نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
أن تحتمي في المرتبة الخلفية! - تكنو بلس, اليوم الجمعة 20 يونيو 2025 04:53 صباحاً
مع طي الأسبوع الأول من الحرب الإسرائيلية - الإيرانية وتفاقم احتمالات تفجر المرحلة التالية وانفتاحها على تهديدات موسعة في المنطقة برمتها، لا يمكن اللبنانيين "التبجح" بأن بلدهم وحده يتبوأ سدة البلدان المتقدمة بأخطار تمدد هذه الحرب إليه، بطريقة أو بأخرى، ولو أن هذا الاحتمال يملي على الدولة اللبنانية التهيؤ لذروة الأخطار . فعلى قاعدة أن اتساع المصيبة يخفف وقعها على من يصاب بها، يتعين على لبنان الدولة والحكومة النظر إلى أبعد من النقاش بل السجال المحصور بزاوية امتناع "حزب الله" أو منعه، ارتداعه أو ردعه، عن التورط وتوريط نفسه ولبنان، لمرة أخيرة قاتلة، في أمّ الحروب التي تتوج "وحدة الساحات والميادين"، باعتبار أن الحزب كان طليعة ضحاياها. ذلك أن الحاضر والمستقبل والتاريخ ستسجل أن هذه الحرب الإسرائيلية - الإيرانية أخرجت المنطقة برمتها من انفجار حرب المحاور الإقليمية الذي حصل في عملية "طوفان الأقصى" وما تلاها من تدحرج دموي عاصف، إلى حرب أسقطت الطابع التاريخي للصراع العربي - الإسرائيلي، ولو أن منطلقاتها كانت أبعد من أن تسجل في إطار "قومي" أو ديني عقائدي فارسي – إسرائيلي أو يهودي.
لذا، قد يغدو ضرورياً للبنان أن يتفحص بعمق شديد الحالة الخليجية الملاصقة للمحيط الإيراني الملتهب وفهم الدوافع التي تملي الحذر الشديد، بل المخاوف الموضوعية من الاحتمالات المتقلبة لهذه الحرب عسكرياً واستراتيجياً، ناهيك بخطر انتشار التلوث النووي الأخطر من التلوث الحربي الذي يقبع فوق الخليج العربي برمته.
بذلك قد يسخر بعض اللبنانيين الذين عجزت تجارب الحروب في بلدهم كما في المحيط الإقليمي، عن إقناعهم بضرورة التروي وتبريد الرؤوس الحامية، وعدم التهور في تحكيم الأمنيات وانتظار الموجات الوسط والمتأخرة من الصدمات والمفاجآت قبل إطلاق العنان للخلاصات الحاسمة... قد يسخرون من معادلة مستجدة بعد الأسبوع الأول للحرب وهي أن لبنان قد يكون في موقع أفضل هذه المرة من "أشقائه" العرب القريبين والبعيدين، على افتراض إعادة الاعتبار للتوصيف الشقيق من زاوية الرابطة العربية الأصلية. وأفضل التفضيل هنا يتصل بنسبة الأخطار التي يرتّبها احتمال أن تطول الحرب إلى أكثر بكثير من التقديرات الأولية التي سادت بفعل رؤية التفوق العسكري والاستخباراتي والاستراتيجي الإسرائيلي مقترناً بتهديدات الرئيس دونالد ترامب الدخول في الحرب، ولكن ذلك لم يكفل بعد الحسم الصعب ولا أتاح رؤية تقديرية موضوعية لأي سقف زمني لنهاية الحرب.
لبنان إن مضى في تحييد نفسه عن الأتون، لن يكون في المرتبة الأولى للدول الخلفية الأكثر عرضة لتداعيات الحرب أسوة بدول الخليج مثلاً، حيث الأخطار هناك، أمام نوعية الحرب الجارية وحجمها وطبيعتها، لا تقاس بمجرد تورط في إطلاق صواريخ على إسرائيل من لبنان.
ولعل القاعدة الأخطر التي تركها الأسبوع الأول من الحرب تشير إلى أن الاستنزاف الحربي، إذا حصل وطال، سيدخل المنطقة برمتها في تداعيات اقتصادية ضخمة فكيف يمكن لبنان الذي خسر في الأسبوع الأول فقط الرهان على موسم اصطياف واعد، أن يتحمل مزيداً من الانهيارات بعد وهو بالكاد يتلمس انطلاقة كانت قيد الولادة وأجهضت في البدايات؟ كل ذلك والأسبوع الثاني من الحرب يفتتح على ازدياد الغموض الاستراتيجي، ومصير إيران والمنطقة على كف قرار حاسم نهائي قد يولد وقد لا يولد في شأن تورط أميركا أو عدم تورطها.
"الانتظار الاستراتيجي" بعد "الصبر الاستراتيجي" وكل المشتقات الاستراتيجية، يترجم عندنا بأبسط العبارات وأصعبها التزاماً وهو "الحكمة"!
0 تعليق