دينا الحسيني تكتب: 30يونيو: الثورة التي أنقذت مصر من أن تكون ساحة لصراع الآخرين - تكنو بلس

صوت الامة 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
دينا الحسيني تكتب: 30يونيو: الثورة التي أنقذت مصر من أن تكون ساحة لصراع الآخرين - تكنو بلس, اليوم الأربعاء 18 يونيو 2025 07:15 مساءً

في الوقت الذي انفجرت فيه المنطقة العربية منذ أكثر من عقد، ودخلت كثير من دولها في دوامة الفوضى، والحروب الأهلية، والصراعات الإقليمية بالوكالة، كانت مصر تسير في اتجاه مختلف، اتخذته بإرادة شعبية واضحة يوم 30 يونيو 2013.

فبينما وقعت دول كبرى في فخ الجماعات والتنظيمات المدعومة من الخارج، وتحولت إلى ساحات صراع بين قوى إقليمية تتصارع على النفوذ، أدرك المصريون مبكرًا أن الدولة، بكل ما تمثله من مؤسسات وهوية وطنية واستقرار، لا يمكن أن تدار بمنطق الجماعة، ولا أن تُسلم لمشروع عابر للحدود.

شهد الإقليم منذ عام 2011 تحولات عميقة، سقطت خلالها عواصم عريقة، وتفككت دول، وانهارت جيوش، وتحولت مجتمعات كاملة إلى ركام. وتدريجيًا، أصبحت بلدان عربية كثيرة ساحات لصراعات دولية بالوكالة، تديرها تنظيمات غير نظامية، وجماعات أيديولوجية، مدعومة من قوى إقليمية كبرى.

تحركت إيران عبر وكلائها في أكثر من ساحة، واحتفظت إسرائيل بخيارات التفتيت وإضعاف الخصوم من الداخل. وفي كلا الحالتين، تم استبدال الدولة بالجماعة، والسيادة الوطنية بالمصالح الطائفية، والشعب بأجندات لا تمثله.

وما بدا في البداية أداةً لتعزيز النفوذ، أصبح مع الوقت عبئًا استراتيجيًا. الجماعات التي رُوج لها بوصفها «قوى مقاومة» أو «ثورات شعبية» تبين لاحقًا أنها ليست سوى أدوات تخريب، جرت أوطانها إلى حروب داخلية مدمرة، وأسست لخرائط سياسية جديدة، لا تقوم على المصالح الوطنية بل على الولاءات العابرة.

في ظل هذا المشهد المعقد، تبرز ثورة 30 يونيو باعتبارها نقطة تحول مفصلية ليس فقط في تاريخ مصر، بل في مسار المنطقة بأكملها. فبينما كانت الجماعة الحاكمة في مصر وقتها تمضي بخطى حثيثة نحو تفكيك مؤسسات الدولة، وإدخال مصر في نفق الاستقطاب الطائفي والسياسي، خرج ملايين المصريين ليقولوا لا.لا لسيطرة الجماعة. لا لتفريغ الدولة من مضمونها. لا لأن تكون مصر مسرحًا لصراعات الغير.

لم يكن ما جرى في 30 يونيو مجرد إسقاط لحكم سياسي، بل كان إسقاطًا لمشروع إقليمي كامل، كانت فيه مصر واحدة من أهم حلقاته. المشروع الذي أراد تحويل المجتمعات إلى فراغات تُملأ بالميليشيات، وتُدار من الخارج، وتتحرك فيها الولاءات لا المؤسسات.

وكان واضحًا أن استمرار الجماعة في الحكم كان يعني تفكيك الدولة المصرية كما حدث في سوريا والعراق واليمن وليبيا. لكن المصريين أدركوا الخطر مبكرًا، فاستعادوا دولتهم. اليوم، وبعد أكثر من عشر سنوات على هذه اللحظة الفارقة، تتضح الصورة أكثر من أي وقت مضى.

الدول التي سلمت قرارها لتنظيمات مسلحة، أو استبدلت الجيوش النظامية بميليشيات، أو راهنت على جماعات دينية كبديل للدولة، تعيش اليوم في أزمات مستمرة: حروب لا تنتهي، اقتصادات منهارة، شعوب مشردة، وسيادات منتهكة، وحتى القوى الكبرى التي كانت تراهن على هذه الجماعات، تجد نفسها اليوم محاصرة بتبعات خياراتها كإيران وإسرائيل.

الرسالة أصبحت واضحة: من أراد الاستقرار، فعليه بالدولة. ومن أراد الأمن، فطريقه المؤسسات لا الفوضى. ومن ظن أن الجماعة قد تبني وطنًا، خسر الوطن، وخسر الجماعة، ولأن مصر قطعت هذا الطريق مبكرًا، فهي اليوم أكثر تماسكًا، وأكثر قدرة على الصمود في وجه التحديات. لا لأنها بلا أزمات، ولكن لأنها لم تُسلِّم نفسها لمشاريع الآخرين، ولم ترضَ بأن تكون ساحة لتصفية حساباتهم.

من ليبيا إلى اليمن، ومن سوريا إلى غزة، لا تزال الحروب مشتعلة، والخرائط مبهمة، والمستقبل غامض، لكن مصر بقيت على الطريق. لم تنكسر، ولم تتفكك، ولم تتورط. فقط لأنها أدركت مبكرًا أن الدولة لا تُختصر في جماعة، ولا يُستبدل بها تنظيم. ولأنها فعلت ذلك، أصبحت قادرة على أن تبني، وتتحرك، وتؤثر.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق