شهد العالم في خمسينيات القرن العشرين إنجازا علميا بارزا عندما قام عالمان هما: عالم الأحياء الأمريكي جيمس واتسون، وعالم الفيزياء الفرنسي فرانسيس كريك، بنشر بحثهما الذي كشف عن البنية ثلاثية الأبعاد لجزيء الحمض النووي، موضحين كيف يتخذ شكل حلزون مزدوج.

لكن جذور هذا الاكتشاف العلمي الهام تمتد إلى ما هو أبعد من ذلك بكثير. فقبل نحو قرن من الزمان، وتحديدا في ستينيات القرن التاسع عشر، كان الكيميائي السويسري فريدريش ميشر، هو أول من تمكن من تحديد وجود الحمض النووي.

ونظرا لأهمية الحمض النووي القصوى في تكوين الحياة واستمرارها، تم تخصيص يوم للاحتفاء به وبتاريخ اكتشافه، تحديدا في 25 أبريل كل عام. وفي التقرير التالي، نستعرض معكم أهم المعلومات عن الحمض النووي واختباره.

الحمض النووي الريبوزي منقوص الأكسجين، أو ما يعرف اختصارا بـ "DNA"، يمثل اللبنة الأساسية التي تقوم عليها جميع الكائنات الحية تقريبا، بما في ذلك الجنس البشري بأكمله. إنه الجزيء المسؤول عن حمل التعليمات الوراثية الضرورية لعمل ووظائف جميع الكائنات الحية.

يلعب الحمض النووي العديد من الأدوار المحورية في عدد من العمليات الحيوية الأساسية. وفي السطور التالية، نستعرض معكم ما هي وظائف الحمض النووي؟

تخزين المعلومات الوراثية

يحمل الحمض النووي جميع التعليمات اللازمة لبناء البروتينات وتنظيم العمليات الخلوية. ترتيب القواعد النيتروجينية على طول جزيء الحمض النووي هو الذي يحدد هذه التعليمات.

تضاعف الحمض النووي

قبل انقسام الخلية، يجب مضاعفة الحمض النووي لضمان حصول كل خلية ابنة على نسخة كاملة من المعلومات الوراثية. تتم هذه العملية بدقة عالية لتقليل الأخطاء.

التعبير الجيني

يتم نسخ جزء من الحمض النووي (الجين) إلى جزيء وسيط يسمى الحمض النووي الريبوزي الرسول (mRNA). ثم يتم استخدام mRNA كقالب لتصنيع البروتينات، وهي الجزيئات التي تقوم بمعظم وظائف الخلية.

الطفرات والتنوع الوراثي

التغيرات العشوائية في تسلسل الحمض النووي، والتي تعرف باسم الطفرات، يمكن أن تؤدي إلى تنوع وراثي بين الكائنات الحية، وهو المحرك الأساسي للتطور.

يعرف أيضا باسم تحليل الحمض النووي. ويتمثل في إجراء علمي وتقني يكشف عن التركيب الجيني الفريد للفرد. إذ يحمل الحمض النووي، الموجود في كل خلية من خلايا أجسامنا، الشفرة الوراثية التي تحدد خصائصنا البيولوجية، بدءا من لون العينين والشعر وصولا إلى الاستعداد لبعض الأمراض.

ساهم هذا الاختبار في إحداث ثورة كبيرة بالعديد من المجالات المتنوعة، بدءا من الطب الشرعي وحتى فهم تاريخنا العائلي.

تعتمد آلية اختبار الحمض النووي على عدة خطوات أساسية نتعرف من خلالها على إجابة سؤال: ماذا يفعل الحمض النووي في جسم الإنسان؟ وفي السطور التالية، نستعرض معكم خطوات إجراء اختبار الحمض النووي.

جمع العينة

تبدأ العملية بجمع عينة تحتوي على خلايا تحمل الحمض النووي. يمكن أن تكون هذه العينة لعابا، دما، شعرا، جلدا، أو حتى سوائل أخرى من الجسم.

استخلاص الحمض النووي

يتساءل البعض: من أين يستخرج الحمض النووي؟ وفي الواقع، يتم استخلاص الحمض النووي في المختبر، من الخلايا الموجودة في العينة. تتضمن هذه العملية فصل الحمض النووي عن المكونات الخلوية الأخرى.

تضخيم الحمض النووي

غالبا ما تكون كمية الحمض النووي المستخلصة صغيرة جدا لتحليلها مباشرة. هنا يأتي دور تقنية تفاعل البوليميراز المتسلسل. تسمح هذه التقنية بمضاعفة أجزاء محددة من الحمض النووي ملايين المرات، مما يوفر كمية كافية للدراسة.

تحليل الحمض النووي

بعد التضخيم، يتم تحليل الحمض النووي لتحديد تسلسل النيوكليوتيدات، أو الوحدات الأساسية التي يتكون منها الحمض النووي، في مناطق معينة.

مقارنة النتائج

في العديد من التطبيقات، مثل اختبارات الأبوة أو الطب الشرعي، تتم مقارنة نتائج الحمض النووي لشخص ما بنتائج شخص آخر، أو بقاعدة بيانات موجودة.

يعتبر المعهد الوطني لبحوث الجينوم البشري هو الجهة المسؤولة عن تنظيم الفعاليات والأنشطة المصاحبة ليوم الحمض النووي. وخلال هذه الفعاليات، يقوم متحدثون متخصصون بإلقاء محاضرات وتقديم شروحات عن الحمض النووي وأهميته. وفي السطور التالية، نستعرض معكم ما وظيفة ال DNA؟

تحديد الأبوة

يستخدم لتأكيد أو نفي العلاقة البيولوجية بين الأب والطفل بدقة عالية.

الطب الشرعي

يلعب الحمض النووي دورا حاسما في التحقيقات الجنائية من خلال مطابقة الحمض النووي الموجود في مسرح الجريمة مع الحمض النووي للمشتبه بهم.

التشخيص الطبي

يساعد في تشخيص بعض الأمراض الوراثية، وتحديد الاستعداد للإصابة بأمراض معينة، وتوجيه العلاج.

تحديد الهوية

يستخدم في التعرف على ضحايا الكوارث أو الأشخاص المفقودين.

علم الأنساب وتتبع السلالات

يساعد الأفراد على استكشاف جذورهم العائلية وتتبع هجرات أسلافهم عبر الأجيال.

البحوث العلمية

يساهم في فهم التطور البشري، ودراسة الأمراض، وتطوير علاجات جديدة.

يعتبر اليوم العالمي للحمض النووي فرصة مثالية لتعزيز الوعي وزيادة المعرفة حول هذا الجزيء والاختبارات المتعلقة به. لذلك، نستعرض معكم حقائق عن الحمض النووي.

الخصوصية والأمان

يجب التأكد من أن الجهة التي تجري الاختبار تلتزم بمعايير صارمة لحماية بياناتك الوراثية.

الدقة والموثوقية

اختيار مختبرات ذات سمعة جيدة، وتستخدم تقنيات تحليل متقدمة يضمن الحصول على نتائج دقيقة.

التفسير

فهم نتائج اختبار الحمض النووي قد يتطلب استشارة متخصص، خاصة في الحالات الطبية أو المتعلقة بالأنساب المعقدة.

الجوانب الأخلاقية

يجب التفكير في الآثار الأخلاقية المحتملة للاختبار، خاصة فيما يتعلق بالكشف عن معلومات وراثية حساسة.

أبحاث مستمرة

لا يزال البحث في مجال الحمض النووي مستمرا بوتيرة سريعة. ومن المتوقع أن تفتح تقنيات جديدة مثل تعديل الجينات آفاقا واعدة لعلاج الأمراض وتطوير تطبيقات جديدة في مختلف المجالات.

في النهاية، يشهد مجال اختبار الحمض النووي تطورات مستمرة. تقنيات جديدة تظهر باستمرار، مما يجعل الاختبارات أسرع وأكثر دقة وتوفر معلومات أوسع. من المتوقع أن يستمر دور اختبار الحمض النووي في التوسع في مختلف المجالات، مما يفتح آفاقًا جديدة في فهمنا لأنفسنا وللعالم من حولنا.