في وقت يتزايد فيه البحث عن علاجات طبيعية للأمراض المزمنة، يبرز "الكركمين" — المركب النشط في الكركم — كأحد أبرز الحلول الواعدة التي تقدمها الطبيعة. فقد كشفت دراسات حديثة عن فعالية هذا المركب في الوقاية والعلاج من الالتهابات العصبية، الاضطرابات الأيضية، ومجموعة من الأمراض المزمنة التي تثقل كاهل الإنسان المعاصر.

اللون الأصفر الذي يحمل أسرار الشفاء

الكركمين، الذي يمنح الكركم لونه الأصفر المميز، ليس مجرد صبغة طبيعية، بل يمتلك خصائص كيميائية استثنائية تخوله العمل كمضاد قوي للالتهاب ومضاد للأكسدة. ويقوم هذا المركب بتعطيل المسارات الالتهابية داخل الجسم، مهدئًا بذلك الآلام المزمنة المرتبطة بعدة حالات صحية.

من مواجهة السمنة إلى دعم مرضى السكري

تُظهر الأبحاث أن الكركمين قادر على تحسين حساسية الجسم تجاه الإنسولين، وتعزيز عملية الأيض وحرق الدهون، ما يجعله علاجًا واعدًا للسمنة والسكري من النوع الثاني — وهما من أبرز التحديات الصحية في العصر الحديث.

حارس للكبد ومهندس للقلب

ولا تتوقف فوائد الكركمين عند هذا الحد، إذ يمتد تأثيره ليشمل حماية الأعضاء الحيوية، وفي مقدمتها الكبد، الذي يحميه الكركمين من تراكم الدهون وتلف الخلايا. أما على مستوى القلب، فيعمل المركب على تنظيم مستويات الدهون في الدم، ما يساهم في تقليل خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية.

رحلة علاجية تبدأ من الأمعاء

يبدأ الكركمين رحلته العلاجية من الأمعاء، حيث يتم امتصاصه، لينتقل عبر الدورة الدموية ويوزع فوائده على مختلف أعضاء الجسم. ويوصي الخبراء بتناوله مع الفلفل الأسود، الذي يحتوي على مادة "بيبيرين"، لتعزيز امتصاصه الحيوي داخل الجسم.

نتائج سريرية تفتح آفاقًا جديدة

في تجارب سريرية أجريت على مرضى الكبد الدهني غير الكحولي، ساهم تناول 80 ملغ يوميًا من الكركمين لمدة 3 أشهر في تقليل المؤشرات الالتهابية بشكل ملحوظ، بما في ذلك بروتين CRP وعوامل الالتهاب TNF-α وIL-6.

أما مرضى السكري من النوع الثاني، فقد أظهروا تحسنًا في حساسية الإنسولين وانخفاضًا في مستويات الدهون الحرة بعد استخدام 300 ملغ من الكركمينويد يوميًا. وفي تجربة لافتة، شهد مرضى يعانون من السمنة والسكري والاكتئاب، والذين تناولوا 1500 ملغ يوميًا لمدة عام، تحسنًا ملحوظًا في أعراض الاكتئاب، ما يؤكد قدرة الكركمين على التأثير في الصحة النفسية أيضًا.

الاستمرارية قبل الجرعة.. ومشورة الطبيب أولًا

يشدد الباحثون على أن الفعالية العلاجية للكركمين تعتمد على الاستخدام المنتظم أكثر من الجرعة العالية، مع ضرورة استشارة الطبيب، خصوصًا لمن يتناولون أدوية قد تتفاعل مع هذا المركب.

الطبيعة تقدم.. والوعي يقرر

في زمن تكثر فيه الحلول الكيميائية، يُعيد الكركمين تذكيرنا بأن الطبيعة ما زالت تحتفظ بأسرارها. فالمركب الموجود في أحد توابل المطبخ الشرقي، قد يكون مفتاحًا لتحسين جودة الحياة والوقاية من أمراض متعددة، شرط أن نستخدمه بوعي وانتظام.

للمزيد تابع

خليجيون نيوز على: فيسبوك | إكس | يوتيوب | إنستغرام | تيك توك