منصورة عليخاني، فنانة تشكيلية ورسامة إيرانية بارزة، عُرفت بأعمالها التي عكست بوضوح التراث الثقافي والديني لبلدها. وعلى مدى عقود من المسيرة الفنية، أصبحت شخصية مؤثرة في المشهد الفني الإيراني، مشهورة بموهبتها الإبداعية وبكونها معلمة وملهمة لأجيال جديدة من الفنانين. وقد شكّل رحيلها المفاجئ قبل أيام، في غارة جوية إسرائيلية استهدفت منطقة سكنية في طهران، خسارة للفن الإيراني الحديث. 

وُلدت منصورة عليخاني عام 1966في مدينة نوشهر الساحلية شمال إيران. نشأت في ظلّ تحولات اجتماعية وثقافية كبيرة، وأظهرت شغفاً مبكراً بالفن، ما دفعها إلى متابعة دراسة الرسم أكاديمياً. حصلت على إجازة في الفنون الجميلة من جامعة الزهراء في طهران، ثم نالت درجة الماجستير في الرسم من جامعة سوره. وخلال مسيرتها الأكاديمية، تتلمذت على يد الرسام الرائد كاظم شاليبا، وهي تجربة عمّقت إدراكها للفن كأداة لسرد الحكايات الثقافية. وقد شكّلت هذه القاعدة الأكاديمية الصلبة منطلقاً لشخصيتها ذات الصوت التعبيري الخاص.

مسيرة فنية متعددة الأوجه
منذ تسعينيات القرن الماضي، انطلقت عليخاني في مسيرة فنية متعددة الأوجه، إذ لم تكتفِ بإنتاج أعمالها الخاصة، بل انخرطت أيضاً في تعليم الفنون. درّست في كلية الفنون في جامعة كاشان، ثم في معهد سوره للفنون في طهران. وفيما بعد، تولّت إدارة مركز المهارات الفنية في جامعة سوره، إذ نظّمت ورش عمل فنية ومعارض لأعمال الطلاب.

شاركت عليخاني بأعمالها في معارض فردية وجماعية عدّة. كان أسلوبها يميل إلى الواقعية التعبيرية، واعتُبرت من أبرز فناني هذا التيار في إيران. استوحت رسوماتها من الهوية الثقافية والدينية الإيرانية، وتجاوزت حدود اللوحة لتُبدع أيضاً في رسوم الكتب، كما شاركت كعضو تحكيم في مهرجانات فنية وطنية.

لوحة لمنصورة عليخاني.

اعتُبرت عليخاني من أكثر الفنانين تقديراً في "مركز الفن" التابع لـ"الثورة الإسلامية" (حوزه هنری). وقد حصدت خلال مسيرتها جوائز وتكريمات عدّة، كان أبرزها في عام 2025 حين فازت بالجائزة الكبرى في "مهرجان 1404"، تأكيداً لمكانتها كواحدة من أبرز الفنانين المعاصرين. تنوعت خبرتها بين الرسم والتوضيح الفني، كما انخرطت في البحث الفني، ما يدل على شغف دائم بدور الفن في المجتمع.

العمل الأخير والإرث
قبل أيام، انطفأت مسيرة منصورة عليخاني فجأة وسط اضطرابات سياسية. ففي ليلة 14 حزيران/يونيو، قُتلت جراء غارة إسرائيلية استهدفت منطقة سكنية في طهران، حيث كانت تقيم وتعمل. في أيامها الأخيرة، قيل إنها كانت تعمل على لوحة دينية تُجسّد واقعة عاشوراء، وكانت تفرغ فيها كلّ تأملاتها وآمالها، وفق ما أوردت وكالة "إرنا". لكن اللوحة بقيت غير مكتملة، وأصبحت رمزاً لصوت فني أُسكت قبل أوانه.

لوحة لمنصورة عليخاني.

أثار خبر مقتل عليخاني صدمة في الأوساط الثقافية الإيرانية، وسرعان ما تصدّر اسمها محركات البحث ومنصات التواصل. نعَتْها أوساط فنية وأكاديمية وطلابية، معتبرة رحيلها خسارة كبرى للفن الإيراني، وأشادت المؤسسات الثقافية الرسمية بمسيرتها.