"كناوة وموسيقى العالم" في الصّويرة المغربية: منصّة عالمية للتّلاقح الموسيقي والحوار الثّقافي - تكنو بلس

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
"كناوة وموسيقى العالم" في الصّويرة المغربية: منصّة عالمية للتّلاقح الموسيقي والحوار الثّقافي - تكنو بلس, اليوم الأربعاء 18 يونيو 2025 07:55 مساءً

الرباط - كريم السعدي 

تفتتح، غداً الخميس، في الصويرة المغربية فعاليات الدورة 26 لمهرجان "كناوة وموسيقى العالم"، الذي يمثل تظاهرة ثقافية استثنائية، تتحول خلالها "مدينة الرياح" إلى منصة عالمية للتلاقح الموسيقي والحوار الثقافي، وللتواصل مع كل ما هو جوهري وأصيل، في "تجربة إنسانية وفنية فريدة من نوعها".

وتتميز دورة هذه السنة بمشاركة 350 فناناً، من بينهم 40 معلماً كْناوياً، يقدمون 54 حفلاً موسيقياً؛ فيما تتنوع العروض بين الحفلات الكبرى في الهواء الطلق والعروض الموسيقية الوترية، إضافة إلى العروض في الأماكن التراثية، ما يوفر تجربة موسيقية متكاملة في أوقات مختلفة.

ويقول المنظمون إن المهرجان يقدم تجربة شاملة تجمع بين الشعور والتفكير والإبهار الفني، تتحد خلالها الموسيقى لتطمس الفجوات وتوحد ما فرقته المسافات واختلاف الثقافات؛ حيث يتجاوز هذا الحدث مفهوم المهرجان التقليدي ليصبح "تجربة روحية وإنسانية شاملة"، يجتمع خلالها فنانو "كناوة"، حماة التراث الروحي الأصيل، مع نجوم الموسيقى العالمية، في لقاء فريد يهدف خلاله هذا الملتقى إلى خلق فضاء للتبادل الثقافي والتجارب الصوتية المبتكرة، في أجواء تجمع بين عمق التقاليد الروحية وحيوية الشباب المعاصر، كما يسعى إلى تعزيز قيم الانفتاح والحرية الفكرية من خلال لغة الموسيقى العالمية.

 

جانب من حفلات المهرجان في الدورة السابقة.

 

وقالت نايلة التازي، منتجة المهرجان، في حوار مع وكالة الأنباء المغربية، إن التظاهرة ليست فقط احتفالاً فنياً، بل هي "تعبير ملموس عن رؤية مغربية تؤمن بأن التنوع الثقافي هو أساس الوحدة الوطنية"، و"جسر لتموقع المغرب كقوة ثقافية صاعدة على الساحة الدولية".

وشددت التازي على أن الأمر يتعلق بـ"ديبلوماسية ثقافية قائمة على الاعتراف بجذورنا الأفريقية العميقة وعلى تقديم سردية جديدة للقارة: أفريقيا الروحانية، والمبدعة، والممانعة، التي تستعيد مكانتها كفاعل سياسي وثقافي في معادلات العالم الجديد".

ورأت التازي أن المهرجان يمثل مناسبة ثقافية ذات "هوية فريدة"، وأن هذا هو سر استمراريته الأول؛ فهو مشروع يحمل "قناعة فلسفية متينة"، وليس مجرد تظاهرة موسمية؛ إذ كان، منذ البداية، مشروعاً ثقافياً وطنياً بامتياز، يسعى إلى "صون هوية مغربية أصيلة، تنفتح على العالم دون أن تذوب فيه".

 

نائلة التازي

نائلة التازي

 

وشددت التازي على أن المهرجان، وسط عالم يتزايد فيه التجانس الثقافي القسري، يشكل "فعلاً واعياً يحمي الخصوصية المغربية ويجددها، واضعاً في قلبها أفريقيا كخزان للمعنى والذاكرة، ومدافعاً عن حق الجنوب في أن يكون مصدراً للثقافة لا مجرد سوق لها".

وينتظر أن تنطلق فعاليات دوره هذه السنة من المهرجان بموكب افتتاحي يعج بالإيقاعات والرموز التراثية، يجوب خلاله جميع مْعلمي "كناوة" شوارع الصويرة في مشهد يجسد الفرح الشعبي والوحدة الروحية، ممهداً الطريق لأجواء احتفالية تتميز بطابعها البهيج والروحاني والعالمي.

ويتبع الموكب حفل افتتاح استثنائي على منصة مولاي الحسن، يضم كوكبة من النجوم العالميين، يتصدرهم المْعلم حميد القصري، الرمز الحي للطقوس الكناوية المغربية، إلى جانب فرقة باكالاما السنغالية المتخصصة في إيقاعات ورقصات غرب أفريقيا التقليدية. كما تشارك الفنانتان عبير العابد وكيا لوم في نسج خيوط صوتية متنوعة تمزج بين الروحانيات المغربية والإيقاعات التقليدية والموسيقى المعاصرة.

 

جانب من حفلات المهرجان في الدورة السابقة

جانب من حفلات المهرجان في الدورة السابقة

 

وستتميز دورة هذه السنة بثراء التجارب الموسيقية، حيث يلتقي المْعلم حسام غينيا بعازف الطبول الأميركي ماركوس جيلمور من نيويورك في أداء مشترك على آلة الكمبري. فيما يدخل مراد المرجان في حوار روحي مع ظافر يوسف، رائد الجاز الصوفي.

وستبرز المشاركة النسائية من خلال أسماء حمزاوي وفرقة بنات تمبكتو، اللواتي ينسجن مع الفنانة المالية رقية كوني أغانيَ تجمع بين المقاومة والأخوة النسائية، المشبعة بالتقاليد والالتزام الاجتماعي.
ويقود المْعلم محمد بومزوغ مشروعاً إبداعياً جديداً يضم كلاً من أنس شليح وألي كيتا وتاو إيرليش ومارتن غيربان وكوينتين غوماري وحجار العلوي، في مغامرة صوتية تربط بين المغرب ومالي وفرنسا.

كما تشهد الدورة حضوراً مميزاً لنجوم الموسيقى والشتات الأفريقي، حيث يلتقي النجم الصاعد سِيمَا فانك من الساحة الأفرو - كوبية بأسطورة الريغي الملتزم تيكن جاه فاكولي، إلى جانب الظاهرة النيجيرية في موسيقى البوب سي كاي، في لقاء استثنائي مع جمهور متنوع الأجيال. فيما تحظى موسيقى كناوة بتمثيل قوي هذا العام على منصة الشاطئ، حيث يقدم الجيل الجديد من الفنانين عروضاً مميزة إلى جانب الأساتذة الكبار، ما يعكس تواصل الأجيال والحفاظ على التراث الموسيقي الأصيل.

ويؤكد المهرجان هويته كمساحة للجرأة والابتكار، حيث يقدم فنانون مبدعون مثل فهد بنشمسي أند ذا لالاز، ديوعود، مشروع نِشطيمان، ذا ليلى، ورباب فيزيون مقترحاتهم الفريدة التي تجمع بين الجذور المحلية والتأثيرات المعاصرة، مع التزام صوتي قوي يميز أداءهم.

وبهدف التفكير في العالم بطريقة مختلفة، سيشهد المهرجان عودة منتدى حقوق الإنسان في دورته الثانية عشرة، التي ستركز على موضوع "الحركيات البشرية والديناميات الثقافية"، بمشاركة نخبة من المفكرين والمبدعين، بينهم كتاب ومخرجون وعلماء اجتماع مثل إيليا سليمان، وأندريا ريا، واسكال بلانشار، إلى جانب شخصيات أخرى مثل فيرونيك تادجو وكريم بوعمراني وكاسي فريمان وفوزي بنسعيدي وريم نجمي وبارتيليمي توغو، يتناولون العلاقات المعقدة بين الهجرة والسرد والإبداع الفني والهوية، في حوارات تهدف إلى تقديم رؤى جديدة حول هذه القضايا المعاصرة.

وبهدف الاستثمار في المستقبل عبر نقل المعارف والإبداع، يعود برنامج "بيركلي في مهرجان كناوة والموسيقى العالمية" في دورة ثانية، بالشراكة مع كلية بيركلي للموسيقى الأميركية المرموقة، من خلال توفير فرص تدريب متقدمة لموسيقيين شباب من 23 دولة، إلى جانب فنانين معترف بهم دولياً.
وصُمم البرنامج كمختبر حي للتعلم والتعاون الموسيقي، ويجسد القيم الأساسية للمهرجان المتمثلة في التوارث والتحدي والجرأة في التجريب الفني.

 

جانب من حفلات المهرجان في الدورة السابقة

جانب من حفلات المهرجان في الدورة السابقة

 

وعلى المنوال نفسه، سيؤدي إحداث "كرسي التقاطعات الثقافية والعولمة" الذي يستند إلى مختبر للهجنات الثقافية، ويُقام بالتعاون مع جامعة محمد السادس المتعددة التخصصات التقنية، إلى تنظيم مائدتين مستديرتين مفتوحتين للعموم خلال المهرجان، يقوم خلالها باحثون وفنانون ومفكرون باستكشاف الروحانيات المتقاطعة، وأصداء الطقوس الكناوية، وأشكال مزج الموسيقى المعاصرة.
ويتضمن البرنامج الثقافي للمهرجان مجموعة متنوعة من الأنشطة، منها لقاءات "شجرة الكلام"، وهو فضاء للحوار مستوحى من التقاليد الأفريقية العريقة. كما يُقام معرض "بين اللعب والذاكرة" في برج باب مراكش، بالإضافة إلى الحفلات الموسيقية في الشوارع والورشات المفتوحة للجمهور.
وتشكل هذه الفعاليات، بسحب المنظمين، لحظات قيمة تتيح للزوار الانغماس في الأجواء الثقافية للمهرجان بعيداً عن زحمة العروض الرئيسية.

يشار إلى أن مهرجان "كناوة" استطاع أن يتكرس كموعد سنوي ببعد عالمي، بعدما انطلق في 1998، كخيار يهدف إلى تطوير الصويرة وتنميتها عبر الثقافة.
وتطور المهرجان كثيراً، على مدى دوراته السابقة، ليصير موروثاً وطنياً، مبرهناً على حيوية موسيقى "كناوة"، ضمن المشهد الثقافي المغربي والدولي، وهو ما مكّنه من أن يرتقي إلى مستوى أكبر مهرجانات الموسيقى عبر العالم.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق