نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
تياران في لبنان: الأول متسوّل والثاني مستثمر! - تكنو بلس, اليوم الاثنين 28 أبريل 2025 03:25 مساءً
بقلم سمارا القزي - خبيرة مصرفية دولية – جنيف
من المهم التوقف امام خبر لافت صدر عن رجل الاعمال الاماراتي خلف الحبتور يفيد فيه انه بدأ بدراسة خطط تقنية مع شركة صينية متخصصة لنقل مبنيي فندقه في بيروت الى دول أخرى. وبصرف النظر عن موقف بعض اللبنانيين الذين وجهوا انتقادات للسيد الحبتور لأسباب معظمها سياسي، يمكن القول ان الخطوة تعكس مناخا في الأوساط الاستثمارية العربية تجاه سلوك الحكومة اللبنانية التي يبدو انها تميل اكثر ما تميل الى تفضيل استقطاب المساعدات المالية والقروض الآتية من مؤسسات تنموية مثل "البنك الدولي" و"صندوق النقد الدولي"، إضافة الى بعض البلدان المانحة تقليديا، حتى لو كانت المساعدات شحيحة مقارنة بالماضي.

ميتروبوليتان بيروت.
لكن خيار الحكومة التي تقاتل من اجل الحصول على ٣ مليار دولار أميركي من "صندوق النقد الدولي" تظهر انها تستبعد أي خطط لاستقطاب الاستثمارات الماشرة الخارجية عبر القطاع الخاص. هذه سياسات تذكرنا بحقبة قديمة حيث المقاربة تقنية من دون ان تكون واقعية. فالوفود التي تلاحق المؤسسات المالية الدولية، لا تجيب عن سؤال يفوق بأهميته كل الإصلاحات التي يجري إقرارها على شكل قوانين: اين الامن والاستقرار في القوانين؟ والغرض من استخدام مصطلحي الامن والاستقرار هو معرفة المقاربة العملية لمصير سلاح "حزب الله" ومصير نفوذه الأمني والعسكري الذي يشكل التهديد الأكبر على الاستثمارات العربية.
فإذا كان الفساد آفة، فإن السلاح آفة الآفات. والقطاع الخاص العربي والأجنبي المستثمر يطلب أولا مناخا من الاستقرار والامن وحماية الحقوق بالقانون، مثلما يطلب إصلاحات لمواجهة الفساد. ومشكلة لبنان ليست في نقص القوانين، بل في عدم تطبيقها والتقصير في حماية حقوق المواطن والمستثمر.
تحدثنا مؤخرا الى مجموعة من رجال الاعمال العرب الذين يراقبون عن كثب الوضع في لبنان. وقد تقاطعت الآراء بين معظمهم على اعتبار السلطات اللبنانية مقصرة على مستوى الامن والاستقرار، وتأمين المناخات الملائمة للمستثمر العربي للعودة الى لبنان. ولاحظ بعضهم ان جسم النخبة اللبنانية الحاكمة ينقسم الى مجموعتين ضاغطتين، الأولى لا ترى في المجتمع الدولي سوى مصدر لاستقطاب بعض الأموال من مؤسسات دولية مانحة (DEVELOPMENT FINANCIAL INSTITUTIONS) على النحو الذي كان يحصل بعد مرحلة الرئيس الراحل رفيق الحريري. ويتجسد ذلك من خلال الزحف الحكومي الى "صندوق النقد الدولي" بحثا عن قروض لدعم الخزينة، او توقيع اتفاقات تمويل عبر قروض من "البنك الدولي" لإعادة تأهيل قطاع الطاقة. اما المجموعة الثانية فهي التي ترى ان الأهم هو تهيئة المناخ الداخلي في لبنان لتشجيع القطاع الخاص اللبناني على الانطلاق من جديد، ولاستقطاب الاستثمارات الخارجية المباشرة الآتية من القطاع الخاص العربي.
ويلاحظ رجال الاعمال العرب الذين تكلمنا اليهم ان السلطات اللبنانية تميل بشكل لا لبس فيه الى تقديم رؤية المجموعة الأولى التي تفضل ممارسة " التسوّل" الدولي مصحوبا ببعض الاستعراضات "الإصلاحية" التي تفتقر الى الكثير من الصدقية، على التصدي للاستحقاقات الداخلية العميقة التي يتطلبها القطاع الخاص في العربي المستعد للعودة. الى لبنان ساعة تتوافر الظروف الملائمة، أي ان معالجة قضية الامن والاستقرار، أي نزع السلاح من خارج الشرعية الذي سيكون على الدوام الحاجز الذي يمنع عودة الاستثمارات العربية التي يقدرونها بعشرات المليارات من الدولارات. فحتى الآن لم تقم الجهات المسؤولة في لبنان بأي مجهود حقيقي للرد على هواجس المستثمر العربي، وهو مستثمر "طبيعي" في لبنان.
وقد سرد لنا رجال الاعمال العرب الكبار كيف انهم يتحدث مع كبار المسؤولين بشأن فرض الامن كشرط اول مع الإصلاح من اجل عودة رأس المال العربي، مبدين استعداهم في حال حصول الامر لتوجيه استثمارات تقدر بما بين ٥ و٧ مليار دولار نحو السوق اللبنانية. لكنهم يسمعون كلاما غير مقنعا، ويلمسون عدم جدية في معاجلة الامر. واللافت ان مستثمرين عربا يفاجؤون بمسؤولين يتباكون على الوضع في لبنان اكثر من المواطن اللبناني نفسه! والخشية هنا ان لبنان في طريقة لخسارة ثقة المستثمر العربي بمستقبله.
ما تقدم يكشف ان المسؤولين عن السياسة الاقتصادية والمالية بعيدون كل البعد عن الدينامية الفعلية للمستثمر العربي وأيضا اللبناني، ويفضلون تغليب سياسة التسوّل على سياسة جذب الاستثمارات وتهيئة الأرض لنموها.
أخيرا وليس آخرا تشكل الغارة الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية يوم الاحد الماضي، دليلا إضافيا على صحة مخاوف المستثمر العربي.
0 تعليق