عندما نتحدث عن تغذية الأطفال، فإن البروتين يأتي في مقدمة العناصر الأساسية لنموهم وتطورهم البدني والعقلي. ومع تزايد الاهتمام بالأنظمة الغذائية النباتية حول العالم، تبرز تساؤلات كثيرة لدى الأهل حول مدى كفاءة البروتين النباتي في تلبية احتياجات أطفالهم. فهل يستطيع أن يحل محل البروتين الحيواني؟ وما هي الفروقات الجوهرية بينهما؟

البروتينات النباتية مقابل الحيوانية: ما الفرق في التأثير على الأطفال؟

كشفت دراسة حديثة أجراها فريق بحثي من جامعة سيدني أن البروتين الحيواني يوفر مزايا بقاء ملحوظة للأطفال الصغار، مقارنة بالبروتين النباتي. يعود هذا الفرق إلى التركيبة الكاملة للأحماض الأمينية الموجودة في اللحوم ومنتجات الألبان، والتي تكون أسهل امتصاصًا وتوفر عناصر حيوية مثل الحديد والزنك، التي تدعم النمو وتعزز جهاز المناعة.

فإن البلدان التي تحتوي إمداداتها الغذائية على نسب أعلى من البروتين الحيواني تشهد معدلات بقاء أعلى لدى الأطفال، مقارنة بتلك التي تعتمد بشكل أساسي على مصادر نباتية للبروتين.

فوائد البروتين النباتي: هل هي مهمة على المدى الطويل؟

على الجانب الآخر، أوضحت الدراسة أن البالغين الذين تزيد أعمارهم عن 60 عامًا يستفيدون بشكل أكبر من البروتينات النباتية، مما يُشير إلى أن المرحلة العمرية تلعب دورًا كبيرًا في تحديد نوع البروتين الأنسب. حيث إن كبار السن في الدول التي تسود فيها الأنظمة الغذائية النباتية يعيشون لفترات أطول، مستفيدين من الخصائص الوقائية لمصادر البروتين النباتي.

هذا التباين في التأثير يعكس ضرورة تخصيص التوصيات الغذائية حسب المرحلة العمرية، خاصة في ظل توجه العالم نحو نظم غذائية أكثر استدامة وأقل اعتمادًا على المنتجات الحيوانية.

متى يكون البروتين النباتي كافيًا للأطفال؟

رغم أن البروتين الحيواني يُعتبر الأفضل للأطفال الصغار من حيث دعم النمو والنجاة، إلا أن البروتين النباتي يمكن أن يكون خيارًا جيدًا إذا تم تنويعه ومزجه بذكاء. يحتاج الأطفال النباتيون إلى استهلاك مجموعة واسعة من البقوليات، والحبوب الكاملة، والمكسرات، والبذور لضمان حصولهم على جميع الأحماض الأمينية الأساسية.

كذلك، من المهم توفير مكملات أو أطعمة مدعّمة تحتوي على الحديد، الزنك، وفيتامين B12، وهي عناصر غالبًا ما تكون أقل في الأنظمة النباتية، لكنها ضرورية لنمو الدماغ والجسم.

التوصيات العلمية للأهل والمربين

إذا كان طفلك يتبع نظامًا نباتيًا، تأكد من حصوله على بروتين متكامل من مصادر متعددة. استشر طبيب أطفال أو أخصائي تغذية قبل فرض أي نظام غذائي نباتي صارم على طفلك. احرص على فحوصات دورية للحديد والزنك وفيتامين B12 لتجنب أي نقص يؤثر على الصحة. لا مانع من دمج مصادر حيوانية عالية الجودة بكميات معتدلة لتوفير توازن غذائي أفضل.

 البروتين الأمثل للأطفال يعتمد على العمر والاحتياجات الصحية

تؤكد الأبحاث الحديثة أن البروتين الحيواني ما زال الخيار الأفضل للأطفال في المراحل العمرية المبكرة، لما له من فوائد في تعزيز النمو وتقوية المناعة. أما البروتين النباتي، فرغم فوائده في المراحل المتقدمة من العمر، إلا أنه يتطلب تخطيطًا غذائيًا دقيقًا لضمان تلبية الاحتياجات اليومية للأطفال.

من المهم أن ننتقل من مفهوم “مقاس واحد يناسب الجميع” في التغذية، إلى نهج فردي يستند إلى العمر، الحالة الصحية، والنمط الحياتي. وبهذا يمكننا توفير نظام غذائي متوازن يُحقق أفضل النتائج على المدى القصير والطويل.