نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
جيل زد أم جيل الهجرة: عندما يُجبَر الشباب في عصر الذكاء على الهروب من الاقتصاد بدل بنائه - تكنو بلس, اليوم الأحد 20 أبريل 2025 07:55 صباحاً
نكتب كثيراً عن فرص المستقبل، لكن لا أحد يتحدث بوضوح عن الواقع. عن جيل كامل يشعر أنه خُذل، ليس فقط من نظام سياسي، بل من اقتصاد لا يراه، ومجتمع لا يسمعه، ومنصات تبيعه وهماً باسم الريادة.
جيل يسير وسط تناقضات: يُقال له إن العالم مفتوح، لكن الأبواب مغلقة. يُدعى للابتكار، لكن يُترك بلا أدوات. يُقنعونه أن النجاح في متناول اليد، بينما البنى التحتية منهارة، والنظام التعليمي ما زال يدرّس المستقبل كأنه ماضٍ.
في زمن الذكاء الاصطناعي، والتطور الرقمي، والثورات المتسارعة في العمل والتعليم والخدمات، لا يزال الكثير من الأنظمة في منطقتنا — وفي لبنان بشكل خاص — تدير الاقتصاد بعقلية تقليدية، وبُنى تنظيمية متآكلة، وإجراءات لا تواكب تحوّلات السوق العالمية.
بين التوقعات العالية والواقع المنهار
هذا الجيل يُتّهم بالكسل، بعدم الجدية، بعدم الولاء للمكان، بينما ما يواجهه ليس نقصاً في الحافز، بل في البنية التي تُمكّنه من البناء. شاب يمتلك فكرة، مهارة، حتى جرأة — لكنه يصطدم من اللحظة الأولى بواقع مليء بالعقبات، منها نذكر:
- قوانين معقّدة وغير مرنة
- مؤسسات لا تفهم متطلبات الاقتصاد الرقمي
- ثقافة تُمجّد الوظيفة وتُشكّك بالمبادرة
- وهم الفرص وسوق الشعارات
في السنوات الأخيرة، امتلأت الساحة بمفاهيم براقة: العمل الحر، الاقتصاد الإبداعي، ريادة الأعمال. لكن كثيراً من هذه العناوين تُستخدم كشعارات أكثر منها حلولًا. الأكاديميات المدفوعة، المدربون المؤثرون، المنصات الوهمية… كلها تصنع وهم "الفرصة" بينما تُغيب الواقع.
ما الذي نحتاجه؟
اقتصاد يُكافئ من يحل المشاكل لا من يُجيد التسويق.
سياسات تحفّز على بناء منتجات تخدم المجتمع، وليس فقط منصات تُصدّر المحتوى.
منظومة تُعيد تعريف النجاح: ليس في عدد المتابعين، بل في عدد من استفادوا من فكرتك
ما يحتاجه الشباب ليس دورة تدريبية أخرى، بل:
- منظومة تشريعية تُمكّنه من الانطلاق دون قيود بيروقراطية
- منصات تمويل شفافة ومبنية على الثقة
- بنية تحتية رقمية تؤمن له الدخول إلى السوق العالمي من مكانه
- الريادة كوسيلة إصلاح اقتصادي، لا ملاذ أخير
- ريادة الأعمال الحقيقية ليست خياراً لمن لم يجد وظيفة، بل وسيلة للمساهمة في بناء نموذج اقتصادي بديل: نموذج مرن، يربط المهارات الفردية بحاجات السوق، ويستخدم التكنولوجيا لحل مشاكل واقعية.
في بيئة تُشجّع الابتكار الحقيقي، يمكن للريادة أن تصبح قاطرة لإصلاح اقتصادي شامل، بدءًا من قطاعات التعليم، الطاقة، الخدمات، وصولًا إلى أنظمة الدفع والتوزيع.

صورة تعبيرية (وكالات)
لبنان: الإمكانات موجودة، لكن أين البيئة؟
في لبنان، لا ينقص الشباب المهارات، بل ينقصهم نظام اقتصادي يُواكبهم. في بلد يتمتع بموارد بشرية لامعة، وطاقات ريادية، وعلاقات دولية، ما نحتاجه ليس وصفات جاهزة من الخارج، بل بيئة محلية تستثمر في الذكاء، في التصميم، في الشجاعة.
لبنان قادر على أن يتحوّل إلى نقطة انطلاق لحلول إقليمية، إذا ما تمت إعادة تنظيم العلاقة بين الريادة والدولة، بين الأفكار والدعم، بين الرؤية والتنفيذ.
رسالة إلى جيل متّهم بالفشل
أنتم لستم فاشلين، أنتم فقط تعيشون في نظام لا يريد أن يعترف بذكائكم، لا يتقبل تمردكم، ولا يملك الأدوات لفهمكم.
لكن العالم يتغير، والنماذج تنهار، وما يبدو اليوم طريقاً صعباً، قد يتحول غداً إلى المسار الوحيد المتاح.
اصنعوا اقتصاداً يُشبهكم. ابنوا نماذج مرنة، مفتوحة، متجذّرة في الواقع ومتصلة بالعالم.
ربما لن تنتظروا الوظيفة. لكن يمكنكم خلق الدور.
وربما لا تنتظرون الأمل — بل تصنعونه.
جاك جندو، رائد أعمال وخبير في التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي، والرئيس التنفيذي لشركة "Brain Digits".
0 تعليق