مهرجان "كناوة" في الصويرة المغربية ينطلق تحت شعار "إفريقيا... الارتقاء الروحي والطاقة المشتركة" - تكنو بلس

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
مهرجان "كناوة" في الصويرة المغربية ينطلق تحت شعار "إفريقيا... الارتقاء الروحي والطاقة المشتركة" - تكنو بلس, اليوم السبت 21 يونيو 2025 10:13 صباحاً

الصويرة- كريم السعدي 

شكل انطلاق الدورة الـ 26 لمهرجان "كناوة وموسيقى العالم"، مساء الخميس، بمدينة الصويرة المغربية، فرصة لاستحضار المسار الذي قطعته هذه التظاهرة الفنية التي رسمت لنفسها، منذ تنظيمها سنة 1998، أهدافاً رئيسية، من أهمها "صون ورد الاعتبار لتراث ثقافي ذي جذور أفريقية أصيلة مهدد بالزوال والاندثار" و"المساهمة في إشعاع الثقافة المغربية على المستوى العالمي".

الحضور الرسمي النوعي، ممثلاً في أندري أزولاي، مستشار العاهل المغربي الملك محمد السادس والرئيس المؤسس لـ"جمعية الصويرة موغادور"، فضلاً عن مسؤولين محليين وضيوف مغاربة وأجانب، والمتابعة الجماهيرية الكبيرة التي ميزت افتتاح دورة هذه السنة، أكدا القيمة التي صارت لهذا المهرجان، مغربياً وعالمياً.

 

من حفل افتتاح مهرجان كناوة في الصويرة

 

وجمع افتتاح هذه الاحتفالية الثقافية الفريدة بين التُّراث والحَداثة، وبينَ الثقافات العالمية المختلفة، حسب منتجته نائلة التازي، التي قالت في كلمة الافتتاح، إن المهرجان "فرصة لنعبر عن تراثنا الغني والمتنوِع، ولتبادل الخبرات والمعارف مع فنانين ومتخصصين من مختلف أنحاء العالم".

وأضافت التازي أن المهرجان "ليس مجرد تظاهرة فنية أو مناسبة احتفالية موسمية؛ بل هو مشروع ثقافي وطني يحمِل رؤية فلسفية وإنسانية عميقة، رؤية تؤمن بأن الثقافة رافعة استراتيجية للوحدة الوطنية، وأَداة فاعلة للدبلوماسِية الثّقافية المغربية".
ورأت التازي أن المِهرجان صار من أَعرق التظاهرات الثقافية في المغرب، وأكثرِها تجذرا في محيطِها. وشددت على أن هذه الاستدامة ليست وليدة الصدفة، بل نتيجة "التزام ٍصادق وعمل مستمر" في خدمة فن "كناوة" وتحقيقِ الإشعاعِ الثقافي للبلاد. وأَضافت: "نحن هنا نصنع عولمة خاصة منبثقة من تاريخِنا العريق، ومن ذاكرتنا الجَماعية الممتدة عبر القرون".
وخلصت التازي إلى أنهم كمنظمين، يحملون في قلوبِهم إيماناً راسخاً بأن الثقافة كانت وستبقى جسراً بين الشعوب، وفضاء للسلام، والأمَل، والكَرامَة والإنسانْيَة.

 

نايلة التازي منتجة المهرجان

نايلة التازي منتجة المهرجان

 

وتضمن برنامج افتتاح التظاهرة فقرة خاصة بموكب افتتاح شكل لحظة بهجة وتقاسم مميزة، جاب أهم شوارع المدينة بقيادة "مْعلمي" كناوة، وصولاً إلى منصة مولاي الحسن، حيث كان الموعد مع حفل موسيقي من فقرتين، جاءت الأولى مزجاً موسيقياً بين حميد القصري، صاحب المنجز الموسيقي الكناوي الكبير، وفرقة باكالاما السنغالية، دفعا الجمهور إلى نشوة إيقاعية عبر قوة الطبول وطاقة الرقص، فيما شهدت الثانية مشاركة المغربية عبير العابد والسنغالية كيا لوم.

وجسد حفل الافتتاح روح المهرجان عبر ثلاثية "توارث، جرأة وتقاسم"، ومثل فرصة للقاء أصوات وتقاليد وإيقاعات نابضة بالحياة، تحاورت فيها "كناوة" مع نغمات غرب أفريقيا، والتأثيرات الحضرية المعاصرة.
ويقول المنظمون إن المهرجان يمثل دعوة للإيمان بقوة الثقافة في بناء جسور مستدامة بين الشعوب، كما يمثل مغامرة جماعية تقودها روح الشباب وتغذيها عملية التوارث، وتشكلها الجرأة.
بالنسبة للتازي، يؤكد مهرجان "كناوة"، اليوم، وأكثر من أي وقت مضى، ومع تغير الحدود وإعادة تشكيل الهويات، على رسالته، المتمثلة في جعل التمازج محرّكاً للإبداع، والذاكرة أداة للتحول، والثقافة فضاءً للالتزام؛ إذ تُترجم هذه الطموحات إلى أعمال ملموسة ومستدامة، في مقدمتهـا التكوين والبحث الأكاديمي.

 

عبير العابد

عبير العابد

 

ومع توالي دورات مهرجان "كناوة"، أصبحت الصويرة اليوم رمزاً حياً للثقافة الكناوية التي ليست مجرد تقليد موسيقي، بل هوية متجذرة في أزقة المدينة، تنبض في ساحاتها وتعيش في إيقاع المهرجان. فعلى مدى أكثر ربع قرن، كان المهرجان قوة دافعة في تعزيز هذا التراث وإيصاله إلى الساحة العالمية، ما جعل الصويرة عاصمة الموسيقى الكناوية عالمياً.
ولدت موسيقى "كناوة" من إرث أفريقي عريق، وظلت لفترة طويلة محصورة في ممارسات هامشية قبل أن تفرض نفسها كتراث موسيقي لا غنى عنه. ولعب مهرجان "كناوة"، منذ إطلاقه، دوراً حاسماً في هذا الاعتراف، حيث قدّم للمْعلمين، وهم حملة الموسيقى الكناوية، منصة عالمية واسعة.

لكن المهرجان يتجاوز كونه مجرد حدث موسيقي؛ فهو رمز للانفتاح، ومحرك للتنمية، وتراث حي يستمر في التألق خارج حدود المغرب. من خلال استقطابه فنانين ومفكرين من جميع أنحاء العالم، جعل من الصويرة ملتقى ثقافياً عالمياً، تتقاطع فيهالتأثيرات الموسيقية والفكرية وتثري بعضها البعض.
ولم يقتصر تأثير المهرجان على المشهد الفني فحسب، بل ساهم في إحياء اقتصاد المدينة وسياحتها، مستقطباً آلاف الزوار سنوياً، ما عزز النشاط المحلي ورسّخ مكانة الصويرة كوجهة ثقافية لا مثيل لها. وكنتيجة لهذا الزخم، انضمت المدينة في 2020 إلى شبكة المدن الإبداعية التابعة لليونسكو، اعترافاً بالتزامها بالثقافة وإشعاعها الدولي.

 

حميد القصري

حميد القصري

 

ولا تكتفي الصويرة بكونها مهد ثقافة "كناوة"، بل تجسد نموذجًاتصبح من خلاله الثقافة أداة للتحول الاجتماعي والاقتصادي، وجسرًا بين الموسيقى التقليدية والمعاصرة، وفضاءً للحرية والحوار.
ويجمع المهرجان، في كل عام، في قلب مدينة الصويرة، فنانين مشهورين ومواهب صاعدة في أجواء نابضة بالحياة ودافئة. ومن خلال مزجٍ غير مسبوق وتعاون موسيقي رفيع المستوى، تتلاقى الإيقاعات الكناوية الساحرة مع أنماط موسيقية متنوعة مثل الجاز، والبلوز، والروك، والريغي، والموسيقى التقليدية، لتولد لحظات موسيقية استثنائية. وشهدت منصات المهرجان، منذ إطلاقه، مشاركة أساطير مثل بات ميثيني، ماركوس ميلر، جو زاوينول، وماسيو باركر، الذين ساهموا في منح هذه الموسيقى العريقة بعدًا عالمياً.

 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق