نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
الامتحان الحقيقي أمام أي حكومة عراقية - تكنو بلس, اليوم الأربعاء 23 أبريل 2025 01:18 صباحاً
تشير خطوتان، بين خطوات أخرى، إلى سعي عراقي إلى موقف متوازن بين الدول العربيّة، خصوصاً تلك المجاورة للعراق، من جهة و"الجمهوريّة الإسلاميّة" الإيرانية من جهة أخرى.
ليس واضحاً ما إذا كان هذا التوجه سيستمرّ أم أنّه مرتبط بالضغوط الأميركية التي تمارس حالياً على إيران والعراق في الوقت ذاته، كذلك بضرورة تهيئة الظروف لانعقاد القمة العربية المقبلة في بغداد في السابع عشر من أيّار / مايو المقبل.
تتمثل الخطوة الأولى التي يمكن أن تعني الكثير على الصعيد العراقي في تراجع بغداد، عبر رئيس الجمهورية عبد اللطيف رشيد ورئيس الحكومة محمّد شياع السوداني عن الموقف المتشنج من ترسيم الحدود مع الكويت. تتمثل الخطوة الثانية في اللقاء، الذي عقده، حديثاً، رئيس الحكومة العراقيّة في الدوحة برعاية أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، مع الرئيس السوري الجديد أحمد الشرع. في الأمس القريب، كان الشرع بالنسبة إلى محمد شياع السوداني "إرهابي بربطة عنق" قاتل الأميركيين في العراق مع منظمات إسلامية متطرفة.
إذا وضعنا جانباً حكومة مصطفى الكاظمي الذي سعى إلى اتخاذ موقف متوازن بين دول المنطقة، ليس سرّاً أن العراق كان يتخذ، بين وقت وآخر، مواقف متصلبة من ترسيم الحدود مع الكويت بناء على توجيهات إيرانية. ليس سرّاً أيضاً أن نقطة الخلاف الأساسية التي بقيت عالقة، على الرغم من وجود اتفاق في شأن ترسيم الحدود بين العراق والكويت، هي النقطة المتعلقة بخور عبدالله. دفع موضوع حقل الدرة النفطي، الذي تطالب إيران بأن تكون شريكاً فيه مع السعودية والكويت، إلى إعادة تحريك إيران الورقة العراقية ضد الكويت. فجأة ومن دون مقدمات وبعد شهرين من زيارة الشيخ سالم الصباح (وزير الخارجية الكويتي وقتذاك) لبغداد في تموز / يوليو 2023، تعلن المحكمة الاتحادية العليا العراقية بطلان مصادقة البرلمان العراقي على اتفاق الترسيم في خور عبدالله. كان البرلمان العراقي وافق على الاتفاق في العام 2013!
لم يكن ذلك مستغرباً، نظراً إلى أنّ فائق زيدان رئيس المحكمة الاتحادية العراقية هو أحد رجال إيران الأقوياء في العراق. ما حصل أنّ رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة قدما، قبل أيام، التماسين إلى المحكمة الاتحادية العليا يدعوان فيهما إلى إبطال المصادقة على اتفاق الترسيم في خور عبدالله.
جاءت الخطوة العراقية الثانية مع بدء اعتراف بغداد بوجود واقع جديد في سوريا. التقى محمد شياع السوداني أحمد الشرع في الدوحة ليؤكد أنّ لا مشكلة في انعقاد قمة بغداد بحضور الشرع. عملياً اعترف العراق بالتغيير الكبير الذي شهدته سوريا، وهو تغيير متمثل في نهاية الحكم العلوي الذي شكل امتداداً للنفوذ الإيراني في المنطقة، أكان ذلك أيام حافظ الأسد أو أيام خليفته بشّار الأسد.
يهيئ العراق نفسه لمرحلة ما بعد الاتفاق الأميركي – الإيراني المتوقع التوصل إليه... أو لمرحلة العجز عن التوصل إلى مثل هذا الاتفاق مع ما سيثيره ذلك من توترات على كلّ صعيد.
من الواضح أنّ محمّد شياع السوداني الذي رشح نفسه للانتخابات التشريعية، المقرر إجراؤها في تشرين الثاني/نوفمبر المقبل، حريص على البقاء حياً يرزق سياسياً. لن يكون ذلك ممكناً من دون إعادة تموضع تسمح للعراق بامتلاك هامش من الاستقلالية حيال إيران التي لا تزال تراهن على عودة نوري المالكي أو شخص آخر يشبهه إلى موقع رئيس الحكومة.
إلى أي حد يستطيع محمّد شياع السوداني ممارسة لعبة استعادة العراق دوره الإقليمي المتوازن الذي ميّز حكومة مصطفى الكاظمي التي استمرت حتّى انتخابات العام 2022؟
الأكيد أنّ الأمر لا يعتمد فقط على مبادرات تستهدف تسهيل انعقاد القمة العربيّة في بغداد. ثمة سؤال سيطرح نفسه بحدة عاجلاً أم آجلاً. يتعلّق السؤال بالموقف الرسمي من ميليشيات "الحشد الشعبي" التابعة لـ"الحرس الثوري" الإيراني. سيبقى الموقف من "الحشد" الامتحان الكبير والحقيقي أمام أي حكومة عراقية تسعى إلى أن تكون متحررة من نفوذ إيران...
0 تعليق