نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
بعلبك - الهرمل إنماء غائب... وعود مؤجلة ومشاريع غير مكتملة أو على الورق - تكنو بلس, اليوم الثلاثاء 17 يونيو 2025 12:35 مساءً
بين حجارة التاريخ وأوجاع الحاضر، تقف محافظة بعلبك -الهرمل شاهداً على مأساة مزمنة عنوانها الإنماء الغائب. مدينة الشمس، التي أنارت دروب الإمبراطورية الرومانية، باتت اليوم تحت ضوء خافت من التجاهل، رغم كل ما تحمله من ثقل تاريخي وجغرافي وسكاني.
بحسب وزارة الشؤون الاجتماعية، تبلغ نسبة الفقر في بعلبك - الهرمل أكثر من 60% فيما تشير تقارير البنك الدولي إلى أن المحافظة من أقل المناطق اللبنانية استثماراً في البنى التحتية، سواء على صعيد المستشفيات أو المدارس أو شبكات الطرق.
الكهرباء تصل بمعدل لا يتجاوز 4 ساعات يومياً في معظم القرى والبلدات، ومياه الشرب في بعض المناطق تُجلب بالصهاريج.
أبو فادي، مزارع من بوداي، يقول: "من 20 سنة وأنا أزرع، لكنني اليوم أخسر أكتر مما أربح، لا سوق، لا دعم، لا برادات. الدولة فقط حبر على ورق".
أحياء حفرها الإهمال. (لينا إسماعيل)


رنا، طالبة جامعية من اللبوة، تشكو: "عندما تمطر تصبح الطريق عذاباً، فلا نقل عاماً منظماً ولولا أهلي لما تمكنت من إكمال دراساتي الجامعية في بعلبك أو بيروت".
طارق، طبيب شاب في أحد المستشفيات الحكومية، يقول: "المعدات قديمة، والأدوية ناقصة، ورغم ذلك نكمل من إمكاناتنا الذاتية أحياناً. "بعلبك فيها ناس بتستحق أكتر من هيك".
منذ مطلع الألفية الثانية، والوعود بمشاريع "إنماء بعلبك - الهرمل" تنهمر على المنطقة، بدءاً من خطط النهوض الريفي، مروراً بمشاريع ممولة من الصناديق العربية والأجنبية، وصولاً إلى المبادرات التي أُعلن عنها لاحقاً، والتي شملت إنشاء طرق، شبكات ري، مشاريع للطاقة الشمسية، ومراكز صحية.
ورغم الترويج المتكرر لهذه الخطط، بقي التنفيذ محدوداً ومجزّأ، ما أبقى واقع المنطقة على حاله من التهميش، وسط غياب البنى التحتية المتكاملة والخدمات الأساسية.
ومن المشاريع التي طُرحت أو بدأ العمل بها ولم يستكمل:
- المستشفى الحكومي في شمال بعلبك.
- مبنى محافظة بعلبك – الهرمل.
- الأوتوستراد الدائري (الرينغ) لمدينة بعلبك ومحيطها .
- المول التجاري الكبير في سوق بعلبك وتوسيع السوق.
- فرع للجامعة اللبنانية في الهرمل.
- بناء جديد للجامعة اللبنانية في دورس.
- مركز المعاينة الميكانيكية في مجدلون.
- المعرض الدائم في مبنى اتحاد بلديات بعلبك.
تبقى هذه المشاريع رمزاً لأمل معلّ، ومؤشراً على فجوة مزمنة بين الوعود والتنفيذ، في منطقة لا تزال تنتظر أن يُنظر إليها كجزء أساسي من الخريطة التنموية الوطنية. لكن الواقع على الأرض يشير إلى تنفيذ أقل من 15% من تلك الوعود، فيما تعثر الباقي في دهاليز البيروقراطية وغياب التمويل.
يسترجع السبعيني علي عثمان ذكرياته البعيدة قائلاً: "في الستينات والسبعينات من القرن الماضي، كانت بعلبك وجهة عالمية تعج بالموسيقى والفن، وكانت مهرجاناتها الشهيرة تلفت الأنظار. كانت الفنادق مكتظة بالزوار، والمقاهي تعج بالحيوية والأنغام. أما اليوم، فقد أُقفل العديد من الفنادق، وانحسر عدد الزوار، وجفّت بركة رأس العين التي كانت تُعتبر القلب النابض للمدينة. وقد أعلن أحد نواب المنطقة السابقين عن مشاريع ضخمة تصل قيمتها إلى 900 مليون دولار تشمل تطوير الطرق والمياه والمدارس وغيرها، لكن التنفيذ الفعلي لا يزال في حدود ضيقة."
قبل أيام، وفي مشهد يُبكي الحجر، شوهد أطفال ورجال من بعلبك ينقلون الأسماك الصغيرة من بركة البياضة الجافة إلى أوعية بلاستيكية لإنقاذها من الموت المحتوم. البط والإوز هجرت البركة التي كانت ملتقى يومياً للعائلات.
مشهد واحد يُلخّص الواقع: بعلبك تحتضر... وأهلها يحاولون بكل ما أوتوا من صبر أن ينقذوا ما تبقى.
بعلبك - الهرمل ليست في حاجة الى خطابات ووعود موسمية، إنها في حاجة الى خطة إنقاذ إنمائية عاجلة، تُبنى على الواقع لا على الشعارات، وتُنفّذ بشفافية لا بمحاصصات.
فهل يسمع المعنيون صوت الناس من البقاع الشمالي؟ وهل تعود بعلبك لتشرق من جديد وسط وعود متكررة وواقع مأزوم؟
0 تعليق