الماركة كهوية: من أنا إذا لم أرتدِ "براند" معروفة؟ - تكنو بلس

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
الماركة كهوية: من أنا إذا لم أرتدِ "براند" معروفة؟ - تكنو بلس, اليوم الجمعة 25 أبريل 2025 07:08 صباحاً

ما زال المثل الشعبي المعروف "كُل على ذوقك والبس على ذوق الناس" متداولاً. بصراحة، الجزء الوحيد الذي أجده منطقياً هو "كُل على ذوقك". أما أن ألبس على ذوق الناس؟ فلماذا؟ لماذا علي أن أرتدي ما يعجب الآخرين، وليس ما يلائمني ويُشبهني؟ أليس طبيعياً أن أرتدي ما يُعبّر عن شخصيتي؟ وما لا أقتنع به أكثر هو الهوس المنتشر اليوم بهذه "العلامات التجارية الفاخرة، أو "البراندز" (Brands)، كأن القيمة الحقيقية للإنسان تُقاس باسم "البراند" التي يرتديها.

بدأت قصة العلامات التجارية مع دار 'هيرميس' الفرنسية العريقة للأزياء، أقدم علامة تجارية فاخرة في العالم لا تزال مستمرة حتى اليوم. أسسها تييري هيرميس في عام 1837، وكانت بداياتها في صناعة السروج ومعدات الفروسية. ما كانت أول حقيبة صممتها الدار للزينة، بل كانت جراباً لحمل السرج، قبل أن تنطلق وتصبح من أشهر علامات الموضة، خصوصاً مع ظهور حقائب "كيلي" و"بيركين" الأيقونية. حتى شعار هيرميس، الذي يجسّد حصاناً وعربة، يروي حكاية بداياتها الأصيلة في عالم الفخامة.

بعدها، بدأت العلامات التجارية تنتشر بشكل واسع، حتى أصبح بعضهم يُعير ما يُعرف بـ'البرستيج' أو المظهر الاجتماعي اهتماماً كبيراً، وصار أي دخل إضافي يحصل عليه الموظف يُنفق غالباً على الكماليات، ليبدو فحسب بمظهر معين أمام الآخرين، فتجد مثلاً من يشتري قطعة ملابس لا تُساوي فعلياً ثمنها المرتفع، مثل "تيشيرت" أبيض بسيط قد يصل سعره إلى 300 دولار، لا لسبب إلا لأنه يحمل "لوغو" علامة تجارية معروفة.

هل هو تعبير عن عدم الأمان؟
توضح المعالجة النفسية إليسا رشدان أن العلامات التجارية الفاخرة أو "البراندز" ليست حاجة أساسية، "لكنها تُشعِر البعض بتحقيق الذات، وتمنحه نوعاً من المكانة الاجتماعية، والهوية، والانتماء إلى فئة معينة من الناس". وتضيف لـ "النهار": "رغم أننا نستطيع العيش من دونها، فإن حبها في ذاته ليس خطأ. إنما الخطأ يبدأ عندما يسعى الشخص إلى شراء منتج فاخر يتجاوز ثمنه قدرته المادية، فيلجأ إلى الاستدانة لامتلاك قطعة تحمل اسم ماركة معروفة. وهناك من يذهب إلى حد رفض الجلوس مع أشخاص لا يرتدون "البراندز"، لأن الماركة بالنسبة إليه تمنحه معنىً شخصياً، ومكانة متخيَّلة".

927ad37407.jpg

 

من هذا السلوك، نطرح تساؤلاً جوهرياً: هل الدافع هو الحاجة الحقيقية إلى هذه السلعة أم شعور داخلي بعدم الأمان وتراجع الثقة بالنفس؟

تجيب رشدان: "هناك نوعان من الناس: المرسل والمتلقي. وفي سياق الماركات، يكون الشخص الذي يرتدي العلامة الفاخرة هو "المرسل"، فيحاول إرسال رسالة إلى "المتلقي" بأنه غني، مختلف، وربما ناجح. في المقابل، هناك من يرتبط بالماركات من منطلق إعطاء قيمة للأشياء النادرة والثمينة، لا أكثر.

 

وعلى مستوى الطبقات الاجتماعية، تختلف النظرة إلى "البراندز":
• الطبقة العليا ترى أن ارتداء الماركات أمر طبيعي ومُتوقع، نظراً إلى قدرتهم المالية العالية.
• الطبقة المتوسطة تنظر إلى ارتداء سلع العلامات الفاخرة بصفتها نوعاً من الإنجاز الشخصي أو مصدر إلهام يدفعهم للعمل أكثر.
• أما الطبقة الشعبية، فترى في اقتناء الماركات وسيلة تمنحهم الشعور بالقوة والانتماء، كأنها بطاقة عبور نحو طبقة اجتماعية أعلى.

في النهاية، لا يمكن الإنكار أن "البراندز" صارت جزءاً من الثقافة المعاصرة، ومؤشراً على الذوق والانتماء أحياناً. لكن المسألة لا تتعلّق بما نرتديه بقدر ما تتعلّق بالدافع وراء ذلك. فهل نلبس لباساً لأنه يعبر عن أنفسنا، أم لأنه يؤمّن لنا قبول الآخرين؟ هل نشتري لنشعر بقيمتنا، أم لأننا نعرف قيمتنا أصلاً؟ الماركات ليست المشكلة بحد ذاتها، إنما تكمن المشكلة في الطريقة التي نتعامل بها معها. الاعتدال، والوعي، والثقة بالنفس، هي ما يجعل من أي قطعة نرتديها، أياً كانت، انعكاساً حقيقياً لنا—not العكس!

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق