في خطوة تعكس التوسع الثقافي المستمر في قلب العاصمة الفرنسية، تستعد باريس لاستقبال إضافة فنية مميزة هذا العام. مؤسسة كارتييه للفن المعاصر، التي رسخت مكانتها كأحد أبرز المعارض الفنية في فرنسا على مدار ثلاثة عقود، تعلن عن افتتاح موقع جديد وضخم في موقع استراتيجي مقابل متحف اللوفر، ضمن واحدة من أرقى الساحات الباريسية. خطوة تمثل نقلة نوعية في المشهد الفني للمدينة، وتعد زوار باريس بعالم إبداعي جديد يستحق الاستكشاف.

الموقع الجديد لمؤسسة كارتييه سيُفتتح في أكتوبر المقبل في 2 ساحة القصر الملكي، موقع لا يبتعد سوى خطوات قليلة عن متحف اللوفر ووزارة الثقافة الفرنسية، وهو ما يمنحه أهمية جغرافية وثقافية فائقة. المقر الجديد يمتد على مساحة 8500 متر مربع، ما يجعله أكبر مركز فني خاص في باريس. وقد تم اختيار مبنى تاريخي يعود إلى عام 1852 ليكون الحاضن لهذا المشروع، ما يضفي عليه لمسة من العراقة الباريسية الأصيلة.

ورغم الحفاظ على الطابع الكلاسيكي الخارجي للمبنى، فإن التصميم الداخلي خضع لتحول كامل على يد المعماري الفرنسي العالمي جان نوفيل، الذي صمّم أيضًا المبنى الحالي للمؤسسة في شارع راسباي بالدائرة الرابعة عشرة. نوفيل، المعروف بقدرته على المزج بين الجرأة المعمارية والهوية الثقافية، أعاد تصميم المساحات الداخلية بأسلوب معاصر يعكس روح المؤسسة الفنية ويمنح الزائر تجربة حسية فريدة.

وسوف يُخصص نصف المساحة للمعارض، ما يسمح للمؤسسة بعرض مجموعتها الخاصة التي تضم أكثر من 2500 عمل لأول مرة، أما النصف الآخر سوف يضم مطعمًا ومكتبة وقاعة احتفالات ومكاتب، جميعها من تصميم استوديو جان نوفيل. وسوف يكون "المعرض العام" المعرض الافتتاحي، إذ يعرض ما يقرب من 600 عمل فني تُبرز إرث المؤسسة من عام 1984 إلى اليوم.

الانتقال إلى هذا الموقع الرمزي لا يعكس فقط توسعًا في المساحة، بل يُترجم رغبة المؤسسة في الانخراط بعمق في الحياة الثقافية النابضة وسط باريس، والمساهمة بشكل أكثر فاعلية في تعزيز مكانة المدينة كعاصمة عالمية للفن. ومن المتوقع أن يستضيف المقر الجديد معارض ضخمة وأعمالاً لفنانين معاصرين من مختلف أنحاء العالم، بالإضافة إلى فعاليات ثقافية وورش عمل تفاعلية.

مع افتتاح الموقع الجديد، تسعى مؤسسة كارتييه إلى إعادة تعريف العلاقة بين الفن والجمهور، وتوفير فضاء لا يقتصر على مشاهدة الأعمال الفنية، بل يشجع أيضًا على الحوار والتفاعل. الموقع الجديد سيكون أشبه بمنصة مفتوحة تجمع بين المعارض والعروض والمحاضرات في قلب العاصمة، مما يعزز من اندماج الفن في الحياة اليومية للمدينة وسكانها وزوارها.