نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
السباق الصيني نحو الهيمنة على عصر الروبوتات البشرية - تكنو بلس, اليوم الأحد 1 يونيو 2025 07:58 مساءً
بحسب ما نشرته وكالة "بلومبرغ"، فقد شهدت الصين مؤخراً طفرة تقنية متسارعة في مجال تطوير الروبوتات البشرية، وسط تنافس حادّ بين عشرات الشركات الناشئة التي تسعى لتكون في طليعة هذا القطاع الواعد.
في عرض غير تقليديّ، قدّمت شركة "EngineAI" الناشئة عرضاً لكيفية تعلّم الروبوتات في العصر الحديث، حيث قامت مدرّبة شقراء بتعليم الروبوت التابع للشركة إحدى الرقصات، ثم طالبته بتقليد خطواتها، مستخدمة عبارات تشجيعية مثل: "خمسة، ستة، سبعة، ثمانية... هيا، تابع الإيقاع". وباستخدام تقنيات الرؤية الحاسوبية وخوارزميات التعلم الآلي، تمكن الروبوت خلال أيام من إتقان رقصة "Axe Gang" المستوحاة من فيلم "Kung Fu Hustle" الصادر عام 2004.
ورغم الطابع الترفيهي للعرض، فإن ما يجري يُعد خطوة جادة في مسيرة الصناعة الصينية. فبعد هيمنة شركات أميركية مثل Boston Dynamics على تطوير الروبوتات البشرية، دخلت الشركات الصينية في سباق تقني محتدم. ففي نيسان/أبريل، استضافت بكين أول نصف ماراثون للروبوتات في العالم، ففاز به روبوت "X-Humanoid" بعد منافسة مع 20 روبوتاً آخر. وفي أيار/مايو، نظّمت شركة "Unitree Robotics" أول بطولة ملاكمة للروبوتات. وعلى الرغم من أن 15 من أصل 21 روبوتًا فشلوا في إكمال السباق، فإن التركيز كان على التقدم لا الكمال.
الصين، التي تمتلك أعلى كثافة روبوتات في مصانعها مقارنة بالولايات المتحدة واليابان، تعمل على إدماج الروبوتات البشرية في أدوار متقدمة، تشمل فرز النفايات، توصيل الأدوية في دور المسنين، الدوريات الأمنية، وإرشاد الزوار في المتاحف. وتشير تقارير إعلامية محلية إلى اختبار هذه الروبوتات لأغراض عسكرية.
يقول تشاو تونغيانغ، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة EngineAI، إن هناك ما بين 50 إلى 60 شركة صينية تعمل حالياً في ميدان تطوير الروبوتات البشرية، مدعومة بخبرة صناعية محليّة ودعم حكومي. وأوضح بأن الشركة لديها طلبات لشراء مئات الروبوتات. وأضاف: "الصين تضمّ العديد من الجهات الفاعلة، وهناك بعض المواهب الجيّدة بينها. آمل أن تكون الصين في الطليعة في مجال الروبوتات".
هذا التقدم جذب اهتمام إيلون ماسك، مؤسس "تسلا"، الذي صرّح في مكالمة هاتفية في أبريل أن روبوتات "Optimus" التابعة لشركته تتصدر من حيث الأداء، لكنه عبّر عن قلقه قائلاً: "أخشى أن تكون المراتب من الثانية إلى العاشرة كلها من نصيب شركات صينية".
أهمية هذا القطاع تتجاوز الجوانب التجارية. فقد توقعت شركة Citigroup أن يصل حجم سوق الروبوتات البشرية والخدمات المرتبطة بها إلى 7 تريليونات دولار بحلول عام 2050، مع وجود ما يقرب من 648 مليون روبوت بشري عالمياً. واعتبر ماسك أن إدخال هذه الروبوتات يمكن أن يزيد من حجم الاقتصاد العالمي ليصبح عشرة أضعاف حجمه الحالي، مشيرًا إلى أنها تفتح إمكانيات اقتصادية ضخمة.
يعكس تقدم الصين في هذا المجال استراتيجية طويلة الأمد. فقد رسم الرئيس الصيني شي جين بينغ والحزب الشيوعي ملامح خطط لتطوير التكنولوجيا الاستراتيجية، بما فيها الروبوتات، قبل أكثر من عقد. وقدمت الحكومات المحلية حوافز مالية وخدمات دعم للشركات الناشئة. وفي حالة EngineAI، ساعدت حكومة شينزن في ربط الشركة بالممولين والمصادر. وقال تشاو: "رغم أن الحكومة لا تستثمر مباشرة، فإن أموالها تُستخدم لتوجيه الاستثمارات نحو هذا القطاع".
في وقت سابق من هذا العام، أعلنت الصين عن خطط لاستثمار تريليون يوان (138 مليار دولار) في الروبوتات والتكنولوجيا المتقدمة خلال العقدين المقبلين، متفوقة على كلّ من الولايات المتحدة وأوروبا من حيث حجم الاستثمارات المعلنة.
ورغم أن الولايات المتحدة تمتلك شركات رائدة مثل Boston Dynamics وAgility Robotics وFigure AI وTesla، فإن بعض الخبراء يرون أن النموذج الصيني في "الرأسمالية الموجّهة من الدولة" يمنحها ميزة في تطوير القطاعات الاستراتيجية كثيفة رأس المال، كما حدث في قطاعي السيارات الكهربائية والطاقة الشمسية.
في هذا السياق، قال جوليان مولر-كالر، مدير مركز "Strategic Foresight Hub" في معهد Stimson Center في واشنطن: "النموذج الصيني في الرأسمالية المدارة من الدولة قد يكون أكثر ملاءمة لتطوير التقنيات الرقمية والاستراتيجية، والتي تُعدّ قضايا جيوسياسية من الطراز الأول".
ورغم أن مستقبل السوق لا يزال غير مضمون، فإن الصين تراهن بقوة على الروبوتات البشرية. ووفقاً لدراسة صادرة في نيسان/أبريل عن مركز "Leaderobot" الصيني ومؤسسات أخرى، فإن الصين في طريقها لإنتاج أكثر من 10,000 روبوت بشريّ هذا العام، أي ما يتجاوز نصف الإنتاج العالمي.
وأضاف هنريك كريستنسن، مدير معهد الروبوتات السياقية في جامعة كاليفورنيا سان دييغو: "الصين تفوز في سباق الروبوتات البشرية، وليس لديّ أدنى شك في ذلك".
يتتبع مسار تشاو تونغيانغ هذا التحول. فبعد تخرجه بتخصص الأتمتة، انطلق في هذا المجال قبل ثماني سنوات بدافع شخصي للابتكار، وليس بدوافع سياسية. وقال: "كنت أؤمن أن الروبوتات البشرية ستغير طريقة حياة البشر". وقد صادف توقيت إطلاق برنامج "صُنع في الصين 2025"، الذي وضع أهدافاً تكنولوجية لعقد كامل، لمواجهة أزمة متوقعة في سوق العمل، حيث يُتوقع أن تنخفض نسبة السكان في سن العمل بنسبة 22% بحلول عام 2050. وتشير تقارير حكومية إلى وجود نقص متوقّع يبلغ 30 مليون عامل في عشرة قطاعات صناعية بنهاية هذا العام.
وقد أدى هذا النقص، بالإضافة إلى عزوف الجيل الجديد عن الأعمال اليدوية، إلى دفع الصين لتكثيف استخدام الروبوتات. ووفقًا للاتحاد الدولي للروبوتات، ارتفعت كثافة الروبوتات في الصين إلى 470 روبوتًا لكل 10,000 موظف عام 2023، مقارنة بـ 295 روبوتًا في الولايات المتحدة.
وتساعد نماذج الذكاء الاصطناعي المتقدمة، كالتي تشغّل "تشات جي بي تي" و"ديبسيك"، على منح الروبوتات البشرية القدرة على التعلم والتكيّف. وقال تشانغ لين، الرئيس التنفيذي لشركة "Leju Robotics"، إن روبوتات شركته "Kuavo" يمكنها تعلّم المهام ببساطة من خلال تكوين مجموعات بيانات، مثل طريقة تنظيف الأرض أو ريّ النباتات.
وقد بدأت روبوتات "UBTech" بمساعدة شركة "فوكسكون" بتجميع أجهزة iPhone، كما تعمل أكثر من 500 وحدة منها في مصانع شركات مثل "BYD"، و"جيلي"، و"FAW-Volkswagen"، في مهام تشمل رفع الصناديق، فرز المكونات، واختبار المعدات. وفي مصنع FAW-Volkswagen، تستخدم الروبوتات لاكتشاف تسرّبات الغازات المؤذية التي قد تؤثر سلبًا على صحّة العمال.
أما "Leju Robotics"، فقد سلمت ما لا يقلّ عن 100 روبوت لمصانع سيارات مثل "BAIC" و"Nio"، ودور رعاية في سوتشو، وقاعات عرض، وجامعات، لاستخدامها في البحث العلمي أو تقديم خدمات لوجستية.
وترى سوزان بييلر من الاتحاد الدولي للروبوتات أن تعاون الشركات الناشئة مع المصنعين في الصين يسهم في خفض التكاليف وزيادة الانتشار خلال السنوات الخمس إلى العشر المقبلة.

روبوت بشري من Unitree يفقد السيطرة عند انطلاق نصف ماراثون الروبوتات في بكين يوم 19 نيسان / أبريل.
وقد أنفقت EngineAI سنوات لتقليل تكلفة مكوناتها، مثل تطوير مفصل طاقة داخلي بتكلفة تعادل عُشر سعر القطعة المستوردة. كذلك عمل تشاو مع فريقه على تحسين طريقة مشي الروبوتات لتكون أكثر طبيعية، واستعانوا ببيانات بشرية لتدريب الروبوتات عبر الشبكات العصبية.
ورغم كل هذا التقدم، فإن أمام الروبوتات البشرية تحديات ما تزال قائمة. ففي نصف ماراثون بكين، تعثّر أحد الروبوتات عند خط البداية، وسقط رأس آخر على الأرض. أما في بطولة الملاكمة، فكان بعض الروبوتات يضرب في الهواء أو يسقط رغم التحكم البشري المباشر. وقال رومان مولان، الرئيس التنفيذي لشركة "Exotec" الفرنسية، إن هذه الروبوتات "لا تزال غير مجدية اقتصاديًا بالنسبة لمعظم الناس والشركات".
لكن الإيمان بالمستقبل الرقمي يزداد. فقد وصفت "Citigroup" هذه الروبوتات بـ"الذكاء الاصطناعي الفيزيائي"، وتوقعت أنها ستكون الأكثر نموًا في سوق الروبوتات، بفضل مرونتها في العمل في مجالات الصحة، التنظيف، التوصيل، التجزئة، والضيافة.
ويؤمن ماسك بأن آلاف روبوتات "أوبتيموس" ستعمل في مصانع "تسلا" بحلول نهاية العام الجاري، وأنه سيتم إنتاج مليون وحدة سنويًا خلال أقل من خمس سنوات. وتتوقع Citigroup أن تتراوح تكلفة الروبوت الواحد بين 20,000 إلى 30,000 دولار بحلول 2027، وأن يُعوّض هذا الاستثمار خلال 36 أسبوعًا فقط في الولايات ذات الحد الأدنى المنخفض للأجور.

روبوت تسلا البشري أوبتيموس يُعرض في مؤتمر البوند بشنغهاي، أيلول / سبتمبر.
واختتم تقرير Citigroup بالقول: "الحجة لصالح الروبوتات البشرية لا تتعلق فقط بالاقتصاد. فبعض الوظائف خطيرة أو غير مرغوبة من البشر، ويمكن للروبوتات أن تؤديها بكفاءة. كما أنها لا تأخذ إجازات أو تترك العمل".
أما تشانغ لين، من "Leju Robotics"، فقال: "كلما دخل عدد أكبر من الشركات إلى هذا القطاع، تحسّن مستوى الصناعة. علينا فقط أن نُبقي أنفسنا في الصدارة".
0 تعليق