تتداول العديد من الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي خبراً يدعي أنَّ زعيم "التيار الوطني الشيعي" (التيار الصدري سابقاً) مقتدى الصدر دعا رئيس مجلس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني إلى تطبيق سلّم الرواتب وتحقيق العدالة بين الموظفين. إلا أن القالب الإخباري المتناقل معدّل، ولم يعلن الصدر مطالبته السوداني بتطبيق سلّم الرواتب. FactCheck#

"النّهار" دقّقت من أجلكم

في الادّعاء المتداول، قالب إخباري لقناة "العراقية الإخبارية" يتضمن صورة لرجل الدين العراقي مقتدى الصدر مع خبر (من دون تدخّل): "الصدر يدعو السوداني الى تطبيق سلم الرواتب وتحقيق العدالة بين الموظفين".

وقد تحقّقت "النّهار" من الادّعاء، واتّضح أنَّه غير صحيح:

1- لم يعلن مقتدى الصدر، في أي من حساباته الرسمية على منصات التواصل الاجتماعي، أو في موقعه الرسمي، مطالبته بتطبيق سلّم الرواتب. كذلك الأمر بالنسبة إلى صفحات المقرّب منه "وزير القائد - صالح محمد العراقي"، وصفحات فصيله المسلح "سرايا السلام". ولم تنقل أي وسيلة إعلامية تصريحاً مماثلا له.

2- القالب الإخباري المتناقل لقناة "العراقية" معدّل، إذ تم حذف الخبر الأصلي منه واستبداله بالمتداول. ويحتوي القالب الأصلي المنشور في حساب القناة على فايسبوك، يوم 15 يناير/كانون الثاني 2025، على خبر مفاده: "زعيم التيار الوطني الشيعي السيد مقتدى الصدر بعد اتفاق غزة: عليكم بوحدة الصف ونبذ الخلافات".

الصورة الاصلية للخبر المنشورة في صفحة قناة الاخبارية العراقية في فايسبوك في 15 ك2 2025

وجاء تصريح الصدر المتعلق بغزّة عقب توصّل حركة "حماس" وإسرائيل إلى اتّفاق لوقف إطلاق النار، في 15 يناير/كانون الثاني الماضي، وذلك في اطار ردود فعل سياسية وتعليقات توالت بعد حرب مدمّرة استمرّت أكثر من سنة.

يشار الى أن الصدر لم يعلّق على موضوع سلّم الرواتب والمطالبات الشعبية الرامية نحو تحقيقه. وكان آخر بيان له يوم أمس السبت، دعا فيه إلى التظاهر يوم الجمعة المقبلة، قائلا: "اخوتي احبتي، أيها المصلحون في عراقنا الحبيب. في جمعتكم المقبلة، عليكم بالخروج بتظاهرة سلمية غاضبة كل في مكان (صلاة جمعة)، تنديداً بالعدوان الصهيو- اميركي الغاشم ضد غزة، واستنكاراً لما تقوم به من مجازر ضد الأبرياء والأطفال والكوادر الطبية والإعلامية".

وأضاف: "عليكم بحرق العلمين الإسرائيلي والأميركي خلال تظاهراتكم السلمية الغاضبة تلك"، مشدداً على ضرورة "عدم رفع أي علم إلا العلم الفلسطيني والعراقي فقط لا غير"، وتابع: "إن شئتم، فالبسوا الاكفان تيمناً بما فعله السيد الوالد".

كذلك، علّق الصدر في الأمس على نشاطات فصيله المسلّح "سرايا السلام" ومسألة تحديث بياناته وبطاقاته البايومترية. ووجّه بتحديث البطاقات الانتخابية قائلا: "أكّدوا ضرورة التحديث حتى في حال مقاطعة الانتخابات وعدم الاشتراك فيها. فمن قاطع ولم يحدّث، فلا أثر لمقاطعته".

وكان الصدر أعلن، في 27 مارس/آذار الماضي، أنّه لن يشارك في الانتخابات المقبلة في العراق. وجاء حديثه ردّاً على سؤال عن دور أبناء "التيار الوطني الشيعي" في خضم الاستعدادات للانتخابات التشريعية المقبلة، والتي من المزمع إجراؤها يوم 11 نوفمبر/تشرين الثاني 2025 بعد تصويت مجلس الوزراء العراقي في 9 أبريل/نيسان الحالي، على تحديد هذا الموعد.

ويذكر أن الصدر ليس له أي تمثيل داخل قبّة البرلمان العراقي في الوقت الحالي، بعدما وجّه نواب كتلته بتقديم استقالاتهم من مجلس النواب في 12 يناير/كانون الثاني 2022، اذ كانت "الكتلة الصدرية" التي يتزعمها، تضم 73 نائباً برلمانياً، وكانت الاستجابة مباشرةً من قبلهم بتقديم الاستقالات.

ويأتي تداول الخبر الخاطئ عن الصدر، بالتزامن مع مطالبات شعبية كبيرة بتطبيق سلّم الرواتب وانصافهم، من خلال رفع مستوى الرواتب أسوة بباقي موظفي الوزرات الذين يستلمون رواتب مرتفعة، ما يعدّه المحتجون ظلماً لا ينتهي إلا بتطبيق السلّم الذي سيحقق العدالة وينصف الشرائح التي تستلم رواتب متدنية لا تتماشى مع ظروف الحياة الاقتصادية وارتفاع الأسعار.