نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
كيف تُعيد DHL وشركات الشحن الكبرى رسم خريطة النقل في عالم متغيّر؟ - تكنو بلس, اليوم الاثنين 23 يونيو 2025 08:34 صباحاً
في عالمٍ تتسارع فيه وتيرة التغيرات الجيوسياسية والاقتصادية، أصبحت سلاسل الإمداد العالمية تواجه اختبارات قاسية لم تشهدها منذ عقود. من اضطرابات الأسواق، وارتفاع أسعار الطاقة، إلى القيود المرتبطة بالبيئة، والتوترات التجارية بين القوى الكبرى، تتعاظم الضغوط على شركات الشحن والخدمات اللوجستية التي تقف في الخط الأمامي لضمان استمرارية تدفق البضائع عبر القارات.
ورغم هذه التحديات، تبرز شركات مثل DHL كنموذج ريادي يُجسّد القدرة على التكيّف، والاستثمار الذكي، والابتكار في إدارة الأزمات. فمن خلال توسيع شبكاتها، وتبني الحلول الرقمية، وتعزيز وجودها في مناطق استراتيجية مثل الشرق الأوسط وأفريقيا، استطاعت DHL أن تحافظ على كفاءتها التشغيلية وتدعم عملاءها في مواجهة التقلبات.
هذا المقال يستعرض كيف تمكّنت شركات الشحن الكبرى، وفي مقدمتها DHL، من إعادة تعريف مفاهيم الاستجابة والمرونة، وتحوّل التحديات إلى فرص، في بيئة لا تتوقف عن التغيير.
رسوم ترامب ونمو قطاع الشحن
يلفت عبدالعزيز بوسبيت ، الرئيس التنفيذي لشركة DHL Express لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، في حديثه لـ"النهار"، إلى أنّ "تأثير رسوم ترامب الجمركية على منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كان محدودًا جدًا، بل شبه معدوم. فالأرقام لدينا لا تشير إلى وجود أي تراجع أو أثر سلبي. على العكس، شهدنا نموًا في عدد الشحنات المصدّرة من منطقتنا إلى الولايات المتحدة بنسبة تقارب 3% مقارنة بالعام الماضي، وهذا رقم إيجابي ومشجّع في ظل هذه الظروف".
ويشير بوسبيت إلى أن "منطقتنا بطبيعتها تعتمد حاليًا بشكل أكبر على الاستيراد مقارنة بالتصدير، ولكن هناك مؤشرات واضحة على حصول تحوّل تدريجي في هذا الاتجاه، بفضل خطط التنويع الاقتصادي والاستثمار في القطاعات الإنتاجية. ونحن نؤمن دائمًا بأن التجارة العالمية، وإن واجهت عوائق أو تحديات، فإنها تجد لنفسها مسارات بديلة. قد تتأثر حركة الشحن باتجاه الولايات المتحدة، ولكن هذا لا يعني توقف التجارة، بل إعادة توجيهها إلى أسواق جديدة أو استخدام طرق مختلفة للوصول إلى الوجهات النهائية".
ورأى أنّ "قطاع الشحن والخدمات اللوجستية يشهد في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا نموًا متسارعًا، خصوصًا في دول الخليج مثل الإمارات والسعودية، إلى جانب مصر والمغرب. هذا القطاع يُعتبر من أكثر القطاعات الواعدة في المنطقة، ونحن في DHL نتوقع أن يحقق نموًا يتراوح ما بين 30% إلى 40% خلال السنوات الخمس المقبلة، مدفوعًا بالتطورات في التجارة الإلكترونية، والاستثمارات الحكومية في البنية التحتية، وتوسّع القطاعات الصناعية".

عبدالعزيز بوسبيت، الرئيس التنفيذي لشركة DHL Express لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (DHL)
وفيما يخص حجم استثمارات DHL في المنطقة، فقد ضَخَت الشركة ما يزيد عن 500 مليون يورو خلال عامي 2023 و2024، في مشاريع ومبادرات متنوعة. وهذه الاستثمارات تم توزيعها على عدد من القطاعات الأساسية يقول بوسبيت مثل "الطاقة، لا سيما قطاع النفط والغاز، الملابس والمنسوجات (Textile)، وهو قطاع يتوسع بسرعة ويشهد طلبًا مرتفعًا، العلوم الحياتية (Life Sciences)، وخصوصًا الخدمات الصحية والدوائية، التي تبرز كأحد المحركات الرئيسة لنمو الشحن المتخصص. والتكنولوجيا المتقدمة (High-Tech)، الذي يعد من أكثر القطاعات الواعدة، نظراً للطلب المتزايد على المنتجات الإلكترونية".
وتغطي DHL Express حاليًا 18 دولة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وتشهد معظم هذه الدول توجهًا استراتيجيًا نحو تعزيز صادراتها وتنمية بنيتها التحتية في مجال الخدمات اللوجستية. من بين هذه الدول، هناك أربع دول تبرز كمحركات رئيسية للنمو في الاستيراد والتصدير، بحسب بوسبيت وهي الإمارات "والتي تُعد من الدول الرائدة في المنطقة، سواء على صعيد التصدير أو الاستيراد، وذلك بفضل بنيتها التحتية المتطورة والموقع الجغرافي الاستراتيجي". كذلك مصر، "التي تشهد نموًا ملحوظًا في كلا الاتجاهين، لا سيما في ظل توسع المناطق الصناعية وتحسين الموانئ". أما المغرب "فبرزت كقاعدة صناعية تصديرية قوية، خاصة باتجاه الأسواق الأوروبية والأميركية". أيضا، "تسجّل السعودية ارتفاعًا واضحًا في الواردات، مدعومًا بحجم المشاريع الكبرى والتوسع العمراني والصناعي".
في المحصلة، يقول الرئيس التنفيذي لشركة DHL Express لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إن "قطاع الشحن في المنطقة مقبل على مرحلة تحول نوعي، مدعومة بالتحوّل الرقمي، والسياسات الحكومية الطموحة، والاستثمارات المتنامية، وهذا ما يجعلنا متفائلين جدًا بالمستقبل".
أهمية الإمارات لشركات الشحن
من جهته كشف أمادو ديالو – الرئيس التنفيذي لشركة DHL Global Forwarding لمنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، لـ"النهار" أنّ "العلاقة بين منطقة الشرق الأوسط، وتحديدًا دولة الإمارات والقارة الأفريقية تشهد تطورًا لافتًا على المستويات التجارية واللوجستية والاستثمارية. ومن منظور DHL، فإن هذه العلاقة تُعد استراتيجية بامتياز، لعدة أسباب رئيسية.
أولًا، تتميز دولة الإمارات بامتلاكها لعدد من شركات الطيران الكبرى التي توفر شبكة واسعة من الرحلات الجوية تربط الإمارات بمعظم الدول الأفريقية، ما يعزز من حركة الشحن والنقل الجوي ويجعل من الإمارات بوابة لوجستية محورية نحو القارة. ومن أبرز تلك الروابط الجوية، العلاقة القوية والمتينة التي تجمع الإمارات بإثيوبيا، والتي تمثل نقطة ربط مهمة على مستوى شرق أفريقيا، سواء من حيث الشحن أو نقل الركاب.
ثانيًا، وعلى الرغم من أن الأمر قد لا يكون معروفًا على نطاق واسع، إلا أن دولة الإمارات أصبحت خلال السنوات الأربع الماضية أكبر مستثمر أجنبي في أفريقيا، متجاوزة كلًّا من الصين والاتحاد الأوروبي، اللذين كانا في السابق يحتلان صدارة الاستثمارات في القارة. وهذا يعكس تحولًا جوهريًا في التوجه الاستراتيجي للإمارات نحو أفريقيا، حيث لم تعد العلاقة تقتصر على التبادل التجاري فقط، بل امتدت لتشمل مشاريع استثمارية طويلة الأمد في مجالات البنية التحتية، والخدمات اللوجستية، والطاقة، والتكنولوجيا.

أمادو ديالو، الرئيس التنفيذي لشركة DHL Global Forwarding لمنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا (DHL)
ثالثًا، تُعد الإمارات من أسهل الوجهات العالمية بالنسبة لرجال الأعمال الأفارقة من حيث سهولة الدخول والإقامة، مقارنة بالعديد من دول العالم الأخرى. فإجراءات الحصول على التأشيرات ميسّرة، ولا تتطلب إجراءات معقدة أو طويلة. كما أن توافر خطوط الطيران المباشرة والسريعة يعزز من سهولة التنقل، ويخلق بيئة محفزة للأنشطة التجارية والاستثمارية.
وأخيرًا، هناك بعد إنساني مهم لا يجب إغفاله، وهو ما يتعلق بسياسة التسامح والاحترام التي تنتهجها دولة الإمارات على مستوى الحكومة والمجتمع. يشعر العديد من رجال وسيدات الأعمال الأفارقة بالارتياح والاحترام عند إقامتهم في الإمارات، ما يشجعهم على توسيع أنشطتهم من هذا المركز الإقليمي الذي يجمع بين الاستقرار والانفتاح.
لهذه الأسباب مجتمعة، نرى أن الإمارات ليست مجرد نقطة اتصال بين الشرق الأوسط وأفريقيا، بل هي جسر استراتيجي حيوي يجمع بين القارتين، وموقع مثالي لتعزيز أعمال DHL وتوسيع شبكتها داخل القارة الأفريقية، انطلاقًا من بيئة تحتضن الاستثمار، وتُقدّر التنوع، وتدعم الابتكار والنمو.
اللوجستيات الخضراء في قطاع الشحن
بدوره، تحدث سامر قيسي – الرئيس التنفيذي لشركة DHL Global Forwarding في دول مجلس التعاون الخليجي، لـ"النهار" عن اللوجستيات الخضراء في قطاع الشحن، كاشفا أن DHL نبدأت بتطبيق عدد من المبادرات البيئية الملموسة ضمن هذا الإطار. وقال "نعتمد بشكل واسع على الطاقة الشمسية كمصدر بديل للطاقة النظيفة. فالمبنى الذي نتواجد فيه حاليًا، على سبيل المثال، يعمل بشكل كامل باستخدام الطاقة الشمسية، ما يعكس التزامنا العملي بالحد من الانبعاثات الكربونية".
وتابع قبيسي "قمنا بتوسيع أسطولنا من خلال إدخال المركبات الكهربائية في عمليات التوزيع، ويشمل ذلك المركبات بجميع أحجامها، من الشاحنات الخفيفة (Vans) إلى مركبات البيك-أب، وصولًا إلى الشاحنات الكبيرة (Trucks). هذا التحوّل يساهم بشكل مباشر في تقليل البصمة الكربونية الناتجة عن أنشطة النقل والشحن".
أما في مجال النقل الجوي والبحري، يوضح قبيسي "فنحن نستخدم الوقود المستدام للطيران (Sustainable Aviation Fuel – SAF) والوقود المستدام للنقل البحري (Sustainable Marine Fuel – SMF). هذه الأنواع من الوقود يتم إنتاجها من الزيوت المحروقة أو من مواد عضوية معاد تدويرها، وهي تشكّل بدائل نظيفة للوقود الأحفوري التقليدي، وتُعد جزءًا أساسيًا من استراتيجيتنا لتحقيق استدامة شاملة في سلاسل التوريد".

سيارات شحن صديقة للبيئة (DHL)
إلى جانب هذه المبادرات، نتابع عن كثب الابتكارات التكنولوجية الجديدة، يضيف قبيسي، مشاركا خبراً حديثاً وهو توقيع DHL اتفاقية في السعودية مع شركة مختصة بتطوير شاحنات تعمل على الهيدروجين. ومن المتوقع أن تكون هذه الشاحنات متاحة للاستعمال التجاري مع نهاية عام 2026 (الربع الرابع).
وعلّق بالقول "يسعدنا القول إن DHL ستكون أول شركة في المملكة، بل وفي المنطقة ككل ، تعتمد هذا النوع من الشاحنات المتطورة، مما يعكس دورنا الريادي في تبنّي الحلول المستدامة منذ لحظة انطلاقها. نحن نؤمن أن الابتكار والتطوير المستمر هما الأساس لتحقيق مستقبل أكثر استدامة في قطاع النقل والخدمات اللوجستية. وDHL ملتزمة بأن تكون دائمًا في الطليعة، ليس فقط من حيث التطبيق، بل أيضًا كمساهم رئيسي في إطلاق وتطوير هذه الحلول الجديدة".
0 تعليق