كتاب يجمع رسائل ستيفان تسفايغ وجان ريتشارد بلوخ - تكنو بلس

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
كتاب يجمع رسائل ستيفان تسفايغ وجان ريتشارد بلوخ - تكنو بلس, اليوم الأربعاء 16 أبريل 2025 08:37 صباحاً

تحتلّ الرسائل في أدب ستيفان تسفايغ (1881-1942) وحياته مكاناً أساسياً، فقد شكلت صلات وصل للكاتب النمسوي بأصدقائه وأحبائه في سيرة تكللت بالترحال والرحيل في سياق من الحروب والمنافي خلال النصف الأول من القرن العشرين. وضمن هذا التراث العظيم من الرسائل، يتنزل كتاب ''رسائل ستيفان تسفايغ وجان ريتشارد بلوخ (1912-1940)''، الصادر عن منشورات جامعة ديجون الفرنسية، والذي اعتنت بجمعه وتحقيقه كلودين ديلفيس، الأستاذة الفخرية للتاريخ والحضارة الألمانية المعاصرة في جامعة باريس ديدرو، قبل رحيلها العام الماضي. 

يجمع هذا الكتاب للمرة الأولى المراسلات بين ستيفان تسفايغ والروائي والكاتب الفرنسي جان ريتشارد بلوخ، من عام 1912 إلى عام 1940، وهو التاريخ الذي غادر فيه تسفايغ أوروبا إلى الأبد. في البداية، تبدو محادثاتهما رسمية، لكنها تصبح مألوفة بشكل متزايد. فقد لعب كلاهما دوراً كبيراً في العديد من الشبكات الفكرية الأوروبية في النصف الأول من القرن العشرين. وفي حين أن الروابط التي وحدت تسفايغ بفرنسا كانت موضوعاً للبحث على مر السنين وما زالت كذلك، فإن علاقاته ببلوخ لم تدرس إلا قليلاً، على رغم أن الدراسات المخصصة للأخير زادت بشكل كبير مدى السنوات الثلاثين الماضية وتذكرنا بتعلقه بالثقافة الجرمانية. وفيما يقول تسفايغ في كتابه "عالم الأمس" ، وهو كتاب يشهد على فترة محددة من حياته وليس سيرة ذاتية بالمعنى الحقيقي للكلمة، إنه "أحب فرنسا مثل وطن ثانٍ"، فإن بلوخ ، من جانبه، يشعر ببعض عناصر الألمانية فيه، النابعة من "مهد فروعه الأصلية بصفتها مزيجاً من الجوانب الجرمانية والفرنسية، التي "تتساوى في الجوهر"، على حد قوله. وهكذا، فإننا نشهد في بلوخ كما في تسفايغ، تحالفاً بين الثقافتين اللاتينية والجرمانية، ما يؤدي إلى تمازج حقيقي للعقل والقلب.

 

الكاتب النمسوي ستيفان تسفايغ.

 

تغطي هذه المراسلات، التي تتألف من 75 رسالةً، مدة زمنية طويلة من عام 1912 إلى عام 1940. ومع ذلك، فهي موزعة بشكل غير متساو، إذ لم تصل إلا أربع رسائل قبل الحرب العظمى تبعها انقطاع طويل خلالها. وعلى رغم أن هذا الانقطاع في المراسلات بين الصديقين قد يكون دافعه الظروف الصعبة في قارة تمزقها الحرب، فإن من الممكن إعادة بناء الحوار بين الرجلين، لأن تسفايغ وبلوخ كانا يشتركان في عدد كبير من الأصدقاء الذين لعبوا في أوقات معينة من حياتهما دور الوسيط. عندما بدأت مراسلاتهما عام 1912، كان بلوخ يبلغ  28 عاماً أما تسفايغ فبالكاد بلغ 31 عاماً. كما تظهر الرسائل طبيعة الاختلاف بينهما. في العشرينات انفصلت دروبهما، فقد انخرط بلوخ في العمل السياسي وانضم إلى الحزب الشيوعي الفرنسي، بينما حافظ تسفايغ على حياده حيال السياسة الحزبية.

 

'رسائل ستيفان تسفايغ وجان ريتشارد بلوخ'. (منشورات جامعة ديجون)

'رسائل ستيفان تسفايغ وجان ريتشارد بلوخ'. (منشورات جامعة ديجون)

 

لاحقاً، ومع اندلاع الحرب العالمية الثانية أصبحت القارة أكثر تمزقاً. في بداية عام 1941، وبعد أن شعر بلوخ بالتهديد المتزايد من طرف النازية، باعتباره شيوعياً ويهودياً، قرر الفرار إلى الاتحاد السوفياتي. وعلى رغم الحاجز اللغوي، يبدو هذا الاختيار منطقياً لأسباب سياسية. وفي الاتحاد السوفياتي أصبح بلوخ صحافياً وأنتج برامج إذاعية باللغة الفرنسية في إذاعة موسكو. أما تسفايغ فقد غادر أوروبا ليستقر بداية من عام 1940 في مدينة نيويورك مع زوجته حيث عاشا لمدة شهرين ضيفين في جامعة ييل. ثم انتقلا مرة أخرى إلى البرازيل. كان يائساً بشأن مستقبل أوروبا وثقافتها. انتهت المراسلات بين الصديقين في هذا السياق من التمزق عام 1940، لكن لم ينس أي منهما الماضي. فقد ذكر تسفايغ اسم بلوخ مرات عدة في كتابه "عالم الأمس"، بينما استشهد بلوخ بصديقه وكتاباته في خطاباته على راديو موسكو، ولم يكن يعرف أنه قد انتحر وزوجته بجرعة زائدة من الباربيتورات في منزلهما في مدينة بتروبوليس البرازيلية، وكانا ممسكين بأيدي بعضهما بعضاً في شتاء 1942.

 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق