عدنان القصّار شخصيّة لبنانيّة تجاوزت بأبعادها حدود الوطن - تكنو بلس

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
عدنان القصّار شخصيّة لبنانيّة تجاوزت بأبعادها حدود الوطن - تكنو بلس, اليوم الأحد 4 مايو 2025 01:18 مساءً

*جورج أبي صالح

 

عدنان القصّار شخصيّةٍ لبنانية،عربية ودولية مميَّزة؛ شخصيّةٍ متعدّدةِ الخصال والعطاءات، وذاتِ مساهماتٍ خيّرة ومتنوّعة في أكثر من حقلٍ وقطاع. وبرحيله، يخسر لبنان واحداً من أبرز رجالاتِ السياسةِ والأعمالِ والمصارف في آن.

 

فقد لعبتْ غرفةُ بيروت وجبل لبنان طوال ثلاثةِ عقود ونيّف، برئاسة الأستاذ عدنان القصار، دوراً محورياً في تعبئةِ جهودِ مختلفِ الهيئاتِ الإقتصادية الزراعية والصناعية والتجارية والخدماتية، وفي توفيرِ الظروفِ المؤاتيةِ للتعاونِ والتشاورِ وتوحيدِ الرؤيةِ والموقف إزاء القضايا الوطنيةِ الهامة، ولا سيّما إزاء شؤونِ الإقتصاد اللبناني وشجونه. ونظراً للخبرةِ الكبيرة التي راكمها الأستاذ عدنان القصار، ولمزاياه القيادية البارزة، فقد أجمع اتّحادُ الغرف في لبنان، ومن ثمّ الهيئاتُ الإقتصادية كافةً على اختياره رئيساً لها، وتمَّ تجديدُ الثقةِ بشخصِه ألمرَّةّ  تلو المرّة  ليستمرَّ في تولّي هاتين الرئاستين.

 

وطوال رئاسةِ الأستاذ عدنان، حافظتْ الهيئاتُ الإقتصادية في لبنان، على روحِ التعاضدِ والتكافل، وعاشت مكوِّناتُها جميعاً في بوتقةٍ واحدة في ظلّ رئاسةٍ حاضنةٍ للجميع، حريصةٍ على الوحدةِ والتشاورِ الدائم، وعلى التطلّعِ باستمرار الى مصلحةِ الوطن العليا، بمعزلٍ عن الطروحاتِ الغوغائيّةِ والشعبويّة، متجاوزةً كلَّ الإعتباراتِ الطائفيةِ والحزبيةِ والمناطقية التي كانت ولا تزال تشكّلُ أبرزَ العقباتِ أمام تقدّمِ لبنان وازدهارِه ورفاهيةِ شعبِه.

 

وكان من الطبيعي أن ينتقلَ هذا التقديرُ لشخصِ عدنان القصار من المستوى اللبناني الى المستويَيْن العربي والدولي، فجاء انتخابُه رئيساً لإتحادِ الغرفِ العربية ومن ثمَّ لغرفةِ التجارة الدولية تتويجاً لمسيرةِ الرجل واعترافاً إقليمياً وعالمياً بمزاياه القيادية. وقد سخَّر القصّار شبكةَ العلاقات العربية والدولية الواسعة التي نسجها طوال مساره هذا في خدمةِ لبنان واللبنانيّين، ولا سيّما قطاعِ الأعمال بمختلفِ مكوِّناته، بحيث كانت مكانةُ الرجل وموقعُهُ موضوعتين بتصرّفِ وطنِه وأهلِ بلدِه، الى جانب قيامِه بواجباتِ المناصب التي اضطلعَ بها بكلّ جِدٍّ وجدارة.

 

فقد اتّسم أداء القصّار في مواقعه كافةً بنهج التعقّل والاعتدال والحرص على التوافق بين شركاء الإنتاج من جهة، وبين مختلف مكوّنات الأسرة الاقتصادية، من جهة أخرى. " فالرئيس عدنان" الذي لعب لفترة وجيزة دوراً سياسياً علنياً ومباشراً من خلال تولّيه وزارة الإقتصاد والتجارة، شارك بفعاليّة، وفي الخفاءِ أحياناً كثيرة، في صنعِ العديدِ من القراراتِ السياسيةِ والاقتصادية طوال عقود، الى جانب دوره الريادي والطليعي في قيادةِ اتّحاداتِ الغرفِ في لبنان والعالم العربي، وحتى على المستوى العالمي من خلال قيادة غرفة التجارة الدولية، غير أن عدنان القصّار المصرفي ظلّ محلّياً الوجه الطاغي لهذه الشخصيّة المتعدّدة الأبعاد. 

 

فمنذ العام 1980، دخلَ عدنان القصار وشقيقُه عادل، أحدُ الرؤساء السابقين لجمعية مصارف لبنان، نادي أصحاب المصارف بتملُّكِهما أكثرية أسهمِ " فرنسبنك" المتولّدِ عن اندماجِ بنك صبّاغ والبنك الفرنسي للشرق الأوسط. ومنذ ذلك التاريخ، لا يزال فرنسبنك يُنتخب عضواً في مجلس إدارة الجمعيّة. وقد لعب في أيّام العـزّ دوراً ناشطاً في تمويلِ الإقتصادِ اللبناني بقطاعَـيْه العام والخاص، كما في ربطِ لبنان المقيم بلبنان المغترب، وفي تأمينِ تدفّقاتٍ مالية الى البلد والمساهمةِ في تعزيزِ الإستثماراتِ الأجنبيةِ المباشرة فيه.

 

عدنان القصار (وكالات).

عدنان القصار (وكالات).

 

فقد  شكّلُ الرئيس عدنان القصّار على صعيد القطاعِ المصرفي اللبناني، مرجعيّةً ذاتَ وزنٍ مرجِّح، وذاتَ موثوقيّةٍ عالية، بحيث كان طلبُ مشورتِها ودعمِها ركيزةً أساسيّةً لنجاحِ كلِّ موقفٍ أو تحرّكٍ يمسُّ الإقتصادَ اللبناني بعامّة والأسرةَ المصرفيَّةَ بوجه خاص.  

 

عدنان القصار كان رجلاً فذّاً يتمتَّعُ بحسِّ الأعمال وحُسنِ القيادة، وبالحنكة والحكمة، وباللباقة واللطافة، حافزُهُ الأساسي في كلِّ ما يعملُ له التعلّقُ الشديد بلبنان والحرصُ الأكيد على استقرارِه ونموِّه، وقد وظّفَ ما يملكُهُ من رصيدٍ شخصي، عربياً ودولياً، في خدمةِ وطنِه ومجتمعِه.

 

عدنان القصار كان متعلّقٌاً بلبنانيّتِه، متمسّكٌاً بلبنان الرسالة، ساعٍياً بلا كلل الى تمتين وحدةِ اللبنانيّين وتعميم لغةِ الحوارِ والتفاهمِ والتوافقِ، والى ترسيخِ وتوثيقِ عُـرى المودّةِ والصداقةِ مع الأشقّاءِ العرب وخدمةِ مصالحِهم في المحافلِ الدولية. 

 

هو واحد من المصرفيّين اللبنانيّين الرياديّين الذين بنوا سمعة لبنان المصرفية البهيّة، وأكسب وطن الأرز مكانةً اقتصادية تفوق حجمه الجغرافي والديموغرافي، فاكتسبت شخصيّته بُعداً تجاوز حدود الوطن الصغير... في غيابه، يخلّف القدوةَ وطيبَ الذكرى، فلروحه الرحمة. 

*مدير الإعلام والعلاقات العامة في جمعية مصارف لبنان سابقاً

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق