختصاص، على كل مستوى، هو الذي توصي به، إلا أنه لا غنى عن قراءة الكتاب لأي ديبلوماسي وخاصة الشباب للاستفادة من تلك الخبرة.

 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق