بعد مرور 100 يوم على توليه المنصب من جديد، يطرح العديد من الأمريكيين تساؤلات جوهرية: هل بدأ الرئيس دونالد ترامب فعلاً في إنقاذ ما يُعرف بـ”الحلم الأمريكي”؟ وما مدى واقعية وعوده المتعلقة بالاقتصاد، الهجرة، والسياسة الخارجية؟

إجراءات سريعة ووعود ضخمة

منذ الأيام الأولى، شرع ترامب في تنفيذ عدد من السياسات التي قال إنها ستعيد “عظمة أمريكا”. أبرز هذه السياسات تمثلت في إعلان حالة الطوارئ في قطاع الطاقة، وخفض معدلات التضخم، وتكثيف عمليات ضبط الحدود. لكنه في الوقت نفسه، أقر بوجود تحديات تحول دون إنجاز كافة وعوده.

التضخم والاقتصاد: نجاح جزئي وتحذيرات مستقبلية

شهدت معدلات التضخم تراجعًا ملحوظًا من 9.1% في 2022 إلى 2.4% في مارس 2025، وفق بيانات الاحتياطي الفيدرالي. لكن رغم تباهي ترامب بهذا الإنجاز، حذر الفيدرالي من أن السياسات الجمركية الصارمة التي يطبقها قد تعيد التضخم للارتفاع مجددًا. كما أن خفض الضرائب الذي وعد به قد يُحدث عجزًا في الإيرادات، مما يصعّب سداد الدين العام.

الهجرة وضبط الحدود: تحسن واضح مع تحفظات

أبرز إنجازات ترامب كان تقليص أعداد المهاجرين غير الشرعيين من المكسيك بنسبة فاقت 95% خلال الأشهر الثلاثة الأولى من ولايته. ومع ذلك، رُصدت انتهاكات قانونية لحقوق المهاجرين، مثل الترحيل بدون محاكمة، وهو ما أثار جدلًا قانونيًا وأخلاقيًا في الداخل الأمريكي.

الرسوم الجمركية: حافة الهاوية الاقتصادية

فرض ترامب رسومًا جمركية على الواردات من الصين والمكسيك وكندا، في محاولة لحماية الصناعة الأمريكية. إلا أن هذه الإجراءات أدت إلى هزة في سوق الأسهم، ورفعت تكلفة المعيشة بشكل غير مباشر، ما ألقى بظلال سلبية على وعوده بخفض الأسعار وتحسين الظروف الاقتصادية للأسر المتوسطة.

الطاقة: وعود بتخفيض الفواتير.. بلا نتائج فورية

تعهد ترامب بتقليل فواتير الكهرباء بنسبة تصل إلى 75% خلال 18 شهرًا، إلا أن الخبراء يرون أن هذه الأرقام طموحة للغاية. وحتى الآن، لم تُظهر البيانات الرسمية أي تغيير ملموس في الأسعار، مما يدفع البعض للتشكيك في جدوى السياسات المعلنة.

السياسة الخارجية: وعود السلام تصطدم بالواقع

على صعيد العلاقات الدولية، لم يتمكن ترامب من تحقيق اختراق ملموس، خاصة فيما يتعلق بوقف الحرب الروسية الأوكرانية، رغم تعهده بإنهائها خلال يوم واحد فقط. هذا الإخفاق خفّض من مصداقية وعوده، لا سيما مع استمرار الصراع وتصاعده في بعض المناطق.

العفو الرئاسي: وفاء بالوعد في أول يوم

وفي أول إجراء رمزي له، منح ترامب عفوًا رئاسيًا لما يزيد عن 1500 شخص من المشاركين في اقتحام الكونغرس عام 2021. هذا القرار كان متوقعًا، ولاقى ردود فعل متباينة بين مؤيد يرى فيهم “وطنيين” ومعارض يعتبره دعمًا للفوضى.

 بين الإنجاز والشكوك

رغم الخطوات الجريئة التي اتخذها ترامب في أول 100 يوم، لا تزال الكثير من وعوده الكبرى غير محققة، ويواجه تحديات داخلية وخارجية معقدة. يبدو أن “الحلم الأمريكي” بحاجة إلى أكثر من مجرد خطابات نارية وسياسات آنية؛ إذ يتطلب الأمر توازنًا دقيقًا بين الطموح والواقعية، وبين الشعبوية والحكمة الاقتصادية.