نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
سلاح "حزب الله"... أكثر تعقيداً مما يتصورون - تكنو بلس, اليوم الجمعة 25 أبريل 2025 02:26 صباحاً
لا يزال سلاح "حزب الله" يقسم اللبنانيين، وسيبقى كذلك حتى وقت طويل ربما. ليس تسليمه بالأمر السهل أبداً، وربما تسرع بعض الأطراف في اعتباره أن الحزب انتهى بمجرد خسارته المعركة وفقدان قيادته التاريخية السياسية والعسكرية والأمنية وانكفائه عن الرد على حرب الاستنزاف التي تشنها إسرائيل عليه بشكل يومي، مستهدفة كوادره أينما تحركوا في لبنان.
صحيح أن الحزب فقد الغطاء المسيحي الذي كان يؤمّنه الرئيس ميشال عون و"التيار الوطني الحر" بعدما كان فقد الغطاء السنّي، وإلى حد ما الغطاء الدرزي، وانكفأ إلى حدود الطائفة الشيعية ومناطقها، لكنه في المقابل استطاع أن يحافظ على قوته ضمن الطائفة التي تظهر وحدتها في مواجهة الداخل والخارج رغم أصوات الاعتراض من هنا وهناك. وهذا الواقع يعطي الحزب قوة معنوية يستثمرها بقوة.
لم يترك خصوم الحزب له باباً يخرج منه، أقفلوا عليه كل المنافذ. كانوا يعتقدون أن اللحظة لن تتكرر للخلاص منه ومن سلاحه وأن "ضرب الحديد وهو حام" أفضل الطرق لتحقيق ذلك. أرادوا تجريده من كل مصادر قوته قبل أن يسترد أنفاسه مستغلين حالة الوهن التي أصابته جراء الحرب ومقتل قيادته والحصار المالي والعسكري وبعض التذمر في بيئته جراء التأخر والفوضى في تعويض المتضررين، والغموض في ملف إعمار القرى المهدمة في الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية.
كان الحزب بحاجة لدفعة معنوية لجمهوره وبيئته بعد الخسارة الكبيرة في الحرب والهجمة المحلية والدولية عليه وعلى سلاحه، والتي وصلت إلى حد اعتبار انه انتهى ولم يبق عليه الا التسليم بلا قيد ولا شرط. كان ما يعرض على الحزب هو الاستسلام وإعلانه حل نفسه، تقريباً.
حشر الحزب في الزاوية، وكلما تراجع خطوة كان يطلب منه التراجع خطوات، وجد نفسه شبه وحيد ومطوقاً من كل الجهات. سقطت قوته العسكرية، فقد هيبته داخل "سيستم" الدولة، لم يعد متحكماً بمجلس الوزراء عبر ثلث معطل وأكثرية مقنعة، خرج من قوة فرض من يريدهم في القيادات الأمنية والمناصب العليا، لم يعد يهدد ويتوعد ويتدخل هنا وهناك...
أدرك الحزب أن بلداً جديداً يركّب، بلد فيه رئيس للجمهورية يريد أن يحكم، ورئيس حكومة غير تقليدي من خط سياسي مدعوم دولياً ومعاد للخط الإيراني ولمحوره، مع وزراء معادين للحزب والمحور إلى حد الشماتة أحياناً. اختل توازنه وهو يتلقى الضربات من كل الاتجاهات، لكنه بقي يصارع متكئاً على حنكة الرئيس نبيه بري وعلى تعاطف بيئته معه. وعندما وجد نفسه مستضعفاً إلى هذا الحد أشهر سلاحه. قال إن اليد التي تمتد إلى السلاح سوف تقطع، في ترداد مستجد لمقولة قديمة أطلقها أمينه العام الراحل حسن نصرالله يوم كان الحزب يهدد إسرائيل التي هي "أوهن من بيت العنكبوت".
من يتابع وسائل التواصل الاجتماعي يلاحظ بسهولة هبة شيعية واسعة بعد كلام الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم العالي النبرة. الشيخ نعيم نفسه الذي لم يكن كثير الاقناع في إطلالاته السابقة بات في نظر الفايسبوكيين الشيعة نسخة جديدة من نصرالله بخطابه "القوي" المتماهي مع خطاب الأمين العام الراحل.
سياسياً يضع الخطاب القديم المتجدد للحزب السياسة اللبنانية أمام تطور يستدعي لغة جديدة وميكانيكية جديدة في التعاطي مع موضوع السلاح، كان التقط إشاراتهما الرئيس جوزف عون الذي يتجنب معركة كسر عظم مع الحزب بشأن السلاح رغم الإلحاح الأميركي والإسرائيلي. وإذا كان البعض يعتقد أن مهمة تسليم السلاح تذهب إلى مزيد من التعقيد، فإن بعض الأوساط السياسية الداخلية باتت مقتنعة أن حل موضوع السلاح بات مرتبطاً أكثر بالسياسات الدولية والإقليمية، من واشنطن إلى طهران إلى تل أبيب وعواصم عربية مهتمة بالأزمة اللبنانية.
الداعون إلى سحب سلاح "حزب الله" يراهنون على ضغوط عربية ودولية كبيرة على الحزب وعلى الدولة اللبنانية، تحت عناوين سياسية واقتصادية قد تصل أيضاً إلى حد توجيه ضربة عسكرية للحزب عبر إسرائيل. والحزب يعيش هذه الأجواء أيضاً، لكنه يراهن في المقابل على انقلاب في الرأي العام وفي بعض المواقف السياسية التي باتت الاعتداءات الإسرائيلية المتمادية تحرجها.
تصعيد الحزب لهجته أخيراً معتمداً نظرية "الهجوم أفضل طريقة للدفاع" أعاد موضوع السلاح إلى المربع الأول في محاولة لفرملة الاندفاعة المتسارعة للمطالبين بنزعه ولو بالقوة. يعود اليوم الحديث عن استراتيجية دفاعية تستوعب سلاح الحزب بشكل أو بآخر، لكن بات واضحاً أن لا تسليم طوعياً للسلاح ولا قدرة للدولة على ذلك بالقوة. هو موضوع سياسي معقد جداً من الأساس وسيظل كذلك، وسيظل الحزب يمشي بين النقاط في ظل محاولات إسرائيل الحثيثة لجره إلى حرب، تعتقد ويعتقد كثيرون من اللبنانيين أنها باتت ملحة لإنهاء السلاح والحزب معاً. وقد بدأت أصوات إسرائيلية تصرح بأن الحزب لم ينته وبأنه عاد إلى تصنيع السلاح، لا سيما الطائرات المسيرة، وهو مؤشر ذو مدلول.
0 تعليق