لا شيء يبرر الخيانة - تكنو بلس

صوت الامة 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
لا شيء يبرر الخيانة - تكنو بلس, اليوم السبت 21 يونيو 2025 07:15 مساءً

 

تذكرت قصيدة شاعر العراق والعرب الكبير، الراحل الكريم بدر شاكر السياب التي قال فيها: "

إني لأعجب كيف يمكن أن يخون الخائنون

أيخون إنسان بلاده؟

إن خان معنى أن يكون، فكيف يمكن أن يكون؟

الشمس أجمل في بلادي من سواها، والظلام

ـ حتى الظلام - هناك أجمل، فهو يحتضن العراق

واحسرتاه، متى أنام

فأحسّ أن على الوسادة

من ليلك الصيفي طلاّ فيه عطرك يا عراق؟".

 

كانت حياة السياب قطعة من الجحيم، لم يكن على وفاق مع كل حكومات عصره، ذاق مرارة السجن والتشرد، وتجرع ألم المرض والفقر، وكانت نهايته في قسوة حياته فقد مات مغتربًا على سرير بمستشفى كويتي، وما عاد إلى بلاده إلا جثة بادرة!

 

كل تفاصيل حياة السياب كانت تسوغ له الغضب أو الرفض أو المعارضة، ولكنه أبدًا لم يسمح لشعره النفيس أن يعبر أدنى تعبير عن الخيانة أو أن يبحث لنفسه عن مبرر ومسوغ، وذلك لأنه مدرك أن الخائن يخون نفسه أولًا، ويضر بذاته وبقضيته أولًا.

 

أقول هذا وقلبي وعقلي معلق بطهران كما هما معلقان بغزة، ليل الخميس الثاني عشر من شهرنا هذا يونيو ومن عامنا هذا 2025، تلقت طهران ضربة من جيش الاحتلال تكفي لهدم جبل، في الدقائق الأولى من بدء الضربة قطف الكيان رؤوس أكابر الجيش الإيراني ومعها رؤوس أكابر علماء الذرة، ثم مرح الطيران كما شاء ودمر ما يريد تدميره وخرب ما يريد تخريبه، نرى كل ذلك لأن الحروب الحديثة تجرى الآن على الهواء مباشرة، نحن نرى الصاروخ وهو يدمر ونرى الطائرة وهى تنشر الخراب والقتل ونرى القذيفة وهى تمحو البيوت، نرى كل شيء وليس في القلب سوى الحسرة وليس في العين سوى الدموع  وليس على اللسان إلا الدعاء.

 

كانت بوادر هزيمة ساحقة ماحقة تلوح في الأفق، هزيمة تقضي على الأخضر واليابس ليس في إيران فقط بل على صعيد كل الإقليم.

 

جاءت أخبار السوء بأن الضرب بدأ من قلب العاصمة، فقد نجح العدو في تجنيد فرق اغتيال وفرق تدمير من الإيرانيين أنفسهم، وتلك الفرق تولت التمهيد العظيم للضربة القاسية.

 

هنا قال فلان وفلان من الذين يحسبون أنفسهم محللين سياسيين: إن الدكتاتورية التي ينتهجها نظام الحكم في إيران هي السبب في ذيوع ظاهرة الجواسيس الخونة!

أي خبل هذا؟

 

أنتم الآن تبيحون الخيانة، أنتم الآن تبحثون عن مبرر للخيانة أنتم الآن تقتلون البلاد والعباد تحت زعم مقاومة الديكتاتورية.

 

المعارضة شيء والخيانة شيء آخر، عارض كما تريد ولكن لا تكن خائنًا لبلدك ولأهلك ولنفسك.

 

نعم الديكتاتورية أسوأ ما تبتلى به أمة من الأمم وهي تجلب كل شر، ولكن لا شيء يبرر الخيانة، الذي يُقتل الآن هو المواطن الإيراني الذي قد يكون شقيقك أو جارك، أما فلان الذي في دوائر الحكم فهو محصن في مكان آمن، معارضتك لنظام حكم أو حتى عدواتك له لا تبرر خيانتك لبلدك.

 

إن تجربتنا المصرية تجربة فارقة وعلامة مميزة على عافية وصحة الجذر المصري، فقد كان لجمال عبد الناصر معارضون بل وأعداء وكذا كان لمحمد أنور السادات، والاثنان حاربا الكيان، ولكن في ساعة الجد ساعة نزف الدماء لم يحدث أن شق أحد صف الأمة بطريقة تربك الدولة وتسحب البساط من تحت قدميها، في ساعات القتل لا شيء سوى الولاء للعلم والموت دفاعًا عنه لكي يظل عاليًا خفاقًا.

 

حتى كتابة هذه السطور ما تزال إيران تنزف ولكنها تقاوم ولم ترفع بعد الراية البيضاء، وأي حديث عن تشريع الخيانة والبحث عن مبرر لها هو الخيانة ذاتها.

 

 

 

أخبار ذات صلة

0 تعليق