نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
كيف أصبحت الصين القوة الأولى في صناعة السيارات الكهربائية؟ - تكنو بلس, اليوم السبت 31 مايو 2025 07:58 مساءً
ديانا القيسي*
في السنوات الأخيرة، برزت الصين كقوة عالمية رائدة في قطاع السيارات الكهربائية، ونجحت في تغيير خريطة السوق العالمي لصناعة المركبات عبر مجموعة من العوامل الاستراتيجية والاقتصادية. فما هي أبرز دوافع هذا الصعود السريع؟ وما انعكاساته على مستقبل الاقتصاد الأخضر العالمي؟
دعم حكومي واستراتيجية طويلة الأمد
منذ عام 2009، اعتمدت الحكومة الصينية استراتيجية واضحة تهدف إلى التحول نحو الطاقة النظيفة. واستثمرت أكثر من 230 مليار دولار في قطاع السيارات الكهربائية، مع تقديم حوافز مالية للمواطنين تصل إلى 2,500 دولار عند استبدال سياراتهم التقليدية بسيارات كهربائية، إضافة إلى إعفاءات ضريبية وتشجيع على الشراء.
كما ركزت الصين على تطوير البنية التحتية اللازمة، فأنشأت شبكة ضخمة من محطات الشحن، إذ تمتلك اليوم حوالي 85% من محطات الشحن السريع في العالم، وقرابة 60% من السوق العالمي لمحطات الشحن البطيء.
تقليل الاعتماد على النفط
واحدة من أبرز نتائج هذا التوجه هي تقليل اعتماد الصين على واردات النفط، إذ يُعد قطاع النقل من أكبر مستهلكي الطاقة. وقد أشار تقرير للوكالة الدولية للطاقة (IEA) إلى أن استهلاك النفط في الصين انخفض بأكثر من مليون برميل يومياً، نتيجة تزايد استخدام السيارات الكهربائية، والتي أصبحت تشكل حوالي ثلث مبيعات السيارات في السوق الصيني.
تصنيع ضخم وتكاليف منخفضة
بفضل الإنتاج الضخم والتكامل الكامل في سلسلة التوريد المحلية، انخفضت تكلفة السيارة الكهربائية الصينية إلى نحو 34,000 دولار فقط، مقارنة بـ 55,000 دولار في الولايات المتحدة، وفق بيانات المنتدى الاقتصادي العالمي (WEF). هذا الفارق السعري الكبير يجعل السيارات الصينية أكثر جاذبية للأسواق العالمية، ويزيد من قدرتها التنافسية.
التكنولوجيا الصينية تقود الابتكار
شركات مثل BYD وCATL الصينية تقود مسيرة الابتكار في مجال البطاريات، خاصة في تطوير تقنيات الشحن السريع التي كانت تمثل عائقاً أمام انتشار السيارات الكهربائية. وقد نجحت هذه الشركات في تجاوز العديد من التحديات التقنية، مما ساهم في تسريع وتيرة اعتماد هذه المركبات حول العالم.
انعكاسات عالمية على السوق التقليدي
تصدّر الصين لهذا القطاع فرض ضغوطاً متزايدة على صانعي السيارات التقليديين، لاسيما في أوروبا وأميركا. هؤلاء المنتجون الذين اعتادوا الهيمنة على السوق أصبحوا الآن مهددين بفقدان حصصهم لصالح الشركات الصينية ما لم يسرعوا في التحول إلى السيارات الكهربائية ويخفضوا أسعارهم.
آثار على المواد الخام والتعدين
الطلب المتزايد على السيارات الكهربائية الصينية رفع الطلب على المعادن الحيوية مثل الليثيوم، النحاس، والكوبالت. وتشير البيانات إلى أن أسعار الليثيوم ارتفعت بنسبة 30% نتيجة هذا الطلب. هذا الواقع يعيد رسم خريطة الاستثمارات في قطاع التعدين ويحفّز البحث عن أسواق جديدة لهذه المواد.
ملامح الاقتصاد الأخضر الجديد
الصعود الصيني في مجال السيارات الكهربائية يمثل بداية واضحة لتحول عالمي نحو اقتصاد صناعي أخضر جديد، حيث تتغير موازين القوى، وتُعاد صياغة سلاسل القيمة الجغرافية، خاصة في مجالات الطاقة والتعدين والتصنيع.
الصين لا تسعى فقط إلى تخفيف اعتمادها على النفط، بل تعمل أيضاً على تعزيز مكانتها الدولية عبر السيطرة على قطاع المستقبل: السيارات الكهربائية، الذي سيشكل العمود الفقري للاقتصاد الأخضر في العقود المقبلة.
* خبيرة في شؤون حوكمة الطاقة
0 تعليق