مساعدة ذوي الحاجات الخاصة: نحو مجتمع أكثر عدلاً وإنسانية - تكنو بلس

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
مساعدة ذوي الحاجات الخاصة: نحو مجتمع أكثر عدلاً وإنسانية - تكنو بلس, اليوم الثلاثاء 22 أبريل 2025 01:13 مساءً

شرف أبو شرف
نقيب الأطباء السابق 

بين يدي كتاب شكر من الرئيسة التنفيذية لمؤسسة "سيزوبيل"، موجَّه إلى الأطباء الذين ساهموا في تقديم الخدمات الطبية للأطفال من ذوي الحاجات الخاصة على مدار أكثر من عشرين عاما داخل المؤسسة.
"سيزوبيل" منظمة لبنانية غير حكومية وإحدى أبرز الجهات الخيرية التي تُعنى بالأطفال المصابين بإعاقات جسدية و/أو ذهنية، وتؤدي دورا إنسانيا عظيما في ظروف استثنائية صعبة.

ومن الجدير ذكره أن أطباء من مختلف الاختصاصات، يشاركون في معالجة هؤلاء الأطفال مجانا أو بأجور رمزية. ومع ذلك، تعاني هذه المؤسسات ضائقة مالية خانقة، وتحاول تأمين استمراريتها من خلال التبرعات المحلية أو دعم من منظمات دولية، في حين تبقى مساهمة الدولة ضئيلة جدا، لا تتناسب مع حجم الحاجات الفعلية أو التكاليف المرتفعة للعناية بهؤلاء الأطفال، وتعليمهم وتدريبهم، وتخفيف العبء الثقيل عن كاهل ذويهم.

لقد شعرت وأنا أقرأ كتاب الشكر بأن من واجبي أنا توجيه الشكر لهذه المؤسسة ومثيلاتها وللقائمين عليها، على ما يبذلونه من جهود جبّارة لملء فراغٍ كبيرٍ كان يُفترض أن تملأه الدولة، لو كانت تحترم مسؤولياتها، كما هو الحال في الدول المتقدمة.

إن الأطفال المعوّقين يعانون قصورا دائما أو موقتا في قدراتهم الجسدية، الحسية، العقلية، أو النفسية، مما يؤثر في قدرتهم على ممارسة حياتهم اليومية في شكل طبيعي. أما ذوو الحاجات الخاصة، فهم الأطفال الذين يحتاجون إلى رعاية خاصة إضافية تتجاوز ما يحتاج إليه أقرانهم.
وتشمل هذه الفئة حالات مثل الإعاقات الحركية، والتوحد، وصعوبات التعلم، والإعاقة السمعية أو البصرية، وغيرها.
يواجه هؤلاء الأطفال وعائلاتهم العديد من التحديات الاجتماعية والاقتصادية والنفسية:
اجتماعيا: يتعرضون للتمييز أو التنمر أو العزلة الاجتماعية، مما يؤدي إلى تدهور حالتهم النفسية وتراجع فرصهم في الاندماج مع أقرانهم.
اقتصادياً، ارتفاع تكاليف العلاج والتأهيل والتعليم الخاص، يضع عبئا ماليا كبيرا على الأسر ويحرمها توفير حياة مستقرة.
نفسياً: يعاني الأهل الإجهاد النفسي المزمن والقلق المستمر في شأن مستقبل أبنائهم.
وتؤدي هذه العوامل مجتمعة إلى شعور الأسر بالعزلة والضغط المستمر، وهو ما ينعكس سلباً على دينامية الأسرة عموما.
رغم هذه التحديات، فقد أظهرت تجارب كثيرة أن الأطفال ذوي الحاجات الخاصة قادرون على تحقيق إنجازات باهرة عند توافر الرعاية والدعم المناسبين.
إن استثمار المجتمع في دعم هؤلاء الأطفال يعود بالنفع العام، إذ يساهمون لاحقا في تنمية مجتمعاتهم من خلال قدراتهم ومواهبهم الخاصة. فهم جزء لا يتجزأ من نسيج المجتمعات. إلا أن واقعهم كثيراً ما يكون مليئاً بالتحديات والصعوبات، ليس بسبب إعاقتهم، بل بسبب النظرة المجتمعية الخاطئة، وجهلنا لواقعهم وقلة الإمكانات الداعمة لهم.
وتقتضي المسؤولية الأخلاقية والإنسانية أن نعمل جميعا من أجل دعمهم، وتعزيز قدراتهم، وتمكينهم من المشاركة الكاملة في المجتمع مع الحفاظ على كرامتهم الإنسانية، وذلك بمساعدة المؤسسات الخيرية والتعليمية والطبية الداعمة الأساسية لهم في بناء مستقبلهم. وتكمن طرق المساعدة في:
 • دعم هذه المؤسسات ماديا ومعنويا.
 • التطوع للمساهمة في تقديم خدمات تعليمية أو تأهيلية.
 • توفير البرامج التعليمية المتخصصة وبرامج الدمج التربوي والمجتمعي. 
 • إنشاء شراكات بين القطاعين العام والخاص لدعم الخدمات الموجهة لهم.
ومما لا شكّ فيه أن بعض المؤسسات مثل "سيزوبيل" ساهمت في توفير رعاية شاملة للأطفال ذوي الإعاقات المتعددة.
وتتعدد أساليب العلاج والدعم، ومنها:
 • العلاج الطبي: مثل العلاج الفيزيائي والنطق والعلاج الوظيفي.
 • الدعم النفسي: تأمين جلسات دعم نفسي للأطفال وأسرهم لمواجهة الضغوط العاطفية.
 • الدعم التربوي: إدماج الأطفال في مدارس مخصصة أو صفوف دامجة مع تكييف المناهج بحسب حاجاتهم.
 • الدعم المادي: من خلال تقديم منح مالية للأسر المحتاجة وتأمين الأجهزة المساعدة مثل الكراسي المتحركة أو الأجهزة السمعية.
إن احترام الطفل ذي الحاجات الخاصة هو حجر الزاوية في بناء مجتمع إنساني. فكرامة الإنسان غير قابلة للمساس، ويجب التعامل مع كل فرد بمعزل عن إعاقته الجسدية أو الذهنية، مع الإيمان بقدراته وإمكاناته.
كما ينبغي كسر جدار الصمت المحيط بقضايا الإعاقة عبر حملات التوعية، والندوات المجتمعية، والمبادرات الإعلامية. وقبول الآخر لا يعني فقط التعايش معه، بل يشمل احترامه، ودعمه، وتمكينه من ممارسة حقوقه كاملةً. طبعاً لن يصبح مثل الآخرين. هو طفل مختلف عن أترابه، لكنه مثل سائر الأطفال له الحق فى الحصول على حياة طبيعية خاصة به وبعائلته. هو لطيف، حساس، له حقوق ويحتاج إلى الحب والصداقة واللعب والتعلم، وأهم من كل ذلك، إلى أن يُحترم، وعلينا أن نؤمن به وبكرامته وحقوقه الانسانية، من أجل رفاهية جميع من حوله ورفاهيته هو أيضا، وفهم القيم الحقيقية للواقع البشري .
رغم التقدم الملحوظ في بعض الدول في مجال رعاية ذوي الحاجات الخاصة، لا يزال الطريق طويلاً.
فمن أبرز التحديات التي تواجه هذه الفئة: ضعف القوانين الحامية لحقوقهم في بعض البلدان، قلة التسهيلات البيئية، وضعف الإمكانات المالية لدى الأسر.
لكن مع العمل العلمي الدقيق، وتكثيف الجهود الاجتماعية والرسمية، يمكن تحقيق نتائج إيجابية تمنح هؤلاء الأطفال الفرصة الكاملة لتحقيق طموحاتهم.
إن الأطفال المعوقين وذوي الحاجات الخاصة ليسوا عبئاً على المجتمع، بل ثروة كامنة تحتاج فقط إلى اكتشافها وتطويرها، والأمثلة بخاصة في الغرب، كثيرة على ذلك.
إن العمل العلمي المنهجي، القائم على أسس إنسانية واحترام الحقوق، هو السبيل إلى تحقيق العدالة الاجتماعية وتمكين هؤلاء الأطفال من بناء مستقبل أكثر إشراقا لهم ولمجتمعاتهم.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق