نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
تدخين المراهقين في الأردن... نسبة مقلقة وسط خشية من تزايدها - تكنو بلس, اليوم السبت 31 مايو 2025 07:13 مساءً
يستقبل الأردن اليوم العالمي للامتناع عن التدخين الذي يصادف 31 أيار/ مايو من كل عام، وسط مخاوف من تفاقم نسب المدخنين من المراهقين، إذ تعد المملكة وفقاً لأرقام منظمة الصحة العالمية ضمن أعلى البلدان عالمياً في معدلات التدخين بين المراهقين وبنسبة بلغت 33.9%.
تعليقاً على ذلك، قالت المديرة الإقليمية لمنظمة الصحة العالمية، حنان حسن بلخي: "إقليمنا يسجل أعلى معدلات التدخين في صفوف الشباب عالمياً، مما يستدعي تدخلاً عاجلاً لحماية الأجيال القادمة. فلنقف صفاً واحداً، ونعلنها بصوت واضح وحازم: لا مزيد من الحِيَل. لا مزيد من الخداع. لنتحد معاً من أجل بناء مستقبل خالٍ من التبغ ومخاطره".
وأضافت بلخي في تصريحات صحافية: "نحن بحاجة إلى العمل مع جميع الأطراف المعنية، بقيادة الحكومات، للحد من استخدام النكهات والتصميمات الملونة الجذابة أو حظرها، لا سيّما المنتجات المستجدة، ومنها على سبيل المثال لا الحصر السجائر الإلكترونية وسجائر البخار الإلكترونية (الڤيب)".
شخص يدخن سيجارة إلكترونية (أرشيفية)
عقبات تواجه "الصحة الأردنية"
من جهته، أكد مصدر في وزارة الصحة الأردنية لـ"النهار" أن الوزارة سبق أن أطلقت الاستراتيجية الوطنية لمكافحة التبغ والتدخين بأشكاله كافة (2024 - 2030)، وخطة العمل المنبثقة عنهما 2024 – 2026، لكنه شدد في الوقت ذاته على أن ثمة عقبات يواجهها ملف مكافحة التدخين في المملكة.
وأبرز تلك المعيقات وفق المصدر ذاته، هو ضعف المخصصات المالية المرتبطة بمكافحة التدخين، بالإضافة إلى ضعف في تنفيذ الرقابة على منع التدخين في الأماكن العامة، والرقابة كذلك على تطبيق منع بيع منتجات التبغ للأطفال والمراهقين.
وأشار إلى صعوبة السيطرة أيضاً على الإقبال صوب السجائر الإلكترونية والتبغ المسخن، فضلاً عن الأراجيل، في حين أكد أن الوزارة ماضية في استراتيجيها حتى تحقيق أهدافها في مكافحة انتشار التدخين.
المجتمع يواجه تحدياً متصاعداً
وفي حديثها إلى "النهار"، تقول الاستشارية النفسية والأسرية والتربوية حنين البطوش، إن "المجتمع الأردني يواجه تحدياً متصاعداً يتمثل في تفشي ظاهرة التدخين بين المراهقين، رغم أنها مرحلة عمرية يُفترض أن تشهد بناء الوعي الصحي وتشكّل الهوية النفسية، حيث بات التدخين سلوكاً متكرراً بين الفتيان والفتيات على حد سواء، وسط إحصاءات تشير إلى تزايد لافت في نسب المدخنين من هذه الفئة، سواء باستخدام السجائر التقليدية أو الإلكترونية، ما يفرض أهمية التحرك السريع والمسؤول من قبل الأسرة والمدرسة والمجتمع للتعامل مع هذا الخطر المتنامي بجدية ووعي".
وبحسب البطوش: "ينجم تدخين المراهقين عن مجموعة من العوامل المتداخلة، أبرزها تأثير ضغط الأقران، وغياب النماذج الإيجابية في محيطهم، إضافة إلى سهولة حصولهم على منتجات التبغ، كما يسعى بعضهم من خلال التدخين إلى إثبات الذات أو تقليد سلوكيات يربطونها زوراً بالنضج أو الاستقلالية، ويُسهم الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي في تعزيز هذه التصورات الخاطئة، عبر تقديم التدخين كرمز للتمرد الجذّاب أو كعلامة على البلوغ الاجتماعي، ما يجعل المراهقين أكثر عرضة للانجراف خلف هذه الصورة المشوهة".
وتابعت: "كما يُعد تدني تقدير الذات عاملاً محورياً، حيث يسعى بعض المراهقين لتعويض شعورهم بعدم الكفاءة من خلال تصرفات تُمنح في مخيلتهم دلالة على القوة أو الاستقلال، ومنها التدخين. في السياقات الاجتماعية، قد يُنظر إلى التدخين كرمز للرجولة أو الجرأة، مما يدفع بعض الفتيان والفتيات إلى تبنّي هذا السلوك في محاولة لإثبات الذات أو كسب القبول من الأقران، هذه العوامل مجتمعة تؤكد أن التدخين في مرحلة المراهقة ليس مجرد سلوك فردي، بل رسالة صامتة تحتاج إلى قراءة واعية، واستجابة تربوية ونفسية متوازنة".

حنين البطوش (أرشيفية)
خط الدفاع الأول
وبشأن دور الأسرة، اعتبرت البطوش أنها "خط الدفاع الأول في حماية المراهقين من الوقوع في سلوكيات ضارة كالتدخين، فالتقصير في الرقابة، أو استخدام أساليب تربوية متسلطة أو متساهلة، قد يدفع المراهق إلى البحث عن منافذ خارجية للتعبير عن نفسه أو لتقليد من حوله، لذلك فإن فتح قنوات الحوار الصادق، وتعزيز الثقة المتبادلة، وتقديم نماذج إيجابية في السلوك، تشكّل ركائز أساسية للوقاية من انجراف الأبناء نحو التدخين".
وأضافت أن المدرسة أيضاً "تُعد بيئة محورية تتجاوز حدود التعليم الأكاديمي، فهي ساحة مؤثرة في تشكيل السلوك والوعي، ومن هنا تأتي أهمية إدماج برامج توعوية مستمرة حول مخاطر التدخين، وتفعيل دور المرشد التربوي، وتدريب الكوادر التعليمية على رصد السلوكيات الخطرة ومعالجتها في مراحلها المبكرة"، مشيرة في الوقت ذاته إلى أن "وسائل الإعلام، تقع على عاتقها مسؤولية مجتمعية لا تقل أهمية، من خلال تجنّب الترويج المباشر أو غير المباشر للتدخين، والعمل على إنتاج محتوى توعوي بلغة قريبة من المراهقين وتعبّر عن اهتماماتهم وقيمهم".
وترى البطوش أن "مكافحة التدخين بين المراهقين، تمثل مسؤولية وطنية جماعية، تتطلب تنسيقاً فعّالاً بين مختلف الجهات الرسمية والمجتمعية، فوزارة الصحة معنية بتكثيف برامج التوعية والإقلاع، وتوفير الدعم النفسي والطبي للمراهقين المعرضين أو المدخنين بالفعل، أما وزارة التربية فتتحمل مسؤولية دمج مفاهيم الوقاية من التدخين في المناهج الدراسية، حيث المدرسة تُعد بيئة محورية تتجاوز حدود التعليم الأكاديمي، فهي ساحة مؤثرة في تشكيل السلوك والوعي، ومن هنا تأتي أهمية إدماج برامج توعوية مستمرة حول مخاطر التدخين، وتفعيل دور المرشد التربوي، وتدريب الكوادر التعليمية على رصد السلوكيات الخطرة ومعالجتها في مراحلها المبكرة".
وأكدت أنه "يمكن للبلديات أن تلعب دوراً تنظيمياً من خلال فرض الرقابة على بيع منتجات التبغ قرب المدارس والأحياء السكنية، ومنع الإعلانات المضللة أو المواد الترويجية المرتبطة بالتدخين، كما تبرز أهمية منظمات المجتمع المدني في الوصول إلى فئات الشباب عبر حملات توعوية مبتكرة، ومبادرات مجتمعية قريبة من واقعهم ولغتهم، كل ذلك يضع الحاجة الملحّة لوضع استراتيجية وطنية شاملة، تجمع بين التشريع والتثقيف والرقابة، بهدف بناء بيئة آمنة وصحية تحمي الأجيال الصاعدة من الانزلاق إلى دوامة الإدمان والتبغ، ويُدعَم بمجتمع يؤمن أن الوقاية والتوعية ليست مجرد حملات، بل ثقافة مستدامة".
اقرأ أيضاً: الحاجة العربيّة إلى الأردن
0 تعليق