نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
التحوّل في الضربات الإيرانية للأهداف الإسرائيلية: هل تدفع ترامب إلى تسريع انضمامه إلى الحرب؟ - تكنو بلس, اليوم الجمعة 20 يونيو 2025 08:34 صباحاً
تصاعد الضربات المتبادلة في "حرب المدن" بين إيران وإسرائيل والخسائر المتزايدة الناجمة عنها، يعني أن هذه الحرب قد دخلت طوراً أشدّ إيلاماً للجانبين. ويثور هنا سؤالان ملحّان: أيٌّ من الجانبين يمتلك القدرة على التحمّل أكثر؟ وهل يدفع ذلك نحو توسيع الحرب، أو بالأحرى إلى تسريع الرئيس الأميركي دونالد ترامب حسم قراره بالتدخل من عدمه؟
من المؤكد أن إسرائيل كانت تأمل بحرب خاطفة، بعدما نجحت في تصفية قادة الحرس الثوري والجيش والاستخبارات في إيران في اليوم الأول من بدء الهجمات، ومن ثم التوجّه لضرب المنشآت النووية الإيرانية. نفذت إسرائيل بتطبيق أسلوب "الصدمة والرعب"، والأمل يحدوها بأن يساعدها ترامب في تدمير منشأة فوردو الأكثر تحصيناً قرب مدينة قم. بعد ذلك تنشأ تداعيات في الداخل الإيراني تقود إلى تغيير النظام.
لم تسر الأحداث كلها بالطريقة المخطّط لها. النقطة المهمّة التي لم تتنبّه لها إسرائيل، هي أن السيطرة على الأجواء الإيرانية وحرية تحرّك المقاتلات الإسرائيلية في الوصول إلى أيّ هدف في إيران، لا تكفي وحدها لإسقاط النظام. أميركا لم تسقط صدام حسين في العراق إلا بغزو برّي عام 2003، بعد حصار خانق استمر منذ 1991.
ما قد يكون جديراً بالذكر في هذا السياق، هو أن إسرائيل نفذت عمليات أمنية ناجحة وحققت خرقاً استخباراتياً واسعاً، مكّنها من قتل رموز عسكرية وأمنية وعلماء وتخريب منشآت نووية. لكن إسقاط النظام، على ما تدلّ التجارب، يتطلب غزواً برّياً واسعاً، لا قِبلَ لإسرائيل وحدها بتحمّله أو القدرة عليه.

دمار في موقع هجوم صاروخي إيراني في رامات. (ا ف ب)
الاستنتاج المنطقي هنا، يفترض أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو كان يعوّل منذ أطلق شرارة الحرب، على أن ترامب لن يتأخر في الانضمام إليه تحت ضغط دعاة الحرب في إدارته، وأنه لن يترك إسرائيل أسبوعاً كاملاً تحت وابل الصواريخ الإيرانية، التي يقول وزير الأمن الإسرائيلي إيتمار بن غفير، إن الحكومة الإسرائيلية فوجئت بقدرتها على إحداث هذا الكمّ من الدمار.
هذا لم يحصل في الضربتين الإيرانيتين العام الماضي، حيث كانت الصواريخ قليلة الفاعلية وتمكنت المنظومات الاعتراضية الإسرائيلية من إسقاطها بسهولة، وحتى الصواريخ التي أفلتت من الاعتراضات، كانت تأثيراتها محدودة. هل قلّدت طهران تل أبيب في ممارسة الخداع الاستراتيجي، أم كانت لديها حسابات أخرى؟
بعض التفسير وليس كله، يكمن في أن النظام الإيراني يخوض الآن معركة البقاء، ولذلك يستخدم أسلحة أكثر فاعلية، لعلّه بذلك يرفع كلفة الحرب على إسرائيل، أو يجعل نتنياهو يعيد حساباته لجهة أهداف الحرب.
نعود إلى المسألة الأساسية. "الصباح العصيب"، بحسب تعبير زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد، الذي استفاقت عليه إسرائيل أمس، هل يعجّل بانضمام ترامب إلى الحرب، ليبدو في صورة "المنقذ" لإسرائيل من الدمار؟
عوّدنا ترامب في الأيام الأخيرة على قول الشيء ونقيضه. الاثنين، دعا سكّان طهران إلى الخروج منها، والأربعاء امتدح الإيرانيين وقال إنهم أذكياء وهو يعرف الكثير منهم شخصياً، وإنه لا تزال ثمّة فرصة، ولو محدودة، للديبلوماسية.
ربما كان يتحدث عن الاجتماع المزمع الجمعة (اليوم) بين مسؤولين إيرانيين ومسؤولين من الترويكا الأوروبية، التي تضمّ فرنسا وبريطانيا وألمانيا في جنيف. ثمّ تسرّبت أنباء عن أن الاتصالات لم تنقطع حتى بعد الحرب، بين المبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف ووزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي.
لا شك في أن ترامب يقلّب المسألة على كافة وجوهها. هو لا يمانع بضربة خاطفة لمفاعل فوردو، إن كان ذلك من شأنه إقناع إسرائيل بوضع حدّ للحرب، وترك الباقي للديبلوماسية. لكن نتنياهو غير مقتنع بأن إيران لن تستأنف عمليات تخصيب اليورانيوم، بطريقة ما، ما بقي النظام الحالي، وإن بصورة ضعيفة على شاكلة نظام صدام بعد 1991، وفق ما تنبّأت صحيفة "الفايننشال تايمز" البريطانية.
إن ما يسعى ترامب إلى تفاديه، هو الدخول في حرب عنوانها إسقاط النظام (إن اغتيال مرشد الجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي وفق ما تهدّد إسرائيل، قد لا يكون كافياً لإسقاط النظام بكامله). وقد يستلزم ذلك من أميركا أكثر من القصف الجوّي، واحتمال الانزلاق مجدّداً إلى "حرب أبدية". كيف سينظر عندها ترامب في عينَي جورج دبليو بوش؟!
0 تعليق