في كتابه "المضحكون"، حلل الكاتب الساخر الكبير محمود السعدني التركيبة الفنية لفرقة ثلاثي أضواء المسرح، واصفًا أدوار أعضائها الثلاثة: جورج سيدهم كممثل، والضيف أحمد كمضحك، وسمير غانم كـ"كداب الزفة"، وهو مصطلح يشير إلى الشخصية التي تجذب الجمهور بالحركات المبالغ فيها والإيماءات الكاريكاتيرية، تمامًا كما كان يفعل مهرجو الفرق الجوالة في الماضي، حيث رأى السعدني أن الثلاثي أعادوا إحياء تراث "مسرح الشارع" عبر وسيط حديث هو التلفزيون، الذي كان سببًا في اندثار الفرق التقليدية

سمير غانم  بين الصرامة العسكرية وخفة الظل

وُلد سمير يوسف غانم في 15 يناير 1937 بقرية عرب الأطاولة في أسيوط، وسط بيئة عسكرية صارمة بفضل والده الضابط، بينما ورث عن والدته روح الدعابة والتلقائية. قال غانم ذات مرة: "لو دخلت والدتي الفن لتفوقت على ماري منيب!"

وأشار إلى تأثيرها الكبير في صقل موهبته الكوميدية. في المدرسة، حيث تفجرت موهبته عبر المسرح المدرسي، وهو يضحك التلاميذ بتقليد الشخصيات، قبل أن يلتقي بجورج سيدهم في كلية الزراعة، ليشكلا معًا نواة الثلاثي الشهير.

فرقة الثلاثي.. من الاسكتشات إلى النجومية

انطلق الثلاثي في الستينيات عبر برنامج "أضواء المسرح" التلفزيوني، مستفيدين من كتابات حسين السيد وألحان محمد الموجي، وتميز سمير غانم بدور "كداب الزفة" بملابسه المزركشة وحركاته المبالغ فيها، مثل خلع البنطال ليكشف عن سروال قصير، ما جعله محط أنظار الجمهور. لكن السعدني رأى أن غانم كان قادرًا على أن يكون "ملك المنولوج" كخليفة لإسماعيل يس لولا انضمامه للثلاثي.

تحديات والتحولات.. بعد رحيل الضيف أحمد

في 1970، توفي الضيف أحمد فجأة، ما أحدث فراغًا في الفرقة. حاول جورج وسمير ضم عادل إمام، لكنه رفض، وفقًا لرواية سمير غانم، خوفًا من المقارنة بالضيف الراحل. استمر الثنائي في تقديم أعمال مثل "موسيقى في الحي الغربي" و"جوليو ورومييت"، لكن التوترات الإدارية بين شقيقَيْهما (أمير سيدهم وسيد غانم) حول إدارة الفرقة أدت إلى انفصالهما النهائي، خاصة بعد إصابة سيد غانم بفشل كلوي ووفاة لاحقة.

المسيرة الفردية.. من "فطوطة" إلى "سمورة"

بعد الانفصال، برز غانم كنجم منفرد عبر أفلام مثل "المقاولات"، التي انتقدها البعض لتركيزها على الكوميديا التجارية، لكنها حققت شعبية جماهيرية واسعة، وفي التسعينيات، أسس شخصية "سمورة" في فوازير رمضان، التي أصبحت أيقونة تلفزيونية، مستخدمًا نفس مهارات "كداب الزفة" في جذب المشاهدين بالحركة والصوت المميز.

رحل سمير غانم في مايو 2023 عن 86 عامًا بعد صراع مع مضاعفات فيروس كورونا، وخلف وراءه مئات الأعمال التي شكلت ذاكرة جماعية للمصريين والعرب، نعته الفنانة لبلبة قائلة: "فقدنا فنانًا لا يُعوَّض"، بينما وصفته نادية الجندي بأنه "رمز كوميدي فذ"، رغم انتقادات بعض النقاد لـمدرسة "الضحك من أجل الضحك"، إلا أن جمهوره رأى فيه تجسيدًا للبهجة في أبسط صورها.

==

مصادر ومراجع التقرير: 

كتاب "المضحكون" لمحمود السعدني.

تقارير صحفية عن وفاة سمير غانم وتأبين الفنانين.

سيرة سمير غانم الفنية وأبرز أعمال الثلاثي