أكد الدكتور عمرو طلعت، وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، خلال كلمته في الجلسة العامة لمجلس الشيوخ برئاسة المستشار عبد الوهاب عبد الرازق، أن الأمن السيبراني لم يعد مسؤولية جهة واحدة، بل أصبح واجبًا جماعيًا يشمل الأفراد والمؤسسات على حد سواء. وأوضح أن التحول الرقمي بات ظاهرة عالمية تتسارع وتيرتها، حيث تتجه الدول نحو بناء اقتصادات رقمية وأتمتة الخدمات، والاعتماد على تقنيات الذكاء الاصطناعي في إدارة المؤسسات.

وأشار الوزير إلى أن هذا التوسع في استخدام التكنولوجيا يرافقه ارتفاع مطّرد في حجم التهديدات السيبرانية، وهو ما يستوجب على المجتمعات توخي الحذر والعمل على مواجهة هذه المخاطر المتزايدة.

تهديدات سيبرانية تستهدف السيادة والثقة المجتمعية

وأوضح الدكتور عمرو طلعت أن الهجمات السيبرانية تطورت بشكل كبير، فلم تعد تستهدف البيانات وأجهزة الحاسوب فقط، بل أصبحت تمس الثقة العامة، والسيادة الوطنية، واستقرار المجتمعات. وبحسب التقارير الدولية، تتعرض المؤسسات حول العالم لهجمة برمجيات فدية كل 11 ثانية في المتوسط، فيما تجاوز عدد الأفراد المتأثرين بالهجمات السيبرانية 300 مليون شخص في عام 2023. وقدرت التكلفة العالمية للجرائم السيبرانية بنحو 9.5 تريليون دولار في 2024، مع معدل نمو سنوي يصل إلى 15%.

كما أشار الوزير إلى ظهور أنماط متقدمة من الهجمات، تستهدف سلاسل الإمداد الرقمية، وتُدار من جهات دولية تستغل الثغرات في الشبكات والبرمجيات، إضافة إلى هجمات طالت مؤسسات مالية، ومستشفيات، ومحطات طاقة، وحتى أنظمة مراقبة الحركة الجوية.

استراتيجية وطنية وشراكات دولية لمواجهة الجرائم الإلكترونية

أكد الوزير أن الدولة تبذل جهودًا حثيثة لتعزيز قدراتها في مجال الأمن السيبراني، من خلال تبني استراتيجيات متكاملة لتأمين البنية التحتية للاتصالات، وتطوير صناعة الأمن السيبراني محليًا، إلى جانب تنمية الكوادر البشرية في هذا المجال. وقد أعد المجلس الأعلى للأمن السيبراني الاستراتيجية الوطنية 2023 - 2027، والتي تشمل عدة برامج تنفيذية، من أبرزها:

وقد وقعت مصر العديد من الاتفاقيات الثنائية ومتعددة الأطراف لتبادل الخبرات والمعلومات وبناء القدرات، والمشاركة في صياغة الاتفاقيات الدولية للحد من الجرائم الإلكترونية.

مبادرة "مهارات سيبرانية": إعداد جيل من المحترفين

وفي سياق مواجهة النقص العالمي في الكوادر السيبرانية، والذي يُقدر بـ 3.5 مليون وظيفة شاغرة حول العالم، أعلن الدكتور عمرو طلعت عن إطلاق مبادرة "مهارات سيبرانية" التي تستهدف تأهيل 1000 طالب جامعي سنويًا، ليكونوا جاهزين للانضمام إلى سوق العمل فور تخرجهم في مجال الأمن السيبراني.

وأوضح الوزير أن متدربي هذه البرامج يحظون بنسبة توظيف مرتفعة تصل في بعض الأحيان إلى 100% قبل انتهاء الدورة التدريبية، نتيجة الطلب المتنامي على هذه التخصصات في مختلف القطاعات الحيوية.

رفع الوعي وتعزيز التعاون الدولي

كما شدد الوزير على أن الأمن السيبراني لم يعد حكرًا على الخبراء والمختصين، بل أصبح قضية مجتمعية شاملة تتطلب نشر الوعي والمعرفة بين جميع فئات المجتمع. وأكد استمرار الوزارة في تنظيم ورش العمل التوعوية للمواطنين وللعاملين في الجهاز الإداري للدولة، إلى جانب تنفيذ برامج تدريبية متخصصة تستهدف الطلاب والخريجين.

واختتم الدكتور عمرو طلعت كلمته بالتأكيد على مواصلة العمل لتحديث الأطر التشريعية والحوكمية، وتعزيز مكانة مصر في مجال الأمن السيبراني بالتعاون مع الشركاء الدوليين، بما يضمن حماية الأفراد والمؤسسات من مخاطر الهجمات السيبرانية.