في اليوم العالمي للقابلات القانونيات... تحية لهن من القلب - تكنو بلس

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
في اليوم العالمي للقابلات القانونيات... تحية لهن من القلب - تكنو بلس, اليوم الاثنين 5 مايو 2025 01:25 مساءً

ميدلت علي*

"عندما أعرّف عن نفسي كعاملة في الرعاية الصحّية، أو كعاملة في أطباء بلا حدود، يسألني كثيرون إذا ما كنتُ طبيبة. للرعاية الصحّية أوجه متشعّبة تتطلّب أدوارًا عديدة، فيَدٌ واحدة لا تصفّق. أجيب السائلين أنّي بكلّ فخر قابلة قانونية.
بدأت رحلتي في هذه المهنة بمحض المصادفة، لكنّ كل يوم دراسة خلال أعوامي الأربعة في الجامعة زادني تعلّقًا بها. أدركتُ أنّ طريقي رُسم لي كي أدعم النساء مثلي في حملهنّ وولادتهنّ وصحّتهنّ الجنسية والإنجابية.
لن أنسى خلال فترة تدرّجي المرّة الأولى التي لمستُ فيها رأس طفلٍ خلال ولادته، فعلى رغم خوفي قد لمستُ دفئًا لا يسعه الوجود. بعد تخرّجي، انتسبتُ إلى نقابة القابلات القانونيات وحصلتُ على ترخيص مزاولة المهنة.
لا يقتصر دور القابلة القانونية على التوليد فقط. أكثر ما أحببته في عملي أني تابعتُ صحّة نساءٍ ما قبل الحمل وخلاله وبعده، فالقابلة توفّر رعايةً شاملة تتمحور حول المرأة وحديثي الولادة واحترام خياراتها في ما خصّ صحّتها. 
جلستُ مع نساء عبّرنَ عن نيّتهنّ الحمل وتناقشنا في السبل الأمثل لذلك. عاينتُ نساء خلال حملهنّ وقدّمتُ لهنّ رعاية ما قبل الولادة الضرورية للكشف عن أي مضاعفات قد تعرّض حياة المرأة وجنينيها للخطر. ساعدتُ في توليد نساء ووضعتُ مواليدهنّ في أحضانهنّ. قدمتُ رعاية ما بعد الولادة لنساء احتجن إلى الإسعافات النفسية الأولية وبعض المشورة حول التعامل مع أعراض الاكتئاب.
غالبًا ما تكون فترة المخاض والولادة على وجه الخصوص منهِكة ومتسارعة، لذا عليّ أن أهتمّ بأدقّ التفاصيل وأعطي المرأة مساحة آمنة كي تتأكّد أنها صاحبة قرارها وتقترح علينا ما قد يجعلها تشعر بمزيد من الأمان، كي تكون تجربة الولادة جيدة على صحّة الأم والطفل. 
من الجدير بالذكر أن القابلة القانونية تدرك حدود دورها في تقديم الرعاية الصحّية، ففي حال وجود مضاعفات خطيرة نحيل المرأة على طبيب نسائي يقدّم رعاية متخصّصة حسب الحالة. 
بعدما عملتُ في مستشفى خاص لمدّة ثماني سنوات، قرّرت الانضمام لمنظّمة أطباء بلا حدود مشرفة على القابلات حيث عملت لمدة أربع سنوات في مركز الأمومة والولادة الذي كانت تديره المنظمة في مستشفى رفيق الحريري الجامعي في بيروت، ثم انتقلتُ إلى وظيفتي الحالية مديرة أنشطة القبالة في مشروع يطبّق نموذج توفير الرعاية الصحّية بقيادة القابلات. 
يُعنى هذا المشروع بدعم نظام الرعاية الصحّية اللبناني بالتعاون مع وزارة الصحّة العامة، لتعزيز قدرات القابلات القانونيات العاملات في مستشفيات حكومية أو مراكز رعاية صحّية أولية بهدف تمكينهنّ ليكنّ مقدّمات رعاية مستقلّات يقمن بدورهنّ في توفير رعاية ما قبل الولادة وخلالها وما بعدها.

يتّبع هذا النموذج نهجًا علميًا يضع الثقة كاملة  بقدرات القابلات المؤهلات، إذ يقدّمن رعاية عالية الجودة وميسورة التكلفة. كما يشجّع على الولادات الطبيعية بحيث لا حاجة للعمليات القيصرية وبالتالي يخفّف من التدخلات الطبية غير الضرورية.
أثبت هذا النموذج فعاليته في إعادة هيكلة أدوار الرعاية الصحّية كي تركّز القابلات على إدارة الحمل والولادة غير المصحوبين بمخاطر صحّية، بينما يركّز الأطباء على الحالات المعقّدة والعمليات القيصرية. كما ساهم في خفض حالات وفيات الأمهات والأطفال، كما لمسنا في تجربتنا الأولى في تطبيقه.
طبّقنا نموذج توفير الرعاية الصحّية بقيادة القابلات لأكثر من خمس سنوات، إذ أنشأنا مركز ولادة بقيادة القابلات في مستشفى رفيق الحريري الجامعي، ودرّبنا القابلات على إدارة الحمل والولادة الطبيعية، بما أنّ نسب العمليات القيصرية تتخطى 50 في المئة في لبنان وهي تدخّل جراحي يمكن الاستغناء عنه في الحالات غير المعقّدة، إذ تشير منظمة الصحّة العالمية إلى أنّ معدّل العمليات القيصرية يجب ألا يتخطى 15 بالمئة حسب المعايير الدولية المستهدفة.

ساعد المركز في توليد أكثر من 17 ألف طفل وقدّم أكثر من 21 ألف استشارة للصحّة الجنسية والإنجابية، كما وفّر لطالبات كثررات القدرة على تطبيق معرفتهنّ في مساحة للتعلّم والتطوّر. أكّد سير عمل المركز أن تمكين القابلات يصبّ في مصلحة نظام الرعاية الصحّية والنساء اللواتي يطلبن الرعاية. 
أما في حالات وجود مضاعفات أو مخاطر على صحّة الأم والطفل، فأحالت القابلات العاملات في المركز النساء على أطباء المنظمة أو مستشفى رفيق الحريري الجامعي. بهدف الحؤول دون انقطاع النساء عن الرعاية الميسورة التكلفة، سلّمنا النموذج إلى إدارة المستشفى وانطلقنا إلى تطبيقه في مرافق صحّية أخرى.
لا يقتصر دور القابلات في أطباء بلا حدود على المشروع الذي أعمل فيه فحسب، بل تعمل معنا قابلات في سائر مشاريعنا الأخرى. فخلال الحرب الأخيرة في لبنان، كان من الضروري إضافة القابلات إلى الاستجابة الطارئة لاحتياجات النازحات اللواتي انقطعن عن خدمات الرعاية الصحّية الجنسية والإنجابية.
تعمل مع أطباء بلا حدود حول العالم قابلات يوفّرن الرعاية الصحّية في ظروف صعبة خصوصًا في حالات الحروب والكوارث الطبيعية. في اليوم العالمي للقابلات القانونيات، ومن لبنان، أحيّيهنّ من القلب على روح التضامن مع النساء الأكثر حاجة لرعاية الصحّة الجنسية والإنجابية."

 

(*) مديرة أنشطة القبالة في أطباء بلا حدود في لبنان

 

 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق