نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
في ظل نمو المخاطر... عون يفسّر "وقف النار" ويصدم "حزب الله"! - تكنو بلس, اليوم السبت 3 مايو 2025 07:13 صباحاً
لبنان في سباق ليس مع نفسه فحسب، بل مع "الساعة السورية" أيضاً!
الاضطرابات الطائفية والعرقية التي تتنقل بين المناطق السورية، سرعان ما سوف تسحب نفسها على لبنان، في حال لم تُحسن سلطته تسريع الخطوات للانتقال من "المرحلة الانتقالية" إلى "المرحلة النهائية". وما من حكيم واحد يمكنه الجزم بأنّ ما يحصل في سوريا يستحيل أن ينسحب على لبنان، لأنّ الجميع يدركون أنّ المشاكل متشابهة، من جهة أولى والمشروع التقسيمي متداخل، من جهة ثانية.
ما يحصل في سوريا، يؤسس نفسه عل هشاشة نظامها الجديد الذي وجد نفسه يعاني من أمراض تسبب بها النظام السابق الذي زادها ضراوة قبل أن ينهار ويهرب رئيسه بشار الأسد، وهو لا بد من أن ينعكس على لبنان في حال لم يصلّب نفسه، بعد الانقلابات الكبيرة في الخارطة الداخلية وفي المعطيات الجيو- سياسية في المنطقة.
ولم تتعمّد إسرائيل السرية، في مساعيها الراهنة إلى تحويل "الشرق الأوسط الجديد"، على قياس مصالحها، فهي، مثلاً كشفت أنّها أوكلت إلى مجموعات ضغط في الولايات المتحدة الأميركية إقناع إدارة الرئيس دونالد ترامب "الصديقة جداً" بتقسيم سوريا إلى مناطق عرقية وطائفية تحت مظلة نفوذ متعددة الجنسيات الإقليمية والدولية.
ويستحيل استراتيجياً فصل مصير لبنان، لجهة التقسيم، عن مصير سوريا إلّا في حالة واحدة: مداواة بلاد الأرز نفسها من أمراض ضعف الدولة المركزية.
ثمة في لبنان والعالم من يؤمن بأنّ لبنان بات "قابلاً للشفاء"، إن رغب بذلك.
من الواضح أنّ هناك وصفة لا بد من تنفيذها بجدية، وهي تقوم على المعادلات الآتية:
أوّلاً، سحب السلاح غير الشرعي من عهدة التنظيمات اللبنانية والفلسطينية، بحيث يتم عزل لبنان نهائياً عن الاضطرابات الإقليمية، فيتحوّل من متأثر بها إلى متفاعل معها.
ثانياً، إيجاد آلية فاعلة، بمساعدة الدول العربية والغربية، لتحرير لبنان من الاحتلال الإسرائيلي ومنع العدوان على لبنان الذي يتعهد بتطبيق "اتفاق الهدنة" وقرارات مجلس الأمن الدولي.
ثالثاً، تفعيل الإصلاحات الدستورية، ولا سيّما منها، بند إرساء اللامركزية الإدارية المنصوص عنها في "وثيقة الوفاق الوطني"، بحيث تأتي بشكل يراعي روحية واضعي النص، من جهة أولى، وتأخذ في الاعتبار الحساسيات الداخلية، والمعطيات الإقليمية، من جهة ثانية وآخر تجارب النظم الدستورية في العالم، من جهة ثالثة.
ويبدو واضحاً أنّ كل شيء يبدأ بحسم موضوع سلاح "جبهة المقاومة" التي يشكل "حزب الله" عمودها الفقري، إذ إنّ كل القوى التي تنخرط فيها، تتقدمها حركة "حماس"، هي تحت مظلة "حزب الله".
وأبدى هذا الحزب في الآونة الأخيرة معارضة شديدة لفكرة سحب سلاحه من كل لبنان، وأصر على أنّه لن يقبل بذلك، خارج جنوب نهر الليطاني. أثار هذا الموقف استياء الخارج والداخل في آن، ووصلت رسائل إلى لبنان بأنّ السكوت على رفض الحزب كل مسعى للتعامل مع سلاحه، من شأنه أن يعيد الحرب إلى الواقع اللبناني، فإسرائيل تستعد لذلك، وهي قد تُقدم على خطوتها الخطرة بين منتصف أيار / مايو الجاري ومنتصف حزيران / يونيو المقبل.
وقد اضطر هذا التطور رئيس الجمهورية إلى الخروج عن تحفظه السابق وقدم، للمرة الأولى، تفسيراً لاتفاق وقف إطلاق النار، فلفت في أحاديث صحافية وتلفزيونية عدة- وبينها تلك التي أعطاها لـ"النهار العربي" أثناء زيارته لدولة الإمارات العربية المتحدة- الى أنّ موضوع التعامل مع سلاح "حزب الله" لا يقتصر على جنوب نهر الليطاني بل يمتد إلى كل لبنان، ولكنّ الأولوية هي لجنوب نهر الليطاني.
وبالفعل، فإنّ العودة إلى نص الاتفاق، يبيّن أنّ ما يحتويه من بنود خاصة بواجبات الدولة اللبنانية تبدأ كلها بعبارة "بدءاً بجنوب نهر الليطاني"، وهذا يعني أنّ الاتفاق يسحب نفسه على كل لبنان، ولكن الأولوية هي لجنوب نهر الليطاني.
كان الأمين العام لـ"حزب الله" الشيخ نعيم قاسم قد أطلق كلاماً مناقضاً لهذا الكلام، في وقت سابق، وعاد وتجاهله، على قاعدة أنّ الأولوية في كل بحث هو لموضوع الخروقات الإسرائيلية لاتفاق وقف إطلاق النار، فيما يتم البحث في الأمور الأخرى، في وقت لاحق، على "طاولة حوار" ليست مطروحة، إذ إنّ الجميع يريدون أن يحاور رئيس الجمهورية الحزب، بشكل ثنائي، على برنامج تنفيذي، وليس على مبادئ عامة.
إنّ إدخال هذا الملف الحيوي، وهو مفتاح الحل الوحيد، في جدل "البيضة والدجاجة"، من شأنه أن ينعكس مخاطر كبيرة على لبنان، فدولة عاجزة عن إعادة بناء نفسها وإصلاح بنيتها وإحقاق المساواة بين مكوّناتها، لا بد من أن تسقط في محن المنطقة، لأنّها ترفع الحساسيات الطائفية التي تمهّد الطريق أمام انتقال المرض السوري إلى لبنان وكل ما ينشأ عنه من مخططات تقسيمية!
0 تعليق